هدم بيت الأمة.. ومنزل الفدائيين.. والمحافظة تخسر معركتها فى وقف نزيف المبانى تعتبر مدينة بورسعيد، ثالث مدن الجمهورية من حيث الطراز المعمارى الأثرى، بعد القاهرة والإسكندرية فهى تمتلك كنزًا أثريًا يمتد لأكثر من 150 عامًا، شيدت على الطراز الأوروبى لتشكل بانوراما رائعة لكنها بدأت تتلاشى. "اليونيسكو"، اعتبرت بنايات المحافظة من ضمن التراث العالمى، لما تضمه من مبان خشبية قديمة ذات شكل غاية فى الجمال، وتنتمى للطراز "الفرنسى والإيطالى واليونانى". وتقع تلك البنايات الأثرية، فى أعرق شوارع بورسعيد، داخل الحى "الأفرنجى" التابع لحى الشرق حاليًا مثل: شارع الجمهورية والممشى السياحى "ديليسبس" المطل على المجرى الملاحى لقناة السويس وسوق البازار. معاول الهدم، تحاول طمث التاريخ عن طريق ملاك تلك العقارات، من أجل بيعها لأصحاب الملايين والنفوذ لما تمتاز به من مواقع متميزة داخل المحافظة، يعاونهم فى ذلك المسئولون من معدومى الذمم والضمائر، كى يصدروا لهم قرارات بأن المبنى آيل للسقوط ومن ثم هدم المبنى وبناء أبراج سكنية . يقول طارق حسين – مدير عام الآثار ببورسعيد، إن المدينة تحتوى على نوعين من الآثار، الأول إسلامى وقبطى، والثانى تحت التسجيل مثل: ديليسبس وطابية الديبة غرب بورسعيد، والكنيسة اليونانية وكنيسة الظهور الإنجليزى وكنيسة الملاك ميخائيل المعروفة بالكاتدرائية وفنار بورسعيد القديم، أول مبنى خرسانى مزود بأحدث وسائل الإضاءة والعدسات العاكسة، لإرشاد السفن العابرة لقناة السويس ومبنى هيئة قناة السويس"مبنى القبة"، والذى يرجع تاريخه إلى عام 1893، فى عهد الخديوى عباس حلمى الثانى، وهو أبرز المعالم الأثرية بالمحافظة. وأضاف، أن قرار مجلس رئاسة الوزراء رقم 1096 لسنة 2011 ، بشأن تقييد العقارات بسجلات التراث المعمارى بالمحافظة، والذى يضم 644 مبنى أثريًا منها 340 عقارًا أثريًا بحى الشرق و106 بحى العرب و59 عقارًا أثريًا بحى المناخ و139 بناية أثرية بمدينة بورفؤاد، يحذر هدمها، أو التعديل فيهما إلا باتخاذ إجراءات معينة عن طريق موافقة جهاز التنسيق الحضارى. وأكد سمير غريب - رئيس جهاز التنسيق الحضارى بالمحافظة، أنه لا يمكن إدخال أى تعديلات أو هدم أى بنايات أثرية إلا بالرجوع لجهاز التنسيق الحضارى. وأوضح، أن الجهاز يقدم المقترحات والحلول على أصحاب العقارات الأثرية، كتقديم أفكار للمالك تخص الترميم ومساعدته فى استخراج التراخيص، للحفاظ على الأثر التاريخى، لكن هناك ملاك يبيعون العقار لأصحاب الملايين أو المجموعات الاستثمارية، التى تدفع بمستشاريها القانونيين لرفع قضايا بالمحاكم والحصول على حكم قضائى بإخراج العقار من قامة المبانى الأثرية. من جانبه أكد الدكتور أشرف المقدم أستاذ ورئيس قسم العمارة والتخطيط العمرانى بجامعة بورسعيد، أن وزارة الثقافة كونت لجنة مكونة من سبعة أعضاء فى كل محافظة، غالبيتهم من الأساتذة الجامعيين، وقتها أصدر قانون فى 2008 المعنى بالحفاظ على العقارات المصرية الأثرية، إلا أن قوة المال حالت من تطبيق القوانين. وأشار، إلى أنه منذ 10 سنوات تقريبًا وتشهد مدينة بورسعيد، إزالة لأعرق العقارات، التى تحمل عبق التاريخ كان أشهرها، هدم مبنى"بيت الأمة"، والذى شهد العديد من الاجتماعات لقيادات حزب الوفد، قبل ثورة 1919، واستقبل رموز وزعماء سياسيين أبرزهم مصطفى النحاس باشا، ويقع هذا المبنى بجوار قسم حى العرب. وشهدت شوارع بورسعيد، عدة وقفات نظمتها الحملة الأهلية لحماية التراث، ومجموعة تنمية بورسعيد 2020، وجمعية تاريخ بورسعيد، وقد نجحت إحدى الوقفات التى نظموها للتصدى لمحاولة هدم العقاررقم 19 شارع صفية زغلول والجيش، وهو إحدى المبانى المدرجة بكشوف حصر المبانى ذات الطابع المعمارى الأثرى الفريد تحت رقم "323 فئة ب". كما تعرض العقار الأثرى ذات الطراز الفرنسى، الذى يرجع عمره ل" 135 عامًا" ولا يوجد أى مثيل له بفرنسا لمخطط الهدم والكائن بوسط شارع الجمهورية بحى الإفرنجى، فهو مدرج بسجلات وزارة الآثار كمنزل أثرى "رقمه 66". وقد كان هذا العقار الأثرى الكائن بشارع الجمهورية، مخبأ للفدائيين أثناء العدوان الثلاثى على بورسعيد عام 1956، وكان طيران العدو الإسرائيلى قد أطلق صاروخًا استهدف المبنى لكنه استهدف العقار المجاور له، وكانت ملكيته تعود لأسرة بريطانية . وعلى الرغم من تصريحات اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، بتشكيل لجان مختصة لوضع بورسعيد على خريطة المدن السياحية، إلا أن التنفيذيين داخل المحافظة لم يفلحوا فى التصدى لأى محاولة لوقف أى عملية هدم لعقار يشهد بأصلة المحافظة.