زوجته عازفة بيانو.. استضافته "أم كلثوم" لحضور بروفة لإحدى أغانيها.. وعبد الوهاب: "يكفينى منه سورة الحاقة" كان القراء الكبار يتجهون إلى تعلُّم المقامات الموسيقيّة، حتى يكتسبوا الذوق الموسيقيى، ما يساعدهم على التلاوة، والتجلى فى قراءة القرآن، وبالنسبة لشيخنا مصطفى إسماعيل، فتعلمه المقامات كان سماعيًّا لا دراسةً، حيث قال فى حديثٍ تليفزيونى فى برنامج «أوتوجراف» على التليفزيون المصرى: إنه لم يكن على دراية بتلك المقامات، لكنه تعلمها من «السمّيعة» فكان عندما يقرأ شيخنا بتجلٍ، يهم أحدهم بالثناء على القراءة «يا حلاوة الصبا» أو «يا جمال النهاوند»، عندها بدأ شيخنا يعلم عن تلك المقامات. وقد كان الشيخ داخل مسجد الحسين من رمضان عام 1943، يقرأ ، حتى تفاجأ الجميع بقوة وجمال حنجرته جلسوا يستمعون إليه، ويصمتون كالموتى بين الآيات، ويتعالى ذكر الله انتشاءً ما أن يستأنف شيخنا التلاوة. و كانت تلك الليلة هى بداية الشهرة الواسعة فى حياة الشيخ مصطفى إسماعيل، الذى كان لأذنه الموسيقية دورٌ كبير فى تجلّيه القرآنيّ. وفى حديثٍ بين الموسيقار محمد عبد الوهاب، وعاطف مصطفى إسماعيل، الابن الأكبر للشيخ، تعجّب الفنان الكبير من قدرته فى تركيب السلالم الموسيقيّة، وكان يتعجب من مفاجأة الشيخ لمستمعيه دائمًا بقراءته طوال 40 عامًا، حتى فى نفس الآيات، كان له دائمًا مفاجئة فى الآداء، لكن «عبد الوهاب» يقول أنه يكفيه سماع مطلع سورة الحاقة من الشيخ مُصطفى إسماعيل، وما بها من مفاجآت. وكان للشيخ والموسيقار جلسات يجتمعان فيها مع الأصدقاء والأحبة، يستمعون الألحان الفريدة من «عبد الوهاب»، والتلاوة الجليّة من شيخنا، منها تلك عام 1952. وروى الشيخ فى حديث إذاعى، أنه كان يقابل السيدة أم كلثوم عادةً، فى الإذاعة، وفى إحدى المرّات دعته لحضور بروفة لإحدى أغانيها، وسألته عن رأيه، فتفاجأت بخبرته الموسيقيّة، وتحليله لكل مقطع مما غنته، فسألته كيف اكتسب تلك الخبرة، وهل عزف أى آلةٍ من قبل، فأجاب أنه اكتسب ذوقه الموسيقيّ، وعلمه بالمقامات وخلافه سماعيًّا. رغم كونه شيخًا وقارئًا كبيرًا، إلا أنه لم يتحفّظ على ظهور زوجته دون حجاب أمام عدسات الصحافة، ولم يُمانع أن تعزف البيانو، بل كان هو على بُعد خُطوة إلى جانبها، ينتظر انتهاء المقطوعة حتّى يُصفق لها. وفى حوارٍ صحفى داخل بيت الشيخ الجليل، قيل فى آخر فقراته «قبل أن ننصرف، أبت السيدة فاطمة عمر، زوجة الشيخ مصطفى، إلا أن تسمعنا على البيانو شيئًا من عزفها، واختارت مقطوعة (اطلب عينيَّ) التى تغنيها ليلى مُراد»، كان الشيخ مصطفى إسماعيل إلى جانبها وابنه الأصغر «وحيد»، بينما يهز الشيخ رأسه فى حركاتٍ مُتناغمة مع الموسيقى، وعندما انتهت قال لها «أحسنتِ». ولد الشيخ مصطفى إسماعيل بقرية ميت غزال مركز السنطة فى الغربية، فى 17 يونيه 1905 وحفظ القرآن الكريم ولم يتجاوز الثانية عشرة من عمره. ذاع صيت الشيخ فى محافظته والمحافظات الأخرى، لكن نصحه بعض المقربين منه أن يذهب إلى القاهرة، حيث التقى بعض المشايخ فيها، والذى أعجب بجمال صوته، حيث قدّمه فى اليوم التالى ليقرأ بدلاً من الشيخ" عبد الفتاح الشعشاعي" لظرف طارئ، حيث أعجب به الحاضرون، وسمعه الملك فاروق وأعجب بصوته وأمر بتعيينه قارئًا بالقصر الملكى، بالرغم من عدم تعيينه فى الإذاعة وقتها. زار الشيخ إسماعيل قرابة 25 دولة عربية وإسلامية، كما زار القدس وقرأ فى المسجد الأقصى، واصطحبه الرئيس السادات معه فى الوفد إلى القدس عام 1977، كما أن السادات كان يقلّد صوته فى محبسه إعجابًا منه بصوته. وقد توفى الشيخ فى السادس والعشرين من ديسمبر عام 1978 ودفن بمسقط رأسه بميت غزال.