رجحت مصادر دبلوماسية أن تلقي حادثة مقتل جنديين مصريين على أيدي قوات إسرائيلية بظلال سلبية على لقاء الرئيس مبارك ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في منتجع شرم الشيخ ، وبخاصة بعد أن أبلغت القاهرة تل أبيب عبر القنوات الدبلوماسية بغضبها الشديد من تكرار مثل هذه الحوادث. وأوضحت أن القيادة السياسية ستطلب من أولمرت إجراء تحقيق في الحادث عبر تشكيل لجنة مشتركة لاستجلاء حقيقة ما حدث، وما إذا كان الجنود الإسرائيليون قد تسرعوا في إطلاق النار على الجنديين المصريين أم لا. وأشارت إلى أن مبارك سيبلغ أولمرت أيضًا رفضه لخطة الانسحاب الأحادي الجانب من بعض مناطق الضفة الغربية ، والتي عرضها على الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، وسيوضح له خطورة مثل هذه الحلول على الاستقرار في المنطقة، لأنها ستؤدي إلى إعادة تنشيط خيار المقاومة ضد قوات الاحتلال وتدمير خطط التهدئة التي حاولت القاهرة تكريسها في السنوات الأخيرة. وتوقعت المصادر أن تخيم على اللقاء العديد من الملفات الشائكة ؛ وفي مقدمتها رفض مصر التام لإجراءات الحصار والتجويع التي تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين بسبب خطورته على الأوضاع في الأراضي المحتلة ، بالإضافة إلى دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى فتح حوار مباشر مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وضرورة عقد قمة مشتركة بينهما في أقرب فرصة . ولم تستبعد إمكانية انضمام أبو مازن لهذه المفاوضات، في إطار محاولة للتخفيف من حدة التوتر بين الجانبين. في سياق متصل، انتقدت جماعة "الإخوان المسلمين" بشدة في بيان حصلت "المصريون" على نسخة منه استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي في شرم الشيخ اليوم رغم أن دماء الشهيدين المصريين لم تجف بعد، مشيرة إلى أن مثل هذا الحادث تكرر مرات عدة دون أن تتخذ الحكومة أي موقف حازم يحفظ كرامة مصر وهيمنتها، على حد قول البيان. واعتبر البيان أن هذه الزيارة التي تأتي في ظل الحصار المفروض على الفلسطينيين تمثل تدنيسًا لأرض مصر، مطالبة بالقصاص من المجرمين القتلة والثأر لكرامة مصر ودماء شهدائها. ومن جهة اخرى أشعل حادث مقتل جنديين مصريين برصاص قوات إسرائيلية على الحدود المصرية – الفلسطينية ثورة الغضب بين أعضاء مجلس الشعب - على اختلاف انتماءاتهم الحزبية - الذين تقدموا بالعديد من البيانات العاجلة إلى الحكومة حول الحادث والحصول على ضمانات بعدم تكراره. فقد سارع نائب سيناء فايز أبو حرب والدكتور جمال زهران النائب المستقل وسعد عبود نائب حزب الكرامة والدكتور حمدي حسن المتحدث الرسمي باسم "الإخوان المسلمين" إلى التقدم بيانات عاجلة وطلبات إحاطة عاجلة إلى كل من الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية حول الحادث. وطالب النواب بضرورة كشف كافة الحقائق والملابسات أمام المجلس في أول جلسة يعقدها، خاصة أن أسباب الحادث لا يزال يحيط بها الغموض في ظل تضارب التصريحات من الجانبين المصري والإسرائيلي. واعتبر النائب سعد عبود أن حادث الاعتداء على الجنديين المصريين من جانب إسرائيل يعكس نوايها السيئة ضد القوات المصرية على الحدود ولم تجد بعد المبررات التي تخرجها من دائرة الحرج، داعيًا إلى اتخاذ وقفة قوية وحاسمة لوضع النقاط على الحروف حفاظًا على أرواح الجنود المصريين. ودعا عبود الحكومة إلى تقديم إيضاحات عاجلة وبيان ما اتخذته من إجراءات لحماية الجنود المصريين وفك رموز الغموض التي ما زالت تحيط بالحادث وملابساته، وبخاصة في ضوء ما تقوله المصادر الأمنية من أن الشهيدين محمد بدوي محمد صادق وأيمن السيد حامد ربما يكونان قد ضلا الطريق إلى الجانب الآخر ، وهو ما أدي إلى إطلاق إسرائيل النيران عليهما. وطالب النائب بضرورة الاستماع إلى أقوال الثالث الفار إذا صحت الرواية الإسرائيلية التي جاءت على لسان المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت ميشال لوفت التي أكدت على أن ثلاثة وصفتهم بالإرهابيين قدموا إلى مصر وعبروا الحدود وفتحوا النار على دورية للجيش الإسرائيلي ورد الجنود بالمثل، وهو ما أدي إلى مقتل اثنين وتمكن الثالث من الفرار والعودة للحدود المصرية. من جانبه، قال النائب السيناوي فايز أبو حرب إن ما حدث يستوجب ضرورة إعادة ترتيب الأوضاع في المناطق الحدودية، ورأى أنه من غير المقبول أن تواصل القوات الإسرائيلية اعتداءاتها على الجنود المصريين، لاسيما أنه ليس هو الحادث الأول من نوعه وهو ما يعد انتهاكات صريحًا لكل الأعراف والمواثيق الدولية. من جهته، أشار الدكتور حمدي حسن إلى أن التصريحات الإسرائيلية المشينة والمتكررة ضد الجنود المصريين في حوادث أخرى وقعت من قبل تدعو إلى الريبة والشك في مواقفها الغامضة، ولا يجب الصمت عليها، مطالبًا السلطات المصرية باتخاذ مواقف حاسمة وإيجابية حتى لا تذهب دماء هؤلاء الشهداء هدرًا. في حين، أكد النواب محمود مجاهد وتيمور عبد الغني والدكتور محمد البلتاجي ضرورة قيام الحكومة باتخاذ إجراءات فورية وعاجلة للرد على هذه الجريمة التي أصابت الشعب المصري بالحزن.