نهنئ الأمة الإسلامية في العالم كله بعيد الفطر المبارك ، ونحمد الله أن أتم لنا النعمة وأكمل لنا الدين وبلغنا رمضان سالمين آمنين غانمين ، فلله الحمد والشكر والله أكبر والله أكبر لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، ونعود مرة أخري بعد شهر كامل من تقديم أضواء ومفاهيم جديدة عن الصوم ورمضان وليلة القدر وعالم المسلم وحياته واجتماعه وتفرقه وغضبه وقيامه واعتكافه . ولله الحمد أن وفقنا إلي الهداية لأفكار جديدة حول موضوع واحد من منظور علم الاجتماع الديني . فكل عام وأنتم بخير وعافية ولجميع الأصدقاء والأحباب والقراء في كل مكان . وأدخل مباشرة إلي موضوع الساعة ، فاليوم اتصل بي معد برنامج " علي الهوا " في قناة الأوربت لعمل حلقة حول شعار الإخوان وحزب العمل في الانتخابات التشريعية الجارية " الإسلام هو الحل " ، وتقريبا كل يوم يتصل بي محررون من صحف مختلفة آخرها كان " روز اليوسف " حول موضوع فهمي لشعار الإسلام هو الحل وهل أوافق عليه أم لا .. الخ من الترهات التي تعصف بعقول الصحف ومحرريها . وبالطبع قلت مباشرة لمعد البرنامح أنا مع شعار" الإسلام هو الحل" قوله واحدة لا تردد فيها ولا ريب ، أولا لأني من أبناء الحركة الإسلامية التي أظنهم جميعاً متفقون علي الشعار مع اختلاف حول التفاصيل والاجتهادات ، فالحركة الإسلامية من أول يوم ظهورها وهي تطرح علي المجتمع المصري خياراً جديداً لم يعرفه بعد مجئ الدولة العلمانية إلي عالمنا الإسلامي وهو خيار الإسلام الذي يمكنه أن يقدم إجابات حول الأسئلة الحائرة التي لم تستطع الخيارات العلمانية أن تجيب عليها . وأظن أنه قبل رفع شعار التحالف الإسلامي في انتخابات عام 1978 م والتي نجح فيها ب60 نائباً كانت هناك مطبوعات طبعتها الجماعة الإسلامية الطلابية بهذا العنوان ، أو أن بعض الكتب الإسلامية تضمنت الشعار ذاته ، فالإسلام هو الحل – أي هو أحد البدائل والخيارات التي لا يمكن تجاهلها حين نحاول الإجابة عن سؤال النهضة ، وكان الإسلام حاضراً بقوة ودائما في جدل العلاقة بين الدول والمجتمعات الإسلامية وبين الانحطاط والتخلف والنهضة ، ونتحدي من يقول أنه تواري في أي لحظة من لحظات التحدي الشامل الذي واجهته الأمة الإسلامية منذ أواخر القرن الثامن عشر . نعم ظهر البديل العلماني في أوائل هذا القرن بوجهه الليبرالي ووجهه الاشتراكي واستطاعت هذه البدائل أن تستبد بالواقع وتتحول من مجرد بدائل فرعية لتغتصب مكان الخيار الأصيل لهذه الأمة وهو الإسلام . وفشلت العلمانية ليس في العالم الإسلامي ولكن في أوروبا والغرب كله ، وظهرت صيغ محافظة ذات طابع ديني هناك منذ أوائل السبيعينات وأحيل كل من ينسي هذه الحقيقة إلي كتاب " جيل كيبل " الفرنسي " ثأر الله " ، فالإسلام هو الحل هو تعبير عن عودة الأصيل ليحتل المكانة والمكان الذي زحزحته منها الأفكار الواردة والمستوردة من الغرب . وكل من له صلة بعلم " اجتماع المعرفة " يعرف أن الأفكار والبدائل لدي الأمم والشعوب في كل العالم وبالطبع العالم الإسلامي ليست ساكنة أو جامدة وإنما هناك نوع من الجدل والتفاعل بين الأفكار وخيارات الناس والشعوب . ونحن نظن أن التيار الرئيسي في مصر والعالم الإسلامي هو التيار الإسلامي وأن خيار" الإسلام هو الحل " هو شعار من حق هذا التيار أن يطرحه علي مجتمعه في معركة انتخابية صاخبة وفارقة ليقرر حجم مايعبر عنه هذا التيار وهذا الخيار . الإسلام هو الحل " ، نحن مثلا نقول" الإسلام والغرب " ، وكما هو معلوم فإن الإسلام دين ومن ثم فحين نقارن دينا بجهة جغرافية تمايزت عن العالم بحضارة مسيحية متغلغلة في عروقها حتي النخاع يكون خطأ ، ولكن نحن نقصد هنا -والتأويل مهم وواجب وأحد وظائف الفلسفة والعلم – الإسلام الحضاري أي كما يفهمه التيار الإسلامي الذي يطرحه علي مجتمعه . والإسلام الحضاري كما هو ثابت في الخبرة الحضارية الإسلامية لا يعرف الإقصاء أو النفي لا للمختلف معه داخل إطاره من المذاهب الفقهية كالشافعية والمالكية وغيرها ، والعقدية كالسنة والشيعة الزيدية والإثني عشرية ، أو المفارق حتي لعقيدته ممن نسب نفسه للإسلام مثل الدروز أو النصيرية ، ولا يعرف التجاهل أو التمييز تجاه غير المسلمين من أهل الكتاب أو حتي الوثنيين . ونحن لا نعرف ماذا يزعج الأقباط في مصر من طرح شعار " الإسلام هو الحل " وقد انتهي الباحثون والمفكرون الإسلاميون بكافة مشاربهم إلي قبول مبدأ المواطنة كجامع يجمع بين المسلمين وغيرهم ، ومبدأ المواطنة كما نؤكد دائما لا يعني نبذ مرجعية الأغلبية وهي الإسلام وإنما يعني قبولها من الأقلية مع احترام الأغلبية لخيارات الأقليات العقدية والشخصية بشكل كامل في الفضاء الخاص لهم بمعناه الواسع أي دون أن يمتد للفضاء العام المفتوح لهم أيضا في سياق قواعد مستقرة وإجماع واضح حول أسس المجتمع الذي نعيش فيه وهو أن الأغلبية لها دينها وهو الإسلام وأن الدستور المصري منذ عام 1923 م يقرر أن دين مصر هو الإسلام . فالإسلام هو الحل من وجهة نظر التيار الإسلامي بكل فصائله ، ولذا فنحن جميعاً حتي لو اختلفنا في تفصيلات معينة مع من يرفع هذا الشعار ، وسنحاسبه عليه ، بمعني مراقبة أداؤه حول حماية حق الأغلبية المسلمة في أن تكون مرجعيتها هي دينها . [email protected]