قناة مفتوحة نتقل مباراة مصر والمغرب في نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للشباب اليوم    الدولار ب50.36 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 15-5-2025    مسؤول إيراني: طهران ستتخلى عن تخصيب اليورانيوم عالى التخصيب ضمن اتفاق مع واشنطن    استشهاد 23 فلسطينيا بقصف إسرائيلي على خان يوس في قطاع غزة    واشنطن بوست: زيلينسكي اعترض على إرسال وفده إلى إسطنبول    لطلبة الشهادة الاعدادية 2025.. موعد امتحانات النقل والشهادة بمحافظة الوادى الجديد    صام "مو" وفاق مبابي، حلم الحذاء الذهبي يتلاشى عن محمد صلاح    الكشف عن نظام المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا 2025-2026    مصر تتصدر منافسات ثالث أيام بطولة إفريقيا للمضمار.. برصيد 30 ميداليات    السيطرة على حريق النخيل بكورنيش مصر القديمة    الحماية المدنية تسيطر على حريق كورنيش مصر القديمة المروع - صور    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    الدكتور حسام موافي يكشف 4 أسباب للأنيميا تهدد حياة الإنسان (فيديو)    مصرع وإصابة 17 شخصاً في حادثي سير بالفيوم    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    موجة شديدة الحرارة يعقبها انخفاض.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الأيام المقبلة    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    المجلس الرئاسي الليبي يعلن وقف إطلاق النار في طرابلس    انبعاثاتها تعادل مليار قنبلة هيدروجينية، تحذير من أقوى انفجارات شمسية تصل حرارتها إلى الأرض خلال ساعات    من البيت.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (الرسوم والأوراق المطلوبة)    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    سجل اسمه رسميا مع مايكل جاكسون وبيبر، الشامي يدخل التاريخ بإنجاز غير مسبوق بأغنية "وين"    وزير الخارجية: الرئيس السيسي يقود جهودًا دبلوماسية لوقف العدوان على غزة وإيصال المساعدات    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    حجز الحكم على قهوجى متهم بقتل شخص فى أوسيم إلى 13 يوليو    مصرع بطل مصر في كمال الأجسام إثر حادث تصادم بالتجمع الخامس.. ماذا حدث ؟    مصرع رجل وزوجته في حادث تصادم سيارتين أجرة ونقل على طريق طنطا- كفرالشيخ    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 15 مايو 2025    محافظ البحيرة توجه بركوب ذوي الهمم بالمجان في أتوبيسات النقل العام    بريمونتادا +90 أمام مايوركا.. ريال مدريد يؤجل احتفالات برشلونة في الدوري الإسباني    وصول حسام البدري والفوج الأول من الرياضيين المصريين إلى القاهرة    "أول واحدة آمنت بيا".. محمد رمضان يكشف أهم مكالمة هاتفية في حياته    وفاة الفنان السوري أديب قدورة بطل فيلم "الفهد"    تبرعت بمنزلها لتحفيظ كتاب الله بالمجان.. وفاة الشيخة «محاسن» أقدم محفظة قرآن بالمنيا    خالد بيبو: حمزة علاء تهرب من تجديد عقده مع الأهلي    عدد أيام إجازات المرأة وفقًا لقانون العمل الجديد    ترامب ل أمير قطر: لدينا أفضل المعدات العسكرية وأنتم تشترون الكثير منها    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    قطر: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلاق النار في غزة    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    وكيل صحة الدقهلية يشيد بجهود الآطقم الطبية والإدارية في شربين    وكيل تموين الإسماعيلية تتفقد صوامع القمح بالقنطرة شرق    محافظ الدقهلية: لن أترك ملفا دون حل وأؤمن بأن الإعلام شريك أساسى فى خدمة المواطن    حقيقة مفاوضات الأهلي مع عمر فايد لضمه قبل كأس العالم للأندية    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    توسعات ل«إيجاس وهاربور إنرجي» في استكشاف الغاز ب«حقل دسوق»    أخبار × 24 ساعة.. مجلس الوزراء: رسوم عبور قناة السويس تُحصل بالعملات الأجنبية    الخارجية الأمريكية: ترامب يريد تحسن الوضع الإنسانى المتفاقم فى قطاع غزة    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    «الرقابة الصحية» تشارك بالنسخة الأولى من المعرض العربي للاستدامة    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية العامة الفصل الدراسي الثاني 2024-2025 في البحيرة    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعدد الزوجات.. رؤية شرعية معاصرة
نشر في المصريون يوم 01 - 06 - 2018

كثرت في هذه الأيام دعوة الرجال عامة لتعدد الزوجات من بعض علماء المسلمين ومشايخهم .. حتى ظن البعض أن قضية التعدد من أصول الديانة، وأن تارك التعدد ناقص الإيمان أو اليقين.
