الحفناوى: تفسد الموظف تعفى المحرض من العقاب.. ويجب تعديلها حفاظًا على المجتمع عبد العزيز: تردع الموظف.. وتفتح باب التوبة للراشين المضطرين إلى الدفع لإنهاء مصالحهم عبد الله: رخصة للمجرمين.. ولابد من وضع ضوابط وقيود حجاج: ظالمة وتؤدى إلى عدم المساواة بين المتهمين فى العقاب.. وتفتح المجال للتلفيق تعالت الأصوات في الفترة الأخيرة المطالبة بإعادة النظر في المادة 107، من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تعفي الراشي من العقوبة في حالة الاعتراف بإعطاء الرشوة للمرتشي, حيث أصبحت مخرجًا لكثير من الراشين، وأدت إلى وانتشار جريمة الرشوة, أصبح وباءً يدمر المجتمع، فهي مفتاح الحصول على البراءة، وهى الثغرة القانونية التي يستفيد منها المجرمون، وتشجعهم على ارتكاب الجرائم غير عابئين بالعقوبة، ويعترفون بالجريمة علنًا، ويفتخرون بها لمعرفتهم جيدًا أن القانون سيحميهم. لذلك قامت "المصريون"، بعرض أبرز قضايا الرشوة التي تم ضبطها خلال الأيام القليلة الماضية، والتي ترتكب معتمدة على هذه الثغرة القانونية، ومنها: رئيس حى مصر القديمة أمرت النيابة العامة، بحبس رئيس حي مصر القديمة؛ لاتهامه بتلقي رشوة مالية مليون جنيه مقابل تسهيل بعض الإجراءات، والتغاضي عن بعض المخالفات. كانت الأجهزة الرقابية، ألقت القبض عليه متلبسًا بتقاضي رشوة مالية؛ مقابل تسهيل بعض الإجراءات والتغاضي عن بعض المخالفات. ووجهت النيابة للمتهم، اتهامات بطلب وتلقي عطية مالية على سبيل الرشوة؛ للقيام بإحدى مهام وظيفته، والتغاضي عن بعض المخالفات، وفقًا لتحريات الأجهزة الرقابية، والحصول على إذن مسبق لتسجيل واقعة التلبس من طلب، وأخذ الرشوة التي بلغت قيمتها نحو مليون جنيه. «القابضة للصناعات الغذائية» وكشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة في قضية رشوة "القابضة للصناعات الغذائية"، والتي أحالها النائب العام، المستشار نبيل أحمد صادق للمحاكمة، عن تفاصيل وملابسات احتساب قيمة الرشوة بزيادة سعر المنتجات لصالح المتهم الأول مناصفة مع 3 متهمين، في مقابل إسناد التوريدات المباشرة لشركات وسرعة صرف مستحقاتها المالية جراء تلك التوريدات، كما طلب رئيس مجلس الإدارة السابق، نجلته، ووظيفة في إحدى الشركات براتب 20 ألف جنيه، إضافةً إلى خاتم من الألماس بقيمة 25 ألف جنيه؛ هدية زفافها، وتأجير سيارة لعقد زفاف كريمته، وجهاز تلفاز، ومعدات صوت رقمية. وكشفت التحقيقات، عن طلب وأخذ رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية، مبالغ مالية على سبيل الرشوة من نائب مدير مبيعات شركة "جرين لاند جروب"، وصاحب شركة الفرح للتجارة والتوزيع، بوساطة سكرتير مكتب رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة، وطلبه مبالغ مالية على سبيل الرشوة من صاحب شركة "دلة مصر"؛ بوساطة كل من مستشار وزارة التموين والتجارة الداخلية لشئون الاتصال السياسي، والمستشار الإعلامي لوزارة التموين والتجارة الداخلية؛ مقابل تسهيل إجراءات إسناد عمليات توريد السلع الغذائية لتلك الشركات، وموافقة على صرف مستحقاتها المالية الناشئة عن التوريد. رئيس حى الدقى وأمرت نيابة شمال الجيزة الكلية، بإحالة رئيس حي الدقي السابق، وصاحبي شركة مقاولات ومحامي "وسيط"، إلى محكمة الجنايات بتهمة الرشوة. وكشف التحقيقات النيابة، عن أن المتهم الأول تقاضى 250 ألف جنيه، ووحدة سكنية بشارع البطل أحمد عبد العزيز، قيمتها نحو 2 مليون جنيه من مالكي العقار، مقابل تغاضيه عن اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفات البنائية للعقار، والتي تستوجب إزالتها، وتحقق أرباحًا دون وجه حق لهؤلاء المقاولين بما يزيد على 10 ملايين جنيه. رشوة محامٍ للهروب من الإعدام وتمكنت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، من ضبط ثلاثة أشخاص، أثناء عرضهم رشوة على موظف بأحد المستشفيات، مقابل التلاعب في دفتر تردد المرضى، بإثبات بيانات شخص يدعى "مبارك .إ.