حسين مؤنس هو أحد أشهر المؤرخين الإسلاميين فى النصف الثانى من القرن العشرين، وكان متخصصًا فى التاريخ الأندلسى، وله عدة مؤلفات وأبحاث رائعة فى هذا المجال، ولد فى مدينة السويس فى مثل هذا اليوم عام 1911، نشأ فى أسرة كريمة، وتعهده أبوه بالتربية والتعليم، فشب محبًا للعلم، مفطورًا على التفوق والصدارة. جذبته كلية الآداب بمن كان فيها من أعلام النهضة الأدبية والفكرية، والتحق بقسم التاريخ، ولفت بجده ودأبه فى البحث أساتذته، وتخرج سنة1934 ، متفوقًا على أقرانه وزملائه، فى الكلية؛ وعمل مترجمًا عن الفرنسية ببنك التسليف، واشترك فى هذه الفترة مع جماعة من زملائه فى تأليف لجنة أطلقوا عليها "لجنة الجامعيين لنشر العلم" وعزمت اللجنة على نشر بعض ذخائر الفكر الإنسانى، فترجمت كتاب "تراث الإسلام" الذى وضعه مجموعة من المستشرقين، وكان نصيب حسين مؤنس ترجمة الفصل الخاص بإسبانيا والبرتغال، ونشر فى هذه الفترة أول مؤلفاته التاريخية وهو كتاب "الشرق الإسلامى فى العصر الحديث". عين حسين مؤنس بعد حصوله على الماجستير فى الجامعة، ثم لم يلبث أن ابتعث إلى فرنسا لاستكمال دراسته العليا، فالتحق بجامعة باريس وحصل منها سنة 1938،على دبلوم دراسات العصور الوسطى، وفى السنة التالية، حصل على دبلوم فى الدراسات التاريخية من مدرسة الدراسات العليا، ثم حيل بينه وبين إكمال دراسته نشوب الحرب العالمية الثانية، فغادر فرنسا إلى سويسرا، وأكمل دراسته فى جامعة زيورخ، ونجح فى الحصول على درجة الدكتوراه فى التاريخ سنة 1943، وعين بعدها مدرسًا فى معهد الأبحاث الخارجية الذى كان يتبع الجامعة. عاد إلى مصر سنة 1945، وعين مدرسًا بقسم التاريخ بكلية الآداب، وأخذ يرتقى فى وظائفه العلمية حتى عين أستاذًا للتاريخ الإسلامى فى سنة 1954، وإلى جانب عمله بالجامعة انتدبته وزارة التربية والتعليم سنة ليتولى إدارة الثقافة بها. تولى الدكتور حسين مؤنس إدارة المعهد المصرى للدراسات الإسلامية فى مدريد سنة 1954، ومكث به عامًا نهض به، واستكمل مكتبته حتى أصبحت من أغنى المكتبات العربية فى إسبانيا، وأشرف على مجلة المعهد، وأرسى قواعد النشر بها فى قسميها العربى والأوروبى، ثم عاد إلى القاهرة. فى أثناء وجوده بالقاهرة كلفته مصلحة الاستعلامات سنة 1957 بالقيام برحلة طويلة إلى دول أمريكا اللاتينية، الناطقة بالإسبانية، لتوثيق الروابط بينها وبين مصر، ونجح فى إنشاء عدد من المراكز الثقافية بها، يكون على صلة بالمعهد المصرى فى مدريد، وتولى مرة أخرى إدارة المعهد المصرى، وظل هناك حتى بلوغه سن التقاعد عام 1969، وتعد هذه الفترة من أزهى عصور المعهد المصرى هناك. تعد هذه الفترة التى قضاها فى الأندلس هى أخصب فترات حياته العلمية إنتاجًا فأخرج عددًا كبيرًا من مؤلفاته ومترجماته، وحقق بعض النصوص العربية، بالإضافة إلى مقالاته التى كان يوافى بها جريدة الأهرام، يعرض فيها الجديد مما ينشر فى إسبانيا وأوروبا. توفى فى 17 مارس سنة 1996م.