لكَم كانت كلمته مفزعة بالنسبة لى "سخرية الناس" شعرت وقتها أننا نحتاج للكثير حتى نجيد مثل هذا الفن وهذا الأدب فن النصيحة.. البعض للأسف لا يقبل من يحاول.. من يريد أن يتعلم جديدا.. لماذا لا نقبل الخطأ من الغير.. نرى البعض لا يملك إلا سخرية واستهزاء من هذه المحاولات.. وينسى أن الخطأ ما هو إلا سلوك بشرى، لابد أن يقع فيه الإنسان صغيراً كان أو كبيراً، حكيماً كان أو جاهلاً.. لابد أن نقبل الخطأ ودورنا أن نعالجه بحكمة وروية مع حفظ ماء وجه من يُخطأ.. أتذكر معى يا من جمعتنى بك السطور هذا الذى جاء ليطلب مطلباً هو كارثة بكل ما تحملها الكلمة.. جاء طالباً الإذن بالزنا.. نعم الزنا.. ونعم الإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولكنه صاحب القلب الرحيم صلى الله عليه وسلم.. الذى يرى موطن الخطأ فيعالجه.. يعالجه بكل حكمة، وفطنة، وقوة، وذكاء، وصبر، وتأنٍ.. قال له مخاطباً عقله وروحه وجسده أتحبه لأمك ؟.. أتحبه لابنتك ؟.. أتحبه لأختك ؟.. فاستنكر الشاب كل هذا، وأعلن عدم رضاه عن ذلك.. دعا له صلى الله عليه وسلم " اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه"، لقد رأى الخطأ فى الرجل، وعالجه، دونما سخرية أو استحقار.. بل بكل احترام وتقدير.. والنصيحة لابد أن يكون لها أسلوبها اللائق حيث يقول أ . صلاح عمر شنكل :- " النصيحة فن من حيث إنها تُعطى فى الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب، وهى لا تأتى إلا من أخ أو صديق يهمه أمرك ويخشى عليك الهلاك، أما من يصرخون فى وجوهنا مبرزين أخطاءنا وشامتين فى حالنا مدعين أنهم نصحونا ولم نسمع، فهؤلاء لا يمكن أن نسميهم ناصحين أبداً، فالنصيحة هى الحكمة وهى ضالة المسلم، ومن ينصح بالحق وللحق فهو صادق ومحب، ومن ينصح ويعمل بالنصح فهذا يؤكد صدق نواياه". ويفرق العملاق الإمام ابن القيم بين النصيحة والتأنيب: "إن النصيحة: إحسان إلى من تنصحه بصورة الرحمة له والشفقة عليه فهو إحسان محض يصدر عن رحمة ورقة، ومراد الناصح بها وجه الله ورضاه، والإحسان إلى خلقه فيتلطف فى بذلها غاية التلطف ويتحمل أذى المنصوح ولائمته، ويعامله معاملة الطبيب العالم والمريض المشبع مرضا يحتمل سوء خلقه وشراسته ونفرته، ويتلطف فى وصول الدواء إليه بكل ممكن فهذا شأن الناصح، أما المؤنب: فهو رجل قصده التعيير والإهانة وذم من أنّبه وشتمه فى صورة النصح، فهو يقول له يا فاعل كذا وكذا، يامستحقا للذم والإهانة فى صورة ناصح مشفق، وعلامة هذا أنه لو رأى من يحبه ويحسن إليه على مثل هذا العمل أو أشر منه لم يعرض له، ولم يقل له شيئاً ويطلب له وجوه المعاذير، فإن غلب قال: وأنى ضمنت له العصمة والإنسان عرضة للخطأ، ومحاسنه أكثر من مساوئه والله غفور رحيم ونحو ذلك". وكأنى أسمع المنصوح وأنا أترك قلمى وهو يقول :- فضلاً انصحنى فى السر.. لا ترفع صوتك حتى لا يسمعك أحد.. فنصيحتك عندما تكون فى السر يكون لها تأثير كبير عليه.. ويقول الإمام الشافعى رحمه الله فى ذلك:- تعمدنى بنصحك فى انفرادى ... وجنبنى النصيحة فى الجماعة فإن النصح بين الناس نوع ... من التوبيخ لا أرضى استماعه عضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين