ريتشارد الأول أو ريتشارد قلب الأسد، هو أحد أشهر ملوك إنجلترا، وابن الملك هنرى الثانى، ولد بأكسفورد فى مثل هذا اليوم عام 1157م، وينحدر من الأسرة الأنجيفية والتى ترجع أصولها إلى مقاطعة أنجو فى فرنسا، بالرغم من أنه أمضى أكثر أوقات حياته خارج مملكته حيث كان اهتمامه منحصرًا فى أملاكه الفرنسية، فقد اعتبره الإنجليز بطلاً قوميًا وكتبت حول شخصيته العديد من الملاحم والقصص الأسطورية. بعد فترة قصيرة من وصوله إلى العرش خلفاً لأبيه الملك هنرى، شد ريتشارد الرحال إلى الأراضى المقدسة فى فلسطين ليقود الحملة الصليبية الثالثة، وأبدى ولعًا كبيرًا فى سفك الدماء، وارتكب أفظع المجازر الدموية ضد المدنيين العزل من المسلمين، ومن ذلك مجزرة عكا حيث قبض على المسلمين بالمدينة وكانوا نحو 3 آلاف مسلم، وقام بقتلهم فى وحشية وهمجية يوم 20 أغسطس سنة 1191م، طعنًا وضربًا بالسيف، ولم يقابل صلاح الدين الأيوبي هذه الفعلة الشنعاء بمثلها، ورفض أن يقتل من كان فى يده من أسرى الصليبيين، إلا أنه لاقى في صلاح الدين الأيوبى خصمًا عنيدًا، فبرغم أنه أحرز انتصارات فى أوروبا إلا أنه أخفق فى انتزاع بيت المقدس من أيدى المسلمين كما كان يأمل، كما بلغت مسامعه أنباء غير مطمئنة عن رغبة خصومه (ومن بينهم شقيقه جون) فى الاستيلاء على أملاكه وخلعه من العرش، فقرر "ريتشارد" العودة إلى فرنسا. اعتقله ليوبولد دوق النمسا، أثناء رحلة العودة (1192- 1194 م) بأمر من الإمبراطور الجرماني المقدس هينرش الرابع ثم أطلق سراحه فى مقابل فدية كبيرة، بعد أن استعاد ريتشارد حريته حاول أن يسترد أملاك أسرته فى الأراضى الفرنسية، التى كان الملك الفرنسى فيليب أوجست قد انتزعها أثناء غيابه. مات ريتشارد أثناء معركة بالقرب من قصر شالوس في فرنسا، ودفن قلبه في مدينة روان، لكن رأسه دفنت فى إنجلترا، وعظامه صنع منها صولجان، ودفن مع أملاكه كلها. كان للمدة الطويلة التى أمضاها الملك بعيدًا عن بلاده أثرها على السياسة فيها، فأصبح الحكم المركزي ضعيفًا فيما زادت سلطة النبلاء الإقطاعيين الكبار (البارونات)، وقد انتهت حياته بسبب سهم أصابه فى إحدى المعارك، وتوفى فى ابريل عام 1199م.