في هذه الفترة التي يمر بها بلدنا الحبيب مصر، نحن بحاجة إلى الوحدة والجماعة وإحسان الظن بإخواننا المسلمين، وعدم التسرع في اتهامهم والخوض في أعراضهم؛ إذ للأسف الشديد وجدنا في هذه الأيام كتابات تتعرَّى عن الأخلاق الحميدة وتسارع في اتهام الناس وإلصاق التهم بهم مستيعنة - ويا للأسف الشديد - بملفات قديمة كانت غالبا من تلفيق أعوان النظام البائد ليشوهوا بها صورة المسلمين وبخاصة الدعاة إلى الله منهم، وهذا السلوك مجافٍ تماما لهدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نهانا الله عن ذلك فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6]. فما ينبغي علينا تجاه إخوتنا المسلمين هو نصيحتهم والتماس العذر لهم، وينبغي ألا نتصيد الأخطاء لهم فهم بشر يخطئون ويصيبون، وإنما نتلمس المعاذير لهم مع النصيحة لهم، استنادا لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "الدين النصيحة - قالها ثلاثاً - قلنا: لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، وقال النبي - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح: "ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم" لا يغل عليهن أي يكن طهارة لقلبه من الغل، فلا يحتوي القلب على الغل إذا حقق هذه الخصال الثلاث "إخلاص العمل لله -عز وجل-، ومناصحة أولي الأمر، ولزوم الجماعة" والمقصود بالجماعة: لزوم الدين وما عليه جمهور المسلمين أي أن تلزم الدين فلا تبتدع ولا تحيد عن الصراط المستقيم، وأيضاً في الحديث الصحيح أن عبادة بن الصامت - رضي الله تعالى عنه- "بايع النبي - عليه الصلاة والسلام - على السمع والطاعة، وألا ينازع الأمر أهله، ثم قال: والنصح لكل مسلم" إذن: النصح لا بد أن يكون لكل مسلم، فنحن ننصحهم ونتلمس العذر فيما يقومون به ما استطعنا إلى ذلك من سبيل ما لم يكن ما يفعلونه خطأً واضحاً لا مرية فيه ولا شك، ولا بد لهذه النصيحة أن تتصف بالرفق، والسر أو الإسرار؛ وذلك بكتاب تدفعه إليهم، وإما أن تختلي بهم، وإما أن تبلغ النصيحة لمن يبلغهم هذه النصيحة هذه كلها سبل ولا بد أن تكون النصيحة بالرفق دون تغليظ ودون تعنيف. وقد أمرنا أن ننصح لله ورسوله، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة"، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم"، وقد يكون في رأيك ما خفي على غيرك، ولما جلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه يوما، وقال أتدرون ما الشجرة الطيبة، وذلك في قوله تعالى {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} فلم يستطع أحد الجواب، وكان في نفس عبدالله بن عمر أنها النخلة، ولكنه استحى أن يقول ذلك أمام كبار الصحابة رضي الله عنهم، فلما قال الرسول لأصحابه: "إنها النخلة" وانتهى المجلس، قال ابن عمر لأبيه عمر: والله يا أبتِ، لقد وقع في نفسي أنها النخلة"، فتمنى عمر أن لو كان قالها ولده في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكن أخي كالنخلة يرميها الناس بالحجر فترميهم بأطيب الثمر مستشعرًا ثواب الله في الآخرة وعظيم أجر الصابرين إن شاء الله. وإياك أن تخاصم أو تقاطع فهذا ليس من أخلاق المسلمين على الإطلاق، فصل من قطعك ولو شيئا يسيرا، المهم أن تخرج من ذنب المقاطعة والمخاصمة فتلك ليست بأخلاق المسلمين. وما أحوجنا هذه الأيام أن نفعّل خلق النصيحة الخالصة لله عز وجل، وأن نأخذ بأيدي إخواننا المخطئين لتصويب أخطائهم لا أن نشمت فيهم ونهاجمهم ونشهّر بهم، فالكلمة أمانة، وإن الرجل يقول الكلمة لا يلقي لها بالا فيهوي بها في النار سبعين خريفا، كما علمنا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. المزيد من مقالات جمال عبد الناصر