الأسباب ، والدوافع الداعية إليه : وقد إنتشر هذا النوع من الزواج بين الناس بسبب الدوافع الآتية : أولا : الرغبة فى التعدد ، والخوف من رد فعل الزوجة الأولى والأولاد : رخص الله للرجال الزواج بأكثر من إمرأة ، فقال تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ... } ( النساء : 3 ) ، وقد كانت النساء فى الماضى يقبلن هذا الحكم ، إلا أنه ومع بعد الناس عن زمن النبوة الأولى ، وزيادة تأثير وسائل الإعلام المنحرفة ، أصبحت أغلب النساء يرفضن هذا الأمر رفضا شديدا ، ويطلبن الطلاق إذا علمن بزواج أزواجهن من أخرى ، مما حدا بالأزواج إلى إختيار طريق الزواج العرفى حفاظا على بيوتهم من الإنهيار ، ولا تعلم به الزوجة الأولى إلا بعد وفاة زوجها ، فتفاجىء بالزوجة الثانية ، وأولادها !!! ثانيا : الخوف من المجتمع : وقد يكون الزوج أو الزوجة أرملا ، أو مطلقا ، ويرغب فى الزواج بمن تعينه على متطلبات الحياة ، إلا أن كليهما أوأحدهما يخشى من أولاده ، أو يخشى على مكانته الإجتماعية ، فيلجأ إلى الزواج العرفى كحل لهذه المعضلة . وهذا ما أكدته الإحصائيات الرسمية ، حيث نقلت جريدة الراى فى عددها الصادر بتاريخ 29 / 1 /2009 الآتى :{ فجرَّت إحصائية رسمية صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر « مفاجأة مثيرة » حيث قدرت عدد المديرين ورجال الأعمال والقيادات المصريين المقترنين بسكرتيراتهم بنحو « 87 » ألف مسؤول ، بعضهم في شركات قطاع الأعمال « الحكومية الرسمية » وغالبيتهم من أصحاب الشركات الخاصة ، ومن بين هذه الحالات بحسب الإحصائية « 57 » ألف حالة زواج شرعي رسمي ، و« 30 » ألف حالة زواج عرفي . وأظهرت أرقام الإحصائية المثيرة أن 95 في المئة من هذه الزيجات تبقى في إطار السرية المطلقة بعيدا عن الإشهار لأسباب متعلقة بظروف الزوج الذي يكون متزوجا ، أو ظروف متعلقة بوضع إجتماعي يخشى عليه حال إعلان زواجه من سكرتيرته التي تكون غالبا أصغر منه سنا . ولا يتجاوز عدد الزيجات التي يتم الإعلان عنها وفق الإحصائية 5 في المئة فقط من إجمالي الزيجات التي تتم بين السكرتيرات ورؤسائهن في العمل . الدراسة بررت الظاهرة إلى وجود سببين رئيسيين ، الأول : متعلق بالزوج ، والثاني : خاص بالسكرتيرة التي تقرر الزواج من رئيسها في العمل رغم فارق السن وعلمها بزواجه ، خوفا من شبح العنوسة الذي يفترس 9 ملايين فتاة وشاب بحسب تقارير رسمية . كما أوضحت أن إرتفاع المستوى المادي للمسؤول يجعله قادرا على تحمل نفقات الزواج الثاني ومتطلباته دون أن يقصر في إلتزاماته نحو زوجته الأولى ومتطلبات بيته . ويعتبر المسؤول صيدا ثمينا لبعض من الفتيات الباحثات عن المال والنفوذ والمركز المرموق بغض النظر عن إعتبارات السن وما إذا كان متزوجا ولديه أولاد . } ا.ه . ثالثا : الزواج من أجانب : حيث يعمد بعض كبار السن من الأجانب إلى الزواج بالفتيات القاصرات ، نظير مبلغ مالى ، فيقوم أولياء أمورهن بتزويجهن عرفيا . رابعا : الخوف من إنقطاع المعاش : وقد تستحق المرأة معاش أبيها ، أو أمها ، أو زوجها السابق المتوفى ، وهى صغيرة وتحتاج إلى الزواج لتعف نفسها ، وفى نفس الوقت تخاف من إنقطاع المعاش الذى تقوم بصرفه حال توثيق زواجها ، فتعمد إلى الزواج العرفى خشية إنقطاع هذا المعاش ، وتشتد هذه المسألة إذا كان الزوج الجديد عاطلا عن العمل ، أو كان دخله لا يفى بمتطلبات الحياة ، ومع مخالفة فعلها للقوانين التنظيمية التى وضعها ولى الأمر ، وأخذها ما لايحق لها أخذه بالزواج ، فلابد من توعية هؤلاء النسوة بأن المعاش لا ينقطع عنها بالزواج أبدا ، وإنما يتوقف صرفه ، ثم تستحقه ثانية فى حالة طلاقها من زوجها ، أو وفاته ، ونحن ندعو المسئولين إلى تعديل القانون بما يقضى على هذه الظاهرة ، بحيث تظل المرأة محتفظة بالمعاش فى حالة عجز الزوج عن الإنفاق . خامسا : الخوف من سقوط حضانة الصغار : وقد تلجأ بعض الزوجات إلى الزواج العرفى خشية من سقوط حقها فى حضانة أطفالها الصغار ، إذا تزوجت رسميا ، وندعو المسئولين أيضا إلى تعديل القانون ليظل الصغار فى حضانة الأمهات بعد زواجهن ، ولا سيما وأن هذا لا يخالف الشرع حيث قال تعالى : { وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ } ( النساء : 23 ) فالغالب أن تأتى البنت لتعيش مع أمها بعد زواجها من آخر ، وتربى فى حجره ، ولم تسقط حضانتها بالزواج . سادسا : رفع سن الزواج لثمانية عشر عاما : حيث تم رفع سن زواج الإناث من ستة عشر سنة إلى ثمانية عشر سنة بموجب المادة 31 مكرر من القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية المضافة بالمادة الخامسة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 والتى نصت على أن : { لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة .... ويعاقب تأديبياً كل من وثق زواجاً بالمخالفة لأحكام هذه المادة } . كما تم رفع سن الطفل إلى ثمانية عشر سنة فى قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 ، وفى الدستور المصرى - أيضا – حيث نصت المادة 80 منه على أن : { يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره } ورغبة من بعض أولياء أمور الفتيات - اللاتى لم يبلغن سن الثامنة عشر – فى تزويجهن وخوفا من المسئولية القانونية التى قد يواجهونها حال تزويجهن بالمخالفة للقانون ، فقد طفت على الساحة ظاهرة تزويج الفتيات عرفيا ، ثم توثيق هذا الزواج حال بلوغ الفتيات سن الثامنة عشر ، وقد جرت عدة محاولات برلمانية بإعادة تخفيض سن زواج الفتيات إلى ستة عشر عاما ، إلا أنها باءت بالفشل !! الأضرار المترتبة على هذا النوع من الزواج : ونتيجة إنتشار هذا النوع من الزواج غير الموثق ، وبالرغم من عدم مخالفته للشرع لتوافر أركانه ، وشروطه - كما سبق بيانه – إلا أن الواقع قد أسفر عن العديد من الأضرار المترتبة عليه ، منها : 1- عدم إمكانية إثبات هذا الزواج فى حالة الإنكار : نصت المادة 17 فقرة 2 من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 على أن : { ... ولا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج – في الوقائع اللاحقة على أول أغسطس سنة 1931 – ما لم يكن الزواج ثابتاً بوثيقة رسمية ، ومع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرهما إذا كان الزواج ثابتاً بآية كتابة. } فقد تنشأ الخلافات الزوجية بين الزوجين ، ويعمد أحدهما إلى التخلص من ورقة الزواج العرفى ، وينكره ، فلا يستطيع الطرف الآخر أن يثبته ، مما يؤدى إلى ضياع حقوقه . 2- عدم إمكانية إثبات نسب الأولاد الناتجين من هذا الزواج : أكدت العديد من الدراسات أن قضايا النسب من الزواج العرفي إرتفعت إلى أكثر من 15 ألف قضية سنويا ، وأغلب هذه القضايا يقضى برفضها نتيجة إنكار الزوج للزواج ، وعدم إستطاعة المرأة أو وليها إثباته ، وتشتد المسألة حال وفاة الزوج قبل بلوغ الزوجة ثمانية عشر عاما ، وإثبات الزواج . 