أقول تسرب هذا الشعور إلى الكثير من المسلمين والمسلمات .. حتى رأينا الكثير من الإسلاميين أول ما يفكر فيه لخدمة الدين ليس تحرير فلسطين، أو محاولة تطبيق الشريعة .. بل الزوجة الثانية والثالثة والرابعة وهو بعد ما تزوج الأولى.
وإذا سألته لماذا؟
قال: لأن الشيخ فلان متزوج من أربعة، والشيخ فلان متزوج من ثلاثة.
وقد أثارني للكتابة في هذا الموضوع ما رأيته من استهجان
واضح لطريقة تناول هذه القضية من بعض الدعاة، وتصويرهم لها على أنها قضية الأمة الأولى.
لذلك نبدأ بهذا السؤال.
هل التعدد أصل أم فرع (رخصة)؟
يري البعض أن الأصل في الزواج هو التعدد وأن الإفراد استثناء، وأنا لست موافقا لهذا الرأي .. وأستند في ذلك إلي بعض العبادات مثل الصلاة والصوم.
فالصلاةُ تامةً والصومُ فرضٌ أصلٌ، والقصرُ والفطرُ رخصةٌ مسببة .. ومن لا يؤدي الصلاة تامة ويصوم رمضان كاملاً بدون عذر يبيح الرخصة يعاقب علي ذلك.
ومن يمتلك أسباب الرخصة فله أن يأخذ بها .. لأن الله يحب أن تؤتي رخصه كما تؤتي عزائمه .. ومن يتم الصلاة والصيام فلن يعاقب بل يؤجر .. قال تعالى: " وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ".
وبناء علي ذلك لو كان التعدد هو الأصل لصار واجبا ً علي كل مسلم قادر لا يمتلك أسباب الرخصة والاستثناء ليكتفي بواحدة، ويأثم إن فعل ذلك.
وهذا أمر غير مقبول لا شرعاً ولا عرفاً، مما يجعلنا نقرر أن التعدد رخصة مسببة من الله تعالى للرجل.
وهذا ما يميل إليه قلبي أن الأصل الواحدة .. لأن الله بدأ بها، وأظن أن (80%) من الأمة المحمدية على واحدة، والتعدد يأتي لضرورات، ويأتي لمسببات.
فالذي يظهر لا ينبغي علينا أن نقف للناس واعظين نقول: عددوا وتزوجوا وأكثروا، كما يفعل بعض الدعاة في الفضائيات .. وكأن إسلام المسلم لن يكتمل إلا إذا تزوج بأكثر من امرأة.
والحقيقة أن لكل إنسان ظروفا وملابسات واحتياطات .. فتقول لإنسان يصدقك وعنده علم بسيط، عليك بالتعدد، فيتزوج أربعاً لا ماله ولا جسمه ولا بيته يكفيه .. ثم يضيع ويضيع الأربع.
لكن اترك هذه المسألة كما تركها الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإنه عدد .. وما أتى يوم الجمعة فقال: يا أيها الناس عليكم بالتعداد .. هذا متروك لكل مسلم على حدا لأن ظروف الإنسان تحكمه.
وهذا الرأي رأي الكثير من العلماء العاصرين منهم الشيخ سلمان العودة والشيخ عائض القرني وغيرهم من مشايخنا الأجلاء، ولا ننكر الخلاف والأمر مطروح للنقاش لإثراء القضية.
لكن لماذا التعدد؟
من المؤكد أن هناك أسبابا ودواعي راعاها الإسلام في ذلك، ولعل من أهمها:
عقم المرأة أو عدم قدرتها علي الإنجاب، مما يُحرِم الرجل من الذرية.
استمرار فترة الإخصاب عند الرجل أكثر منها عند المرأة، حيث تصل عنده إلي سن السبعين .. في حين أنها لا تتعدي سن الخمسين عند المرأة.
فهناك حوالي عشرين سنة خصوبة عند الرجل ليس لها مقابل عند المرأة، فمعالجتها بتعدد الزوجات أفضل من الكبت للشهوة أو الانحراف عند بعض الرجال.
زيادة عدد النساء الصالحات للزواج عن عدد الرجال الصالحين للزواج في حدود أربع نسوة كحد أقصى، ومعالجة هذا الأمر تكون بإحدى ثلاث:
أولا ً:- أن يتزوج الرجل من امرأة واحدة ويبقي الباقي عوانس بدون زواج، وبالتالي تحرم حقاً من حقوقها البشرية الفطرية.
وهنا نجد بعض النساء العازبات منكبّات علي العمل والكسب في محاولة منهن للحوق بالرجل وإثبات الذات، غير أن هذا لا يغنيها عن وظيفتها الأولي وهي أن تكون زوجا وأمّا.
ثانياً:- أن يتزوج الرجل من امرأة زواجا ً شرعيا ً، ويعاشر أخريات معاشرة غير شرعية؛ حتى تستمتع المرأة بالغريزة الجنسية، مما يؤدي إلي تدمير المجتمع.
ثالثا ً:- أن يتزوج الرجل بأكثر من امرأة في حدود أربع، وهذا هو الحل الإسلامي لحصول كل من الرجل والمرأة علي حقوقهما الفطرية الغريزية كاملة كما أراد الله.
تعدد مقيّد
التعدد رخصة تلبّي مقتضيات الفطرة البشرية للرجل والمرأة، وتحمي المجتمع من الوقوع في الرذائل والانحلال الاجتماعي.
ومن ثم فالتعدد ليس مطلوبا لهوي في نفس الرجل .. وإنما هو ضرورة توجبها ضرورة، غير أن هذه الرخصة مقيدة بتحقيق العدل بين الزوجات، قال تعالى: " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً" فالرجل إذا فَقَدَ تحقيق العدل فَقَدَ الرخصة.
وهذا القيد يحمي الحياة الزوجية من الفوضى والاختلال .. كما يحمي الزوجة من الظلم والجور، ويحمي كرامتها من امتهان الرجل لها بتفضيله غيرَها عليها.
وقد قرر الله أن الإفراد أفضل من التعدد المقيد بتحقيق العدل فقال: " ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ" .. أي ألا تجوروا ولا تظلموا.
العدل المطلوب
نود أن ننبّه إلي أمر مهم، وهو أن العدل المطلوب تحقيقه هو العدل المادي في الأشياء الملموسة من نوم ومأكل ومشرب وملبس وتقدير واحترام.
أما العدل في الحب والمشاعر فذلك صعب بل مستحيل, قال الله تعالي عنه: "وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً".
وهذا الأمر الإلهي يتوافق مع طبيعة العقل البشرى .. فلو كان الرجل يمتلك العدل في الحب بين زوجته الأولي والثانية أو الثالثة مثلاً لما أقدم علي التعدد في الزواج ..
ولذلك كان رسول الله يدعو فيقول كما في حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " .. رواه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي .. وقال الألباني:إسناده جيد.
ومن نماذج عدله المادي صلى الله عليه وسلم أنه وزع دينارا علي كل زوجة سراً ودون علم الأخريات ثم جمعهن وقال لهن:
"أفضلكم عندي من أعطيتها الدينار"
وإذا وصل الخلاف بين الزوجين ذروته فالأفضل لهما الطلاق .. لأن الحياة الزوجية قائمة علي السكن والمودة والرحمة .. فإن فقدت ثلاثتها فلا معني للحياة ولا قيمة، ولذا قال تعالى: "وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً".
ملاحظات هامة
مسألة تعدد الزوجات قضية ينبغي أن نتحدث عنها بشيء من التفصيل .. لأن قراء الموقع من الطرفين الرجال والنساء .. فنحن ينبغي أن نقول الحق دون أن نداهن طرفاً على حساب الطرف الآخر .. لكن ينبغي أيضاً أن يقال الحق كله لا يقال بعضه.
أولاً: إذا كان الإنسان يعيش مع أهله في سعادة وارتياح، وليس هناك ما يدعوه إلى تعدد الزوجات .. فلماذا يتزوج بأخرى؟
ولماذا يسارع في ذلك؟!
أقول هذا ليس تنفيراً عن أمر أباحه الله عز وجل، ولكن لأنني أرى أن بعض الشباب قد يتعجلون في هذا الأمر وظروفهم المادية والنفسية والمنزلية والاجتماعية, لا تسمح بذلك .. هذا جانب.
ثانياً: إن الذي يريد أن يتزوج بأخرى -غالباً- سوف تكون شروطه أقل, لأنه يقول: أنا معي زوجة، فأعلم أن الفتاة الجميلة - مثلاً - لن تقبلني، وأن الصغيرة لن تقبلني .. إذاً هو سوف يتنازل عن بعض الشروط ويتزوج بمن تكون أوصافها في نظره أقل، وهذه مقاييس كثير من الناس .. مقاييس شكلية .. وإلا فالواجب أن ننظر إلى مجمل المقاييس الشكلية والمعنوية وهي: الأخلاق والدين والعلم والعقل وغير ذلك.
المهم أن بعض هؤلاء ينظرون هذه النظرة، فإذا تزوج الأخرى لم تعجبه, لأن الأولى أفضل منها, أو أجمل منها, أو أحسن منها.
وربما عاش معها فترة أول الزواج لأنها جديدة, وكل جديد له لذة, ثم أعرض عنها وطلقها، وكانت بعد ذلك مشكلة ترتب عليها ضياع ماله عليه، وثقل الديون على ظهره.
أنه ربما حطَّم مستقبل هذه المرأة، ربما حملت منه وأنجبت، وترتب على ذلك مشاكل عديدة كان في غنى عنها, لو أنه درس قرار الزواج الثاني دراسة وافية.
إذاً أنا لا أقول: لا تتزوج .. فالله تعالى يقول وقوله الحق: "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" [النساء:3].
لكنني أقول بوضوح: ادْرِس قرار الزوجة الثانية دراسة متأنية قبل أن تقدم عليه .. وإذا كنت درست قرار الزواج من الأولى شهراً .. فادرس قرار الزواج من الثانية سنة .. ولا يضرك أن تتأخر .. فأنت لا زلت شاباً في مقتبل العمر.
ثالثا ً: إذا تزوجت بالأخرى فعليك بالعدل مع الزوجتين, فلا تنس الأولى أو أولادها, أو تأخذ من حقها, أو تنشغل بالثانية، أو حتى تنشغل بالأولى وأولادها, وأنك تسعى إلى تطييب خاطرها وتقصر في حق الثانية.
رابعا ً: على الإنسان إذا هم بالزواج وصدق عزمه في ذلك, ألا يميت زوجته الأولى مرات ومرات, كلما دخل عليها قال:
يا فلانة! أريد أن أتزوج, أنا خطبت, أنا فعلت, أنا قلت.
إن كان ولا بد فمرة واحدة .. ولا داعي لأن يصفق قلبها صباحاً ومساءً بهذا الخبر الذي بالتأكيد لن يكون ساراً لها.
مسألة التعدد وصور الظلم فيه
أولا ً: التهديد الدائم بالزواج بالأخرى:
تهديد بعض الأزواج الدائم بالزواج بأخرى، حتى لو كان على سبيل المزاح، وهذا لا شك يؤثر على نفسية المرأة فتجد الرجل دائماً وأبداً يقول لها ذلك.
حتى أنني أعلم أزواجاً في ليلة العرس دخل على زوجته، وبعد ساعة أو ساعتين كان يحدثها عن الزوجة القادمة.
فلا داعي للتهديد، إذا اتخذت قراراً بالزوجة الثانية بعد دراسة وتأمل ونظر، فلا تظن أن القضية مجرد تنويع، بل لابد أن تدرس الموضوع دراسة صحيحة وسليمة ومضبوطة.
فإذا اتخذت القرار بعد الاستخارة والنظر والاستشارة، فبإمكانك أن تنفذ دون حاجة أن تروع قلب زوجتك صباح مساء بالزوجة الثانية.
ثانياً: سرعة اتخاذ القرار للزواج الثاني:
سرعة اتخاذ قرار الزواج الثاني دون أن يكون الإنسان مرشحاً لذلك، إما من الناحية العاطفية، أو من الناحية الجسمية، أو من الناحية المالية، أو من النواحي جميعها.
إنني أعرف الكثير حتى من الصالحين والملتزمين .. قد يسارع الواحد منهم بالزواج بالأخرى دون تأمل ولا دراسة ولا نظر ولا استشارة، بل يَسْتَبِدُّ برأيه.
وسرعان ما تكون الأمور على خلاف ما يريد! ويفاجأ بأشياء لم تكن له في حساب.
وبحسب ما نظرت ورأيت وقدرت، فإنني أجد أن الفشل والإخفاق في الزواج الثاني أكثر منه بكثير في الزواج الأول.
خاصة أن الزوج الذي يتزوج ثانية قد تنازل عن بعض الشروط؛ لأنه يدرك أنه معدد وعنده زوجة .. فلن يحصل على الشروط التي يريدها تماماً، فهو متنازل عن بعض الشروط.
ونتيجة لذلك سيجد في زواجه الثاني بعض المكدرات وبعض المنغصات، التي قد تجعله يندم على هذا القرار المتسرع.
ثالثاً: الميل إلى إحدى الزوجتين:-
الميل إلى إحدى الزوجتين، فوجهه إلى فلانة، وضحكه معها، ونكته إليها، وبصره إليها، إذا كانت الزوجتان في مجلس واحد.
