يعد الكعك والبسكويت من أهم الملامح المميزة لعيد الفطر المبارك، والذى يحرص جميع المصريين على تناولهما خلال أيام العيد ويعتبرونهما من مراسم احتفالات العيد لدى الشعب المصرى. لم يتخل المصريون عن تلك العادة كعاداتهم مع كل العادات والتقاليد، التى يؤمنون بها واللجوء لشراء الكعك والبسكويت الجاهز حتى لا يبذلون أى جهد وتوفيراً للوقت عن عمله بالمنزل إلا أن تظل فرحة عيد الفطر بصنع حلوى العيد فى أذهان الأطفال ومحفورة فى ذاكرة الشباب.. وهذا ما تستعرضه "المصريون" فى سطورها التالية: فى البداية يقول الحاج محمد، صاحب مخبز النجاح بشبرا الخيمة: إن المصريين لم يعد يهتمون بفرحة العيد المتمثلة فى صنع الكعك والبسكويت والمتعارف عليه من قديم الزمن، فكانت طقوس ربات البيوت تنحصر على صنع الكعك والبسكويت فى المنزل ويقومون بالذهاب إلى الأفران للتسوية فقط. وكان لدى المواطن إحساس حقيقي بالعيد على حد وصفه، عندما تحمل ربات البيوت صيجان الكعك على رءوسهن ويأتين إلى الأفران والتى كانت تمثل فرحة للأطفال بإحساسهم أن العيد على الأبواب، ومشاركتهم فى صنع البسكويت. مشيراً إلى أن كل أسرة لها عادات خاصة بها التى تزيد البهجة والفرحة للعيد بالنسبة لهم إلا أن الفترة الحالية شهدت تراجعًا ملحوظًا فى مثل هذه العادة والسبب فى ذلك انشغال ربات البيوت فى أعمال المنزل وشراء ملابس العيد، مما جعل هذه العادة بالنسبة لهن إهداراً للوقت ومزيداً من التعب، فأصبحت تلجأ إلى شراء البسكويت والكعك الجاهز. وفى فترة ليست بعيدة كانت الأسرة المصرية تعتمد على تسوية ما قاموا بصنعه وكانوا يتوافدون على الأفران بداية من نصف شهر رمضان أما الآن فمن يقوم بالتسوية هم ربات البيوت من كبار السن اللاتى تربين على عمل الكعك والبسكويت بأنفسهن ولا يأتى عيد الفطر بالنسبة لهن إلا بتجهيز الكعك والبسكويت فالأجيال الجديدة السبب فى إغفال فرحة العيد لأنهم تعودوا على الرفاهية، مما جعل بهجة العيد محصورة على شراء الملابس الجديدة والخروج للمنتزاهات تاركين مهمة عمل الكعك والبسكويت "للخباز". وذكر الحاج محمد، أن التكلفة بين الكعك الجاهز والمصنوع بالمنزل قد تتلاشى تقريباً إلا أن الثقة فى صنع أيادى ربة المنزل أثقلت كفة الكعك البيتى وإصرار الأسرة المصرية على الأكل بالسمن البلدى جعلهم يشككون أن المخابز لن تضع السمن البلدى، أما الأجيال الجديدة التى لم تتعود على السمن البلدى جعلهم يلجأون إلى الكعك والبسكويت الجاهز وجعل التشكك لا وجود له. ويقول عم فوزى صاحب مخبز ست الحبايب بشبرا الخيمة: إن السوق هذا العام متوقف إلى حد ما، وأرجع السبب إلى الحالة الاقتصادية التى تمر بها مصر ومستلزمات المرحلة الانتقالية والخوف مما تتقاذفه الحياة السياسية الأيام القادمة. مشيرًا إلى أنه بدأ التوافد على شراء الكعك والبسكويت متأخرًا عن كل سنة لأن أرباب البيوت يخشين نفاذ الكمية التى اشتروها قبل قدوم العيد وإضراره لشراء أخرى. وأضاف عم فوزى أن الكعك الجاهز يأتى فى المرحلة الأولى وله شعبية لدى الأوساط الشرائية