من أشد البحوث رصانة التى قرأتها مؤخرًا للدكتور الشيخ صالح الحصين رئيس الحوار الوطنى السعودى ورئيس مجلس إدارة المركز الدولى للأبحاث والدراسات "مداد".. والوزير السابق، والرجل أشهد أنه من بقايا السلف الصالح فى أدبه الجم وعلمه الواسع، وزهده الصادق وورعه الطبيعى وتواضعه وأخلاقه الكريمة التى تجسدها حركاته وسكناته ويشهد بذلك كل من عايشه وعاصره وجمعته به أعمال أو مؤتمرات وندوات ولقاءات.. وسأعيشكم مقالة اليوم على ضفاف هذا البحث الرصين الذى يطرح السؤال الأكبر لماذا يبذل الغرب هذه الجهود لتحجيم البذل التطوعى الإسلامى؟ وهو يطوف بنا الشرق والغرب للوصول لإجابات مقنعة من وحى السنة وكتابات وتقرير القوم لتكون الإدانة فى أسلوب الشيخ من وجهة نظرى تسير على مبدأ السيد المسيح- عليه السلام- "من فمك أدينك". ومما جاء فى هذا البحث الرصين والمقال الجميل: "ما فتئ الخبراء منذ العقود الماضية يبدون عدم اقتناعهم بكفاية "دخل الفرد" معياراً للتقدم الحضارى، ولذلك راحوا يبحثون عن معايير أكثر دقة وصدقاً، فاتجهوا إلى المعيار "الإنسانى" الذى يعنى أنه كلما كانت البلد أنصع سجلاً فى حماية حقوق الإنسان، وأكثر اهتماماً بالمصلحة العامة و"البذل التطوعى" كلما وجب اعتبارها أكثر تقدماً فى السلّم الحضارى، ولذا اعتبروا السويد البلد الأكثر تقدمًا و رُقِيًّا فى أوربا". ويدلل الدكتور الحصين على مصداق هذا المعيار، بقوله: لو أخذنا الولاياتالمتحدةالأمريكية نموذجاً لوجدنا الإحصاءات تشير إلى أن نصيب كل 200 فرد من السكان مؤسسة واحدة غير ربحية، وأنه وفق التقديرات الأمريكية الرسمية لعام 2010 فإن من بين كل أربعة من السكان فى الولاياتالمتحدة يبذل واحد منهم فترة من عمره فى البذل التطوعى، وأن مجموع ساعات العمل التطوعى للمواطنين الأمريكيين تزيد على 8 بلايين ساعة عمل، وتظهر بعض الإحصاءات الأخرى أن دخل منظمات النفع العام فى أمريكا لعام 2010 بلغ 1.5 تريليون دولار أى ما يعادل 10% من الدخل القومى لأمريكا، وأن المنظمات الدينية تحصل على ما يزيد على 35% من مساهمة المواطنين لمنظمات النفع العام، وجزء كبير من هذه المبالغ تصرف على الدعوة فى الخارج (التنصير). وفيما يتعلق بالإنسان المسلم، فليس الأمر قاصرًا على ذلك بل نعرف أنه عندما يريد العالم المسلم أن يعبر فى كلمات موجزة عن "الإسلام" يقول مثل ما يقول الإمام ابن تيمية: "الدين كله يدور على الإخلاص للحق ورحمة الخلق"، أو كما يقول الإمام الرازى: "مجامع الطاعات: تعظيم أمر الله، والشفقة على خلق الله"، أو كما يقول الإمام الهروى عن البدايات فى علم التصوف: "إقامة أمر الله وتعظيم نهيه، والشفقة على العالم". ما تقدم فى الفقرة السابقة، وفى هذه الفقرة، يوضح مدى تجذر "البذل التطوعى" فى شخصية الإنسان المسلم.غير أن الشيخ الحصين يعرج بنا إلى أهمية البذل التطوعى فى الحضارة الإسلامية وهو يقول: ولعل من أهم آثار "أن يكون البذل التطوعى مكونًا مهمًا من مكونات شخصية المسلم" أن الحضارة الإسلامية قامت على أساس "البذل التطوعى" وقد أكسبها ذلك خصائصها التى انفردت بها عن الحضارات الأخرى ومن أهمها: أ. أنها حضارة شعبية بمعنى أنها ليست كغيرها من الحضارات من صنع الأباطرة والملوك أو القوى العسكرية والسياسية، وإنما كانت تقوم كلية - تقريبًا - على "البذل التطوعى" من جمهور المسلمين. ب. أنها حضارة إنسانية لأن الدافع لمنجزاتها دائمًا قصد البر والتقوى سواء فى مواجهة الإنسان أو الحيوان أو البيئة . ج. إنها نتيجة للأمرين كانت دائمًا تستعصى على الظروف المتغيرة من أن تكون عاملاً لانهيارها، فالتقلبات السياسية، والحروب واكتساح الغزاة للعالم الإسلامى من الصليبيين والتتار، كل هذه العوامل لم يترتب عليها انهيار الحضارة، بل ظلت باقية مستمرة العطاء. لكن ما المقصود من إيراد كل ذلك فالمقصود من إيراد ما سبق، هو التقييم الصحيح لجهود الغرب الجادة فى تحجيم البذل التطوعى فى العالم الإسلامى.. الحديث موصول فى كبسولات الغد بعون الله. *************** ◄◄ آخر الكبسولات: ◄مرسى يقرر بيع حصّته فى قناة مصر 25 = اشتراها قبل أن يصبح رئيسًا والآن يبيعها بعد أن أصبح رئيسًا وليس مثل أناس اشتروا البلد باللى فيها بعد ما أصبحوا رؤساء؟ ◄عراة وسلام عسكرى: مؤيدو الأمير هارى يتصورون دعماً له. =هؤلاء يا كرام مؤيدو الأمير هارى، المصنف ثالثًا على العرش البريطانى، و"قلعوا ملط" إظهارًا لدعمهم له من خلال عرض صورهم عراة وهم يؤدون التحية العسكرية على "فيس بوك"، وذلك بعد نشر صوره العارية بالولاياتالمتحدة.. أول مرة أعرف أن العرى يكون سلاحًا للتأييد العارى يبدو أن العرى أصبح هو لغة العصر وسلاح العصر أيضًا. دمتم بحب [email protected]