3- ضياع حقوق الزوجة ، وأولادها : ونتيجة لعجز الزوجة أو وليها عن إثبات الزواج ، أوإثبات نسب الأولاد الناشئين عنه ، تضيع حقوقها ،وحقوق أولادها ومنها : أ – ضياع حقها ، وحق أولادها فى النفقة . ب – ضياع حق أولادها فى التعليم . ج – ضياع حقهم فى الرعاية الصحية . د – ضياع حقهم فى الميراث . 4- إختلاط الأنساب : ونتيجة لعدم إثبات نسب الأطفال الناشئين عن هذا الزواج ، فقد يحدث بعد ذلك إختلاط للأنساب حال بلوغهم ، ووفاة أبائهم ، وقيامهم بالزواج ممن يحرم عليهم الزواج بهم . الوقفة الرابعة : الزواج العرفى السرى المخالف للشرع :- الزواج السِّرِّيُّ هو العقد الذي يتولاه الطرفان دون أن يحضره شهود ، ودون أن يُعلَنَ ، وأجمعوا على أنه باطل لفقْده شرط الشهادة ، فإذا حضره شهودٌ ، وأُطلقت حريتهما في الإخبار به لم يكن سِرًّا وكان صحيحًا شرعًا تترتب عليه أحكامه ، لأن التوصية بالكِتْمان تَسلب الشهادة رُوحَها والقَصْدَ منها ، وهو الإعلان الذي يَضمن ثبوت الحقوق ويُزيل الريبة ، ويَفصل بين الحلال والحرام . قال الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق - رحمه الله - ردا على سؤال عن الفرق بين الزواج العرفى ، والزواج السرى : { أما الزواج السِّرِّيُّ فهو نوع قديم من الزواج إفترضه الفُقهاء ، وبيَّنوا معناه ، وتكلَّموا في حُكمه ، وقد أجمعوا على أن منه العقد الذي يتولَّاه الطرفان دون أن يحضره شهود ، ودون أن يُعلَنَ ، ودون أن يُكتب في وثيقةٍ رسمية ، ويعيش الزوجان في ظله مكتومًا ، لا يَعرفه أحدٌ من الناس سواهما ، وأجمعوا على أنه باطل لفقْده شرط الصحة ، وهو الشهادة ، فإذا حضره شهودٌ ، وأُطلقت حريتهما في الإخبار به لم يكن سِرًّا ، وكان صحيحًا شرعًا ، تترتب عليه أحكامه . أما إذا حضره الشهود وأُخذ عليهم العهْد بالكتمان ، وعدم إشاعته والإخبار به ، فقد إختلف الفقهاء في صِحَّتِهِ بعد أن أجمعوا على كَراهَته : فرأتْ طائفة أن وُجود الشهود يُخرجه عن السرية ، والشهادة وحدها تُحقِّق العلانية ، وإذنْ فلا تأثير في صحة العقد للتوصية بالكتمانِ ، ويرى الإمام مالك وطائفة من أن التوصية بالكِتْمان تَسلب الشهادة رُوحَها ، والقَصْدَ منها ، وهو الإعلان الذي يَضمن ثبوت الحقوق ، ويُزيل الريبة ، ويَفصل في الوقت نفسه بين الحلال والحرام كما جاء في الحديث الصحيح “ فَصْلُ ما بيْنَ الحلال والحرامِ الدُّفُّ والصَّوْتُ ”. والشهادة التي تُحقق الإعلان المَقصود هي التي لم تقترن بالتوصية على الكتمان ، ومُجرد العدد لا يُزيل السِّرِّيَّة ، وكم من سِرٍّ بين أربعة وبين عشرة لا تزول سريته ما دام القوم قد تواصوا بها وبُني العقد عليها ، ولعلَّ المجالس الخاصة التي يعرفها اليوم أرباب الفُجور المشترك من أوضح ما يدل على أن كثيرًا ما يكون بيْن أكثر من اثنينِ . وإذا كان الزواج السريُّ بنوعيْه الذي لم يحضره شهود ، أو حضروه مع التوصية بالكتمان دائرًا بين البطلان والكراهة ، وأنه يَحمل السرية التي هي عنوان المُحرم كان جديرًا بالمسلم الذي شأنُه أن يترك ما يُريب إلى ما لا يُريب أن يمتنع عنه ، ولا يقدم عليه ، ولا يزجُّ بنفسِه في مداخله الضيِّقة التي لا تُحمد عاقبتُها . إن الزواج الذي لا يُفارق صاحبه الاضطراب القلبي والرُّعب والخوْف من الأهل والأقارب والناس إذا ظهر واشتهر لا يُمكن أن يكون هو الزواج الشرعي الذي إمْتَنَّ الله به على عباده ، وجعله سَكَنًا ومودةً ورحمةً ! لا يمكن أن يكون هو الزواج الذي يُكون الأُسَرَ ، ويحفظ الأنساب ، ويُنشئ علاقة المُصاهرة بين الناس ! لا يُمكن أن يكون هو الزواج الذي رغَّبتْ فيه شريعةٌ ، أساسُها في