مع مرارة الأسى والحزن الشديد الذى يعتصر القلوب، وتذرف منه العيون من جراء ما يتعرض له إخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا الذين يتجرعون ويلات القتل والتعذيب والاغتصاب اليومى فى ديارهم من الفئة الأسدية البغيضة القذرة التى استأسدت وأدمنت قتل الأبرياء الشرفاء أصحاب النخوة والرجولة، الذين وقفوا أمام تلك الأمواج من الأسلحة المدمرة المتطورة التى يقبع خلفها أعوان الطاغية، واستمرت فى اغتصاب النساء الحرائر الطاهرات العفيفات ضاربين بالشرف والمروءة عرض الحائط.. فئة قست قلوبهم فأعرضت عن ذكر الله وغرتهم الأمانى، لا يعرفون الخوف من الله فاستبسلوا فى قتل الأنفس المسلمة البريئة، أزهقوا الأرواح وسفكوا الدماء الزكية فى شهر القرآن، شهر التوبة، وقد ضاعفوا فيه التدمير والقتل وانتهاك الأعراض. ولهذا لبى خادم الحرمين الشريفين صرخات الشعب المكلوم، وصيحات الأرامل والثكلى والأطفال من الشعب المغلوب على أمره، فدعا إلى حملة وطنية سعودية لنصرة الأشقاء السوريين ويا ليتها تصبح حملة فى كل الدول العربية لنصرة هذا الشعب المنكوب؛ ليتحقق التعاون على البر والتقوى, قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب).. فمن البر تعاون الأشقاء على نصرة أشقاء لهم ظلموا وقتلوا واغتصبت نساؤهم.. ولا حول لهم ولا قوة إلا بالله. وكانت هذه الحملة الوطنية تحت عنوان ((انقذوهم)) والتى استهلها خادم الحرمين وولى عهده الأمين ليكونا أول المتبرعين تشجيعًا وحافزًا لأفراد الشعب الذى تعود على الوقفات النبيلة الوفية، وكعادة أهل المروءة شارك فى هذه الحملة كل المشاءات الوطنية الحكومية والخاصة.. فقد انتشرت مراكز جمع التبرعات فى كل المدن والقرى والهجر فانتفض أهل الإحسان كبيرًا وصغيرًا من الرجال والنساء؛ لتكون ليلة مشهودة لنصرة الأشقاء، يتسابقون بالبذل والعطاء كلٌ بما تجود به نفسه، يسطِّرونَ أجمل لوحات التعاطف والأخوة والتفاعل الذى لم يسبق له مثيل من قبل، فبدأت المشاركة فى تخفيف معاناة أشقائهم من الشعب السورى ورفع البلاء عنهم.. وستستمر حملة النصرة لمدة خمسة أيام, فقد شهدنا قوافل المحسنين تتوافد على المراكز المعدة لاستقبال التبرعات حتى عاملات المنازل شاركن فى هذا العمل النبيل. يا أمتنا العربية متى نكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.. كيف ترتاح أخى المسلم وإخوتك يتجرعون مرارة التعذيب، والذل، والإهانة من أعداء الله؟ ماذا تنتظر؟ متى تكون ناصرًا ومعينًا؟ ما الذى حل بنا؟ ألا يستحق الشعب السورى التضحية؟ ألا يستدعى الموقف العون والنصرة والوقوف صفًا واحدًا فى وجه طاغية الشام الذى استبد فى إنهاك هذا الشعب الأعزل بشتى أشكال القتل والتنكيل بهم حبًا فى بقائه رئيسًا لشعب يكرهه ولا يريده؟، ولو أنه سورى عربى يحب سوريا لما فعل بالبلاد والعباد ما فعله.. لقد دمر البنية التحتية، وطمس معالم البلد الذى عرف بزعامته الإسلامية، ونهب الممتلكات وأحرق الأخضر واليابس، كل ذلك يدل على خيانته لشعبه الذى لم يقدم له شيئًا يذكر؛ بل كان يلبى مصالح دول أخرى تشاركه الانتماء الحزبى الذى يهدف إلى نشر الفسوق والعصيان، وإشاعة الفتن وبث الفرقة والشتات، وقتل القيم الأخلاقية بقصد الاستحواذ على الدول المجاورة لتسود الأسود القذرة التى لا تفرق بين الحلال والحرام، ولكن الله له بالمرصاد. نحن نريد يدًا عربية واحدة أمينة على شعوبها لا تتوانى فى بذل الجهود؛ لتوفير سبل الراحة والأمان الذى يحتاجه المواطن العربى، والذى يضمن له الحياة الكريمة ولما لا؟، فكل مقومات التكامل والتعاون متوفرة فى دولنا العربية فما نقص من هنا يكتمل من هناك، ولعل الربيع العربى اجتث الخبث ليعزز روح العروبة، ونتمكن من رفع راية التوحيد لنكون أمة إسلامية. قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا). فهذه والله فرصة كبيرة لتوحيد الكلمة والصف فى وقت نحن أحوج فيه لنكون معتصمين بحبل الله, فنسأل الله عز وجل أن يجمعنا على كلمة سواء وأن ينصر إخواننا المسلمين فى كل مكان.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.