على الرغم مما تشهده مصر من أحداث سياسية تحظى بأهمية كبيرة، ويثار حولها جدل، إلا أن الفضائيات المصرية باتت منفصلة تمامًا عن الواقع الراهن، وواصلت نهجها بالابتعاد عن التعليقات السياسية، أو التعاطي مع القضايا الجادة. وانعكست تلك السياسة على نوعية الضيوف الذين يطلون عبر برامج "التوك شو"، باختيار شخصيات تشكل جدلاً على منصات شبكات التواصل الاجتماعي، كما هو الحال في اختيار المغنتي الشعبي مجدي شطة ليكون ضيف الإعلامي عمرو الليثي، مقدم برنامج "واحد من الناس" عبر قناة "النهار في حلقة جمعته مع الموسيقار حلمي بكر. ويستضيف البرنامج ذاته، الليلة، "كايا"، الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات رسائل لحبيبته "سارة"، التي تركته من أجل عامل "الألمونتال". ويستضيف أيمن مصطفى الشهير بشخصية "عدو المرأة"، ورولين وضاح الشهيرة بشخصية "أبلة فراويلة"، في مواجهة ساخنة بين الطرفين. وتتضمن الحلقة الكشف عن العديد من الأسرار التي تذاع لأول مرة عن عالم "السوشيال ميديا" ومدى التأثير الرهيب لأبطاله على الشباب، وكيف أسهمت في تحويل هؤلاء الشباب إلى نجوم يتابعهم الملايين. وكان الليثي، خلال برنامجه استضاف، الموسيقار حلمي بكر وجهًا لوجه مع المطرب الشعبي مجدي شطة الذي أثار الجدل على مواقع "السوشيال ميديا" وتحدث "شطة" عن الأزمة التي أثارها في الفترة الأخيرة، وكواليس دخوله عالم الغناء، والهجوم الذي تعرض له، فضلًا عن خلافه مع "حمو بيكا"، ورحيل ابنه "زمن". وتحدث بكر عن الحالة التي صنعها "شطة" في الفترة الأخيرة، وتأثير ما يُقدمه على الفن المصري، ودور النقابة تجاه هذه النماذج. ولم يكن الليثي أول من تطرق لهذه الموضوعات، التي تبعد عن اهتمامات غالبية المواطنين، إذ صارت غالبية البرامج الإعلامية تركز على تلك المحتويات التي تبتعد عن المحتويات السياسية. الدكتورة هدى زكريا، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وأستاذ علم الاجتماع السياسي، قالت إن "الإعلاميين يبحثون حاليًا عن الموضوعات التي تثير الجدل وتجذب الانتباه وتحدث "فرقعة إعلامية". وأضافت ل"المصريون"، أنه "في إطار تحقيق ذلك الهدف يقومون باستضافة شخصيات مثيرة للجدل على السوشيال ميديا وغيرها"، متابعة: "ما يحدث على مواقع السوشيال ميديا هو حديث إعلامي غير منظم، لذا يقوموا الإعلاميين الرسميين باستقطاب هؤلاء للحديث عبر البرامج بشكل غير منظم". عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أشارت إلى أن "نسبة المشاهدة هي التي ستحدد مدى نجاح ما يقوم به الإعلاميون، إذ أن هؤلاء يرون أن المحتوى المقدم هو المهم، غير أن نسب المشاهدة وإقبال المشاهدين هي التي ستثبت صحة معتقدهم أو خطئه". هشام قاسم، الخبير الإعلامي، قال إن "القائمين على وسائل الإعلام المختلفة يسعون حاليًا لملء ساعات البث بأية موضوعات ليست مثار جدل سياسي، تجنبًا لأية مشكلات أو أزمات في الغالب سيتعرضون لها حال التطرق إليها". وفي تصريح إلى "المصريون"، أضاف قاسم، أن "الموضوعات الحياتية التي تهم قطاع عريض من المواطنين، لا تشغل بالًا للقائمين على وسائل الإعلام، حيث أصبح جل اهتمامهم مقتصر على محتوى لا قيمة له ولا يغضب أحد". وأشار إلى أن "السياسة الحالية ترى أن حل المشكلات يكمن في عدم الخوض في القضايا السياسية، أو الإشارة إليها بأي شكل من الأشكال، ولأن التركيز عليها من وجهة نظرها سيزيد الأمور سوءًا". ولفتا إلى أنه "على الرغم من أن هذه السياسة ثبت عدم جدواها وأنه لم ينتج عنها إلا المشكلات، إلا أن هناك تصميمًا على إتباع نفس الأسلوب، بل وتقييد الحريات أكثر وتفريغ الوسائل الإعلامية من أي محتوى سياسي أو يثير اهتمام المواطنين".