منذ موت الجندي الأمريكي كيسي شيهان في العراق ، وأمه سيندي لا تتوقف عن التظاهر ضد الحرب . ومنذ شهور قليلة قامت سيندي شيهان بنصب خيمة أمام مزرعة الرئيس بوش في تكساس وقررت الاعتصام أمام المزرعة حتى يخرج إليها الرئيس ليجيبها على سؤالها الذي طرحته مرارا أمام أجهزة الإعلام : "لماذا مات إبنها، ومن أجل من؟" وقد أصر بوش على رفض الخروج إلى هذه الأم الملتاعة على إبنها الذي مات نتيجة واحدة من أكبر عمليات الغش والتدليس في تاريخ أميركا القصير. وعندما إنتهى الصيف ، وعاد بوش إلى البيت الأبيض ، طاردته سيندي شيهان ، وإستمرت تقود المظاهرات المناهضة للحرب أمام البيت الأبيض ، وكان آخرها منذ أيام قليلة في ظل تراجع غير مسبوق في شعبية الرئيس الأمريكي على خلفية عدد من الإخفاقات : تجاوز عدد القتلى الأمريكيين في العراق للألفين ، والتباطؤ في مواجهة توابع إعصار كاترينا ، ورفض الكونجرس تعيين مرشحة بوش للمحكمة العليا ، وتكشف الدور القذر الذي لعبه سكوتر ليبي أحد أشد الصهاينة تطرفا في إدارة بوش والمساعد الأول لديك تشيني في الكشف عن إسم عميلة للمخابرات إنتقاما من زوجها الذي لم يتجاوب مع أجندة العصابة الصهيونية في موضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية. لقد دعت شيهان إلى حركة عصيان مدني للضغط على إدارة بوش لسحب قواتها من العراق مؤكدة إستعدادها للاعتقال. ومع إصرار شيهان على التظاهر، وإنجذاب وسائل الإعلام إليها ، تصر إدارة بوش على عدم الاستجابة لها ، ولو حتى بالاعتذار وتطييب الخاطر. وتبدو الإدارة الأمريكية في تعاملها مع الموقف تماما كنظام حكم الرئيس مبارك في تعامله مع المظاهرات المطالبة بالتغيير والإصلاح : التجاهل والتسفيه بحجة أن أعداد المشاركين قليلة وبالتالي لا تمثل الرأي العام الأمريكي والمصري. والواقع أن حركة مناهضة الحرب في أميركا مترسخة بقوة في جميع المدن الأمريكية ولها مئات الفروع عبر أميركا ، وهي غير محسوسة بسبب تواطؤ الإعلام الصهيوني مع أجندة الإدارة ، وذلك بتجاهل أنشطة هذه الحركة ، حتى لايشعر بها الرأي العام وينصت لقادتها فيعم التجاوب معها ، وتنتشر الاحتجاجات ويتكرر سيناريو الداخل الأمريكي المعارض للحرب الفيتنامية والذي دفع الرئيس نيكسون إلى قرار الإنسحاب المهين من سايجون في عام 1975. المعارضة في مصر حالها لا يختلف .. فهي تواجه ليس فقط حزبا حاكما وإنما الدولة بأجهزة إعلامها وقوات أمنها وبلطجة مسئوليها ونفاق أذيالها.. تماما مثل الفلسطينيين الذين لايواجهون شارون فقط ، وإنما عالم الغرب بإعلامه ومخابراته وعملائه المتسلطين على العالم العربي. وإذا كان الناس في أميركا متقاعسون عن الانضمام إلى المعارضة ضد الحرب بسبب تأثرهم بالإعلام الصهيوني الموجه ، فإن الناس في مصر لا عذر لهم في التقاعس وإلتزام السلبية. فالمعارضون الجادون في حركة (كفاية) وفي صفوف التيار الإسلامي يعانون من لامبالاة الشارع المصري بهم وبما يتهدد مصر من أخطار تحت حكم الرئيس مبارك ، وكأنهم تنطبق عليهم البيوت التالية من شعر نزار قباني : جلودنا ميتة الإحساس أرواحنا تشكو من الإفلاس أيامنا تدور بين الزار والنعاس هل نحن خير أمه أخرجت للناس [email protected]