ولأولادها من العناية والرعاية وشراء الهدايا واللعب ما ليس للأخرى، وأنت تجده وَلاَجاً خَرَّاجَاً على فلانة .. في يومها وفي غير يومها.
أما الأخرى فقد يهملها ولا يأتيها، وقد يتشاغل عنها، وقد يجعل المواعيد كلها في يومها .. حتى يتعلل بكافة العلل عن دخول المنزل، أو النظر إليها، أو الجلوس معها، أو مداعبتها أو مداعبة أولادها.
وربما مال بعضهم مع المرأة الجديدة وترك أولاده .. لا يرعاهم ولا يربيهم ولا يشملهم ولا يضمهم.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) كما في الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" .. فكما تحب أن يكونوا لك في البر سواء، فينبغي أن تكون لهم في العناية والرعاية سواء، ومن أعظم أسباب الخصومات بين الأولاد والأحقاد، ألا يعدل الأب بينهم.
وربما يسافر الزوج بإحداهما ويترك الأخرى، وقد يجود على تلك بالمال ولا يعطي ضرتها.
والله تعالى يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
قال الله تعالى: " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلت بينكم محرماً فلا تظالموا"
ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) كما في الحديث الذي رواه مسلم أيضاً عن جابر: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم".
عاقبة الظلم والظالمين
إن العالم يشهد مظالم شنيعة اليوم إهدار لكرامة شعوب بأكملها، خاصة الشعوب الإسلامية، وتسليط الأعداء عليها، وتسليط الحكام الجائرين الذين سلبوا خياراتها، ونهبوا ثرواتها، وأهدروا حقوقها، وأودعوها في السجون، وساموا شعوبهم سوء العذاب.
وما يدريك أن يكون هذا الظلم العظيم الذي يلقاه المسلمون عقاباً من الله تعالى؟!
فإن الله يعاقب الظالمين بالظالمين، قال الله تعالى ووعد، ووعده الحق، قال: "وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" [الأنعام:129]
ومعنى نولي: نجعلهم أولياء، فيجعل الله تعالى عقوبة الظالم أن يسلط عليه من هو أظلم منه .. وما من يد إلا يد الله فوقها .. وما ظالمٌ إلا سيبلى بأظلم.
وفي حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- وهو حديث صحيح رواه الترمذي و أبو داود و أحمد في مسنده وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره من العذاب في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم".
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم.
إن هذه المشكلات في ظلم المرأة، أو الإجحاف بحقها، أو الجور عليها أو بخسها، إنه لا تَحلُّه القوانين والأنظمة، ولا تحله المحاكم ذهاباً وإياباً، فالحيل كثيرة، وإمكانية المكايدة والتلاعب في الحياة الزوجية قائمة ولكن يُحلُّه التذكير بعقوبة الله عز وجل، قال الله تعالى: "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" [آل عمران:30].
أيها الأحبة والله الذي لا إله غيره إنني أعلم اليوم أن كثيراً من البيوت تغلق على مظالم، ومفاسد، وجور، وإيذاء، وعسف، وعلى اضطهاد، فعلينا أن نتقي الله تعالى في من ولانا أمرهم.
وفي الحديث الذي رواه أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه، وهو حديث صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق إلا أتى الله تعالى مغلولة يده إلى عنقه، فَكَّهُ بِرُّه، أو أوبقه إثمه" .. قد يكون مجموع أهلك عشرة أو أكثر، لكن لنفترض أنهم أقل، لنفترض أنه ليس لديك إلا زوجتان أو زوجة واحدة فقط، ففي حديث ابن عمر المتفق عليه: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"
وفي حديث أبي هريرة وهو حديث صحيح، رواه أحمد و أبو داود و النسائي والطيالسي وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل".
أخي الكريم
إن المرأة مخلوق له شخصيته، وله كرامته، وله عاطفته، له مطالب للجسد، ومطالب للروح، ومطالب للوجدان، فليس كل مراد المرأة فقط توفير الأكل والشرب واللباس والسكن.
لا! هذا لا يكفي.
ولا كل مرادها أيضاً اللقاء الجسدي في الفراش فحسب، هذا أيضاً لا يكفي.
بل الأمر يتطلب أوسع من ذلك حسن الخلق الإمساك بمعروف حسن المعاشرة .. والصبر على أخطاء المرأة والتسامح معها .. بل ما يقدر الرجل عليه في ذلك، وهو يقدر على الكثير والكثير.
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.