منذ عدة سنوات مقابل من يرسل الكعك إلى الفرن للتسوية فقط، والسبب فى ذلك يرجع إلى أن المناطق السكانية الجديدة والتى يسكنها الأجيال الشابة لا تعرف أحدًا و"كل واحد فى حاله" حسب وصفه تقوم بشراء الجاهز لأنه أسهل وموفر فى الوقت. وأشار إلى أن اللجوء إلى الكعك الجاهز لم يأتِ بين ليلة وضحاها وإنما مر على عدة مراحل أولها هى أن ترسل ست البيت الكعك إلى الفرن على التسوية فقط وهى من تصنعه كاملاً فى المنزل. وتلاها مرحلة أخرى توفيرًا للجهد والوقت الذى كانت تستغله ست البيت فى قضاء أمور أخرى وهى مرحلة كانت تقوم فيها رب البيت بإحضار مكونات الكعك إلى المخبز تاركة مهمة تجهيزه على الخباز. ومن ثم مرحلة أخرى جاءت لكثرة انشغالات ربة المنزل ونزولها للعمل أتت مرحلة شراء الجاهز، وقد يكون للمظهر أيضًا أمام العائلة والأقارب بأنها قامت بشراء الكعك والبسكويت الجاهز كنوع من الرفاهية لها. وأرجح المواطن المصرى كفة الكعك والبسكويت الذى يتم صنعه بالمنزل بأن فرحة العيد تأتى مرتبطة بالعادات والتقاليد التى تربوا عليها فيقول إيهاب إبراهيم، (مهندس) 25 سنة إن من يصنعون الكعك بالمنزل لا يشعرون بفرحة عيد الفطر لأن لهم طقوسًا خاصة يقومون بها مثل كل عائلة مصرية، مشيرًا إلى أنهم يشترون الدقيق والسمن وكل مكونات الكعك والبسكويت قبل استقبال العيد بأيام وجيزة ويحجزون مكاناً فى أحد الأفران القريبة من منزلهم كما يصنعون الكعك يوم وقفة العيد وتتجمع العائلة لتصنيعه معاً ويقومون بتشكيل عجينة البسكويت بأشكال مدرج عليها أول حروف بأسمائهم ليتميز كل عجينة من قام بعملها. أما أمنية السيد أحمد (طالبة جامعية 20 سنة) قالت: إن أسرتها تجتمع لصنع حلوى العيد من الكعك والبسكويت ولمعرفة كيفية تحضير الكعك لكى يتعلموا ويرددوا أغانى العيد، والسيدات تقوم بتجهيز العجينة ويساعدهن بنات العائلة والأطفال فى توصيل صاجات البسكويت والكعك إلى الفرن، وأول مَن يتذوق حلوى العيد هم الأطفال. وتقول أم عمرو (ربة منزل 65 سنة) إنها تصنع الكعك بالمنزل لكى يشعروا أحفادها بفرحة العيد مبررة ذلك أيضاً بأن الظروف الاقتصادية قد تحكم علينا بذلك حيث كيلو الدقيق يصنع كيلو ونصف كعك فبذلك أستفيد بتلك الزيادة فأولادى الخمس كل منهم يريد كعك وبسكويت فكيف أشترى لهم الخمس جاهزاً. أما محمد عبد العظيم ( طالب 18 سنة) فيقول: إن عيد الفطر يمثل لديه فرحة حينما تصنع جدته الكعك بأيديها وتقوم والدته مع أخواته بتشكيل العجين وتقوم بنات العائلة بتوصيل الكعك إلى الفرن الذى يوجد بمنزل جدته، وأول شخص يتذوق الكعك يكون أصغر شخص فى الأسرة. وتقول سارة عبد الشافى (موظفة 28 سنة): إنها تقوم بشراء الكعك جاهز توفيرًا للوقت والجهد لأنها لا تجيد عمله كما كانت تفعله والدتها خاصة أنها تعمل. وتتذكر سارة عندما كانت جدتها تجمعهم يوم عمل الكعك والبسكويت وهم صغار وكيف كانت تشعر بفرحة العيد، مشيرة إلى أن الأجيال القادمة لن تشعر بالسعادة التى كنا نشعر بها وعيد الفطر سيأتى ويذهب دون أن يحفر فى أذهانهم ذكريات جميلة مثلنا.