طبقاً للمادة 213 من دستور 2014 ، الهيئة الوطنية للإعلام هيئة مستقلة تقوم على إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة وتطويرها وتنمية أصولها وضمان استغلالها وحيادها والتزامها بأداء مهنى وإدارى واقتصادى رشيد . ويؤسفنى القول إن كل هذه الأهداف المنوطة بها الهيئة الوطنية للإعلام والتى نص عليها الدستور المصرى لم يتم تطبيقها على ارض الواقع . فلم يحدث أن تم عمل أى انجاز فيما يتلق بتنمية الأصول وضمان استغلالها ، كما لم تضبط أى قناة أو اذاعة تابعة للهيئة متلبسة بما يسمى الحياد الإعلامى ، والواقع يؤكد أن كلها جميعا ليست إلا أبواقاً تسبح بحمد النظام وشكر الحكومة ليلاً ونهاراً ولا عزاء للشعب المطحون . وفى هذا السياق أتوقف أمام ما نص عليه الدستور الذى يسمى ب " أبو القوانين " فيما يتعلق بالإلتزام بأداء اقتصادى رشيد ، حيث أن كل الشواهد تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ماسبيرو وقياداته أبعد ما يكونوا عما يسمى بترشيد الإنفاق وهو الأمرالذى سبق أن كشفت الكثير من وقائعه فى عشرات المقالات فى نفس هذا المكان . فى السطور القادمة نكشف وقائع مثيرة وتجاوزات خطيرة عن مافيا الفساد وإهدار المال العام داخل الهيئة الوطنية للإعلام ، وذلك من واقع التقرير الرسمى الذى أصدره الجهاز المركزى للمحاسبات . التقرير كشف عن مخالفة المادة رقم " 2" من التاشيرات العامة للهيئات الإقتصادية والتى تنص على أنه ( يجوز لوزير المالية أو من يفوضه بناء على طلب الهيئة استخدام وفورات اعتمادات بنود وأنواع وفروع مدرجة فى موازنتها لمواجهة مصروفا يدخل فى نطاق بنود وأنواع وفروع آخرى دون التأثير على صافى أرباح النشاط بالنقص أو خسائر العام " عجز النشاط " بالزيادة كما يجوز لوزير المالية أومن يفوضه استحداث بنود وأنواع وفروع فى نطاق التقسيم النمطى الخاص بالهيئات والوحدات الإقتصادية وفى جميع الحالات المشار اليها يتم استطلاع رأى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة فيما يتعلق بالأجور ) . وفى هذا السياق كشف تقرير جهاز المحاسبات أنه تم استخدام وفورات ببعض البنود فى تغطية تجاوزات بنود آخرى مما أدى الى تجاوز الإستخدامات الجارية بنحو 974 مليون و246 ألف جنيه بعد استخدام نحو 295 مليون و132 ألف جنيه وفورات ببعض البنود لتغطية التجاوز الفعلى البالغ نحو 1269مليوناً و378 ألف جنيه . المثير فى الأمر أن قيادات الهيئة الوطنية للإعلام اعترفوا فى ردهم الرسمى على جهاز المحاسبات بأن هناك مخالفات ارتكبت بالفعل فى هذا الشأن ، ورغم هذا الإعتراف إلا أنهم حاولوا تبرير هذه التجاوزات بمبررات لم يقتنع بها جهاز المحاسبات ولا لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب والتى يتراسها أسامة هيكل " ممثل الهيئة الوطنية للإعلام فى مجلس مدينة الإنتاج الإعلامى والذى يشغل منصب رئيس المجلس فيها حتى الآن " . حيث قالت الهيئة فى ردها إن التجاوزات فى بعض بنود الباب الأول وهى وظائف دائمة وبدلات آخرى والمزايا التأمينية الناتجة عن ترقيات الرسوب الوظيفى وضعف الإعتمادات المدرجة فى الموازنة وعدم إدراج بعض البنود مثل بدل مراجع ، أما التجاوز فى بند المصروفات – وفقا لرد الهيئة الرسمى - فيرجع الى زيادة أسعار المواد البترولية خلال العام وارتفاع أسعار قطع الغيار الناتجة عن تحرير سعر الصرف . وقالت الهيئة إن التجاوز فى الإعباء والخسائر يرجع لفوائد بنك الإستثمار القومى وتم التنبيه على القطاعات بضرورة الحصول على موافقة وزارة المالية عند استخدام الوفورات لتغطية العجز والألتزام بالإعتمادات المدرجة بالموازنة وبمراعاة الإلتزام بالتأشيرات العامة واللوائح والقوانين ذات الصة للعمل على تلافى هذه الملاحظات التى وردت بتقارير جهاز المحاسبات . من جانبها رفضت لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب ما ورد برد الهيئة حيث طالبت اللجنة فى تقرير رسمى لها بأنه يتعين على الهيئة الوطنية للإعلام الإلتزام بكل دقة بأحكام التاشيرات العامة الإقتصاددية بإعتبارها القواعد الاساسية لتنفيذ موازنتها فى ضوء ما قضت به المادة 225 من اللائحة التنفيذية رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة . وفى النهاية نسأل : أين الرئيس عبدالفتاح السيسى من هذه المافيا ؟ ومتى تتدخل الأجهزة المعاونة له لوقف حلقات مسلسل استنزاف المال العام ؟ وهل يتم وضع مثل هذه الوقائع فى الإعتبار عند إجراء حركة التغييرات القادمة فى ماسبيرو أم أن الوضع سوف يشهد المزيد من التدهور والإنتكاسات داخل هذا المبنى العريق ؟!!!.