سلوى فتاة فى بداية العقد الثانى من عمرها، ولدت بين أحضان أسرة متوسطة الحال شأن كثير من الأسر المصرية، وجدت نفسها فى هذا السن المبكر من عمرها مسئولة عن رد الحقوق المغتصبة لأسرتها، فأقسمت جهد أيمانها ألا تسمح لليأس أن يتسرب يومًا لقلبها رغم علمها أن خصمها شخص له حيثيات فى المجتمع صنعت بطرقه الخاصة، فقد تسلمت سلوى من والدها ملف قضية استمرت كثيرًا فى دهاليز المحاكم تحمل بين طياتها واقعة اغتصاب قطعة أرض فيها تحويشة عمر الأسرة وثمرة كفاح الوالد - والتى كان قد اشتراها من والد نقيب المحامين سامح عاشور- ورغم ذلك لم يعترف سامح بما لديهم من مستندات موثقة بالشهر العقارى، ووكل أحد أشقائه ليقوم ببيعها جهارًا نهارًا أمام أعين الأسرة البائسة الحزينة، توجهت سلوى بتقديم بلاغ إلى المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام، تروى فيه مأساتها وأسرتها على يد ممثل القضاء الواقف سامح عاشور، ودموعها تتساقط من عينيها, لم تكن تتوقع أن الرجل الذى تراه بعينى رأسها يوميًا أمام شاشات الفضائيات يتحدث عن القيم والمبادئ وما ورثه من الفكر الناصرى نسبًا إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.. هو نفسه نقيب المحامين الذى استولى على أرض أسرة بسيطة فى عزبة الزهار – المنير بمشتول السوق بالشرقية. تابعت سلوى سير البلاغ -الذى تمت إحالته إلى محكمة استئناف المنصورة- وهى فى عجب تتساءل: ما هى صلة استئناف المنصورة ببلاغها؟، فسامح عاشور ليس من سكان المنصورة، ولا الأرض المغتصبة فى المنصورة، ولا الأسرة المكلومة تقيم بالمنصورة، وهناك علمت أن البلاغات ضد نقيب المحامين ما هى إلا تحصيل حاصل، وتبادر لعقلها أن الثورة لم تصل إلى قطاعات عريضة فى المجتمع منها مكتب النائب العام. الغريب أن سامح عاشور واحد من الذين يدعون أنهم مناضلون وأنه يحارب الفساد بشتى أنواعه، وأعلن موقفه الرافض لقرار الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب متضامنًا مع المستشار أحمد الزند -الذى أقحم القضاء فى السياسة- لم يتذكر عاشور أنه يحتاج إلى ثورة فعلية تصل إليه شخصيًا يقوم بها بنفسه إن كان يريد الإصلاح الحقيقى فى المجتمع, ثورة تجرده من الأنا وحب الذات - شأن غالبية النخبة فى مصر- فمن يرتدى ثوب العدالة ويدعى أنه يدافع عن الغلابة ومحدودى الدخل، ومن يدعى أنه امتداد لفكر الراحل جمال عبد الناصر، لابد أن يتذكر أن عبد الناصر وزع الأراضى التى أممها من الإقطاعيين على الغلابة والمساكين، ولم يغتصب حق إنسان لا حول له ولا قوة لمجرد أنه يجيد اللعب بثغرات القانون, فلم يكن القانون أبدًا لمحاربة الفقراء واللعب بمقدراتهم لكنه حصن لحقوقهم, ليت السيد نقيب المحامين يجلس مع نفسه فى خلوة يتذكر فيها أن الموت آت لا محالة، وأن من كانوا يعربدون فى البلاد باتوا اليوم فى السجون، والشجاعة الحقيقية أن يعترف الإنسان بخطئه لا أن يتمادى فيه محتميًا بالنفوذ. [email protected]