العقائد والأخلاق والأعمال الوضوحُ والعلانيةُ ، ومُوافقة الظاهر للباطن ، وإن الشهادة لم تُعتبر شرطًا في صحة الزواج إلا لأنها طريق في العادة لإعلانه وإشاعته بين الناس ، وبها يعمُّ خبرُه ، ويشتهر ويَستفيض ، فإذا لم تكن الشهادة طريقًا لإعلانه كان إتخاذها مجردَ إحتيالٍ بشهادة صورية على تحليل ما حرَّم الله ! وكانت لا قيمةَ لها في نظر الشرع والدِّين . وإذا كان شأن المؤمن أن يستبرئَ لدِينه وعِرْضه فإن الزواج السريَّ يُعرِّضه لريبة دينية ، من جهة الإعراض عن الأحاديث الكثيرة المَرويَّة عن الرسول ، القاضية بإعلان الزواج ، ولريبة عِرْضِيَة يُحسُّها في قرارة نفسه حينما يتخيَّل أو يقدر ظهور الأمر بين الناس ، ولا سبيل للتخلُّص من هاتينِ الريبتين وهما من أقوى ما يُفسد على المؤمن إيمانه إلا بمُكافحة الدواعي التي تُزَيِّنُ له هذا النوع من الزواج ، وإنَّ هذه الدواعي مهما بلغت قيمتها في نظره لا قيمة لها أمام هاتينِ الريبتينِ . هذا ما يجب أن يعرفه الناس فيما يختصُّ بالزواج السريِّ . } ا.ه . بعض صور الزواج العرفى المحرم : 1- كتابة ورقة بالزواج : ويقوم خلالها الشاب والفتاة بكتابة ورقة تثبت زواجهما ، وقد نقلت جريدة " المصريون " صيغة أحد العقود العرفية المنتشرة بجامعة عين شمس ، جاء فيها : { إنه في يوم / / 2007 تم عقد القران العرفي بين " " و" " الطالبين في كلية " " جامعة عين شمس على سنة الله ورسوله وعلى المحبة الدائمة والإخلاص . وقد تعاهد الطرفان بأن يظل كل منهما للآخر إلى نهاية الحياة ، وأن يكون من حق الزوج الكلمة الأولى والأخيرة في حياة الزوجية ، بشرط عدم الإنجاب ، وعدم الإقامة الكاملة في مسكن واحد ليل نهار ، وعدم الإفصاح عن الزواج لأحد من الأهلين ، وعدم مطالبة الزوجة للزوج بأن يقوم بالإنفاق عليها من مصاريف دراسية أو إعاشة وملابس وخلافه ، وألا تخون الزوجة زوجها مع أحد من الزملاء ، وألا تعقد قرانها عرفيا أو رسميا إلا بموافقة الزوج موافقة مكتوبة بالدم والشاهد على العقد والحب هو الله ورسوله !!! } 2- زواج الانترنت : كما إنتشرت في الأونة الأخيرة ظاهرة " زواج الانترنت " ، وهو عبارة عن عقود الزواج من خلال غرف الدردشة عبر المواقع الإلكترونية الشخصية للأفراد ، وقد تعرض الكثيرون للخداع والكذب من خلال مواقع التعارف أو الزواج عبر الانترنت . 3- زواج الدم : هو أن يمزج الشاب والفتاة دمهما ليعلنا أنهما إرتبطا برباط مقدس يتيح لهما التصرف كزوجين . وقد أكد مجمع البحوث الإسلامية على عدم شرعية " زواج الدم " . الأسباب والدوافع المؤدية إلى هذا النوع من الزواج : وترصد الدكتورة إيمان شريف قائد أستاذ علم النفس الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن أسباب اقبال الشباب علي الزواج العرفي هي : إقتصادية ، وإجتماعية ، ونفسية . 1- الظروف الاقتصادية : وفي مقدمتها : أ - البطالة : بصفة خاصة تعد المتهم الأول في مشكلة الزواج العرفي لأن الزواج الرسمي يحتاج إلي مبالغ مالية كثيرة لتأسيس منزل الزوجية وبالتالي فلا بديل عن الزواج العرفي الذي لن يتكلف سوي ورقة. ب - المغالاة فى تكاليف الزواج : فالعادات والتقاليد التي تتمسك بها الأسر من مغالاة في الشبكة والمهر تثقل عاتق الشباب وتصيبه بالتعجيز فينصرف عن الزواج ولا يجد حلا أمامه إلا أن يتزوج عرفيا . 2- الأوضاع الاجتماعية : هي الأخري لها اليد الطولي خاصة : أ - غياب الرقابة الأسرية : والتفكك الأسري وعدم متابعة الأهل ، فإذا كان سليمان عليه السلام يتