يقول لورانس هاس مدير المعلومات السايق لنائب الرئيس آل جور (بالتيمور صن): "إن دولة خارجة عن القانون مثل إيران يمكن أن تسلم السلاح النووي إلى إرهابيين ، وكلما إنتظر الرئيس بوش كلما أصبح مواجهة طموحاتها مهمة أصعب . إن إيران مشكلة أكبر من أن نتجاهلها مهما كانت صعوبة الترويج لمهمة التعامل معها . إن أميركا لا تملك أن تسمح بوجود إيران نووية. طوال ربع القرن الماضي وإيران في حالة حرب مع الولاياتالمتحدة ، وهي أنشط الداعمين للإرهاب في العالم . هي التي تمول حزب الله المسئول عن تفجير مبنى المارينز في بيروت عام 83. وهي تقف وراء تفجير أبراج الخبر في السعودية عام 96، وتثير القلاقل في أفغانستان والعراق ، ويتحدث قادتها عن محو الولاياتالمتحدة من الوجود ، ويتعهدون بتدمير إسرائيل عن طريق هجوم نووي . وقامت الولاياتالمتحدة بطرد مسئولين إيرانيين يعملون بالأمم المتحدة بسبب قيامهم بتصوير أهداف في نيويورك كي يقوم الإرهابيون باستهدافها. إن الرئيس الذي تقوم إستراتيجيته الأمنية على إجهاض التهديدات المحتملة بالقوة العسكرية يعتمد على ترويكا أوربية لمساعدته. إن إحتمالات نجاح الترويكا منخفضة بدرجة مضحكة. لقد وضع الرئيس الحرب على الإرهاب على رأس أولوياته ، والاختبار الحقيقي لقيادته ليس فيما يفعله بالأمن الاجتماعي والقضايا الأخرى الداخلية. ولكن قيادته تظهر في مواجهة الأزمة الحقيقية التي تواجه أمن أميركا ، وضرورة إتخاذ إجراء بشأنها قبل فوات الأوان." هذا التحريض المسعور على إيران ، وما صاحبه من أكاذيب فجة ، والمنشور في صحيفة محترمة هو نموذج لما سيظهر بصورة متكررة ومتزايدة في وسائل الإعلام الأمريكية خلال الشهور القادمة ، ودليل على إصرار عصابة واشنطن الصهيونية على إشعال حرب مدمرة ضد إيران . ولتسويق الحرب أيضا ، يجري حاليا الضرب على فوائد الحربين السابقتين ضد فلسطين والعراق. بالنسبة للحرب الأولى كتب ستيفن بلوتزكر في (يديعوت أحرونوت) وجوناثان تشيت في (لوس أنجلوس تايمز) وتشارلز كراوتهامر في (الواشنطن بوست) وغيرهم ما معناه أن شارون قاتل عرفات أربعة سنوات وانتصر، ولولا إنتصاره لما عقد أي زعيم عربي قمة معه ولما دعاه إلى بلاده كما فعل الرئيس المصري . ولولا قسوة شارون مع العرب الذين لا يفهمون إلا القوة لما ضغطوا على الفلسطينيين لوقف إطلاق النار، ولما أعادوا سفراءهم إلى تل أبيب وبدأوا في إجراءات التطبيع ، ولما جرت إنتخابات حرة جاءت بسلطة فلسطينية أكثر اعتدالا. أما حرب العراق التي عارضها الملايين وحذروا من عواقبها، فقد أكدت مدى الفائدة التي جنتها الإنسانية من صلابة إدارتيّ بوش وبلير بإصرارهما على إسقاط نظام صدام ، حيث أدى ذلك إلى إنتشار عدوى الحرية في العالم العربي الذي ظل عقودا محصنا ضد الديمقراطية إلى أن جاء رواد السلام المحافظون الجدد بتأكيدهم على ضرورة جعل العراق نموذجا للديمقراطية تحتذي به باقي شعوب العرب . وهاهي الحرية تنتشر في فلسطين ولبنان ومصر وقريبا سوريا. وهانحن نرى ربيع بيروت على غرار "ربيع براج" ، وسقوط حائط القاهرة على غرار "سقوط حائط برلين" ، وثورة بوش التي انطلقت بإلقائه "حجر العراق في المستنقع العربي فانتشرت موجات التغيير لتحرك مياه العرب الراكدة" ، و"جنية الحرية التي أطلقها العراق من قمقم" الطغيان العربي. يقول دافيد أرانوفيتش (الأوبزرفر) "علينا ألا نتساءل عن شرعية حرب العراق ، وإنما عن فوائدها" ، وماكس بوت (لوس أنجلوس تايمز) "ألم نقل لكم .." ، ودافيد إجناتيوس (واشنطن بوست) "هاهي قطع الدومينو تتساقط تباعا". بالطبع كل ما سبق هراء ، ولكن هذا هو الهراء الذي يجري نشره وتكراره اليوم في صحف بريطانيا والولاياتالمتحدة وإسرائيل (مارك ستاين في جيروزالم بوست وكون كوفلين في التلجراف وجوناثان فريدلاند في الجارديان وغيرهم) بأساليب مقنعة على ضوء ما جرى من إنتخابات في فلسطين والعراق ، والإنسحاب السوري من لبنان والتعديل الدستوري المخنث في مصر، و"إنتخابات" الرئاسة الهزلية وسيرك النفاق الذي نصب لها في الصحافة "القومية". [email protected]