ح" فى دفتر تردد المرضى على المستشفى بتاريخ 14 مايو في 2015، وإعطائهم شهادة معتمدة بذلك؛ وذلك لاتهامه بقضية "قتل" مازالت منظورة، ولإثبات أنه لم يكن متواجدًا بمسرح الجريمة ويفلت من الإعدام ويحصل على البراءة. "البترول" وتنظر محكمة جنايات جنوبالقاهرة، محاكمة موظفين بشركة البترول وآخر؛ لاتهامهم بتقديم والحصول على رشوة قيمتها 13 مليون جنيه، مقابل موافقة شركة تابعة لهيئة البترول، على إسناد تنفيذ مشروعات إلى صالح شركة خاصة. رئيس حى الموسكى وتنظر محكمة جنايات القاهرة، محاكمة رئيس حي الموسكي، لاتهامه بتلقي رشوة مقدارها 100 ألف جنيه مقابل تغيير نشاط محل. الخبراء وباستطلاع آراء الخبراء حول هذه المادة؛ خاصة وأن البعض يرى أنها تساعد على كشف الجرائم التى يصعب ضبطها؛ لأن الرشوة تتم بناءً على اتفاق خفى بين الراشي والمرتشي والوسيط. وعرف المحامى عثمان الحفناوى، الخبير القانونى، جريمة الرشوة، بأنها تقع من الموظف العام إذا طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه أو للإخلال بواجبات الوظيفة, وكذلك إذا طلب أو قبل أو أخذ شيئًا من ذلك بعد تمام العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة بقصد المكافأة. ويرى ضرورة تعديل المادة 107 من قانون العقوبات التى تعفى الفاعل الحقيقى من العقاب؛ نتيجة اعترافه بالجريمة؛ مما أدى إلى انتشار الفساد فى المجتمع، وإقدامهم على ارتكاب الجريمة دون خوف من عقاب, وخاصة أن الراشي يستغل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المجتمع ليفسد ذمة الموظف العام، وهو الذي يهيئ له المناخ لارتكاب الجريمة، وفى النهاية ينجو من العقاب. وأكمل المحامى محمد عبد العزيز، الخبير القانوني، موضحًا أن المرتشي يعطي ما لا يملك لمن لا يستحق ويهدر حق الآخرين, وأن المادة 103 من القانون نصت على معاقبة المرتشي بالأشغال الشاقة المؤبدة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به، ونفس العقوبة كانت من نصيب الراشي الذي عرض الرشوة، وكذلك الوسيط الذي كان همزة الوصل بين الراشي والمرتشي، وذلك بموجب المادتين 107 مكرر و108 من قانون العقوبات, إلا أن المادتين قد أعفتا الراشي والوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها, بأن يبادر أي منهما ويخبر الجهات الإدارية أو القضائية بالرشوة؛ فإنه يُعفى من العقوبة. وأوضح أنها من الجرائم السرية التي تتم في الخفاء بين الراشي والمرتشي في غرفة مغلقة, لذلك قام المشرع بتشجيع الراشي أو الوسيط على كشف الجريمة للسلطات أو الاعتراف بها، والإرشاد عن الجاني أو حتى بعد ارتكابها، حيث يبلغ الراشي عن المرتشي، معتمدًا على الأدلة، وفي المقابل يتم إعفاؤه من العقاب؛ لأنه ساعد السلطات في الكشف عن الجريمة, كما أنها تمثل نوعًا من الردع للموظفين والمرتشين الذين يستغلون سلطاتهم، حيث يخشون طلب الرشوة حتى لا يبلغ عنهم أصحاب المصالح مما يجعلهم يترددون كثيرًا قبل ارتكاب الجريمة, كما أنها تفتح باب التوبة للراشين، وأنه يمكن أن يكون قد اضطر إلى دفع الرشوة للموظف؛ لقضاء مصلحة له. وأضاف الخبير القانوني أحمد عبد الله، أن المشرع منح كلًا من الراشي والوسيط، الإعفاء المقرر بالمادة 107 من قانون العقوبات، للمساعدة في إقامة الدليل على الموظف العام الجاني في جريمة الرشوة، التي يتسم ارتكابها بالسرية والكتمان، إلا أنه تم استغلال هذه المادة لتكون رخصة للمجرمين، ممن امتهنوا إفساد الموظفين العموميين، فاحترفوا جريمة الوساطة في الرشوة، وهم على يقين أن طوق النجاة لهم مهما ارتكبوا من آثام هو الاحتماء بالمادة 107 مكرر من قانون العقوبات في حالة الاعتراف بالجرم، وبالتالي يصبحون في مكسب في جميع الأحوال، فهم إن نجحوا في ارتكابها فقد حققوا ما أرادوا، أما إن فُضحوا وألقي القبض عليهم فيعترفون على شركائهم ليعفيهم القانون من العقوبة. وطالب بإعادة النظر في هذه المادة مع وضع الضوابط والقيود، التي لا تجعل الراشين بعيدين عن العقاب، ولمنع تشجيع الجريمة وانتشار الفساد في المجتمع. وفي النهاية يقول المحامي محمود حجاج، الخبير القانوني، إن القانون لا يشترط تبليغ الراشي عن الجريمة قبل حالة التلبس، ولكنه يشترط فقط الاعتراف والإصرار عليه حتى إغلاق باب المرافعة. ووصف المادة "107"، بأنها ظالمة؛ حيث تؤدي إلى عدم المساواة بين المتهمين، وتعاقب متهمًا وتعفى آخر رغم أنهما مشتركان في جريمة واحدة, وخاصة أنها تفتح المجال للانتقام وتلفيق الاتهامات من خلال الشهادة الزور، والاعتراف على غير الحقيقة بأن الموظف طلب رشوة من الراشي، وتنقل الراشي والوسيط من موقف الاتهام إلى موقف الشهادة؛ وتعفيهما من العقوبة رغم إدانتهما، وطالب بإلغاء هذه المادة لمعاقبة أطراف الجريمة دون استثناء تحقيقًا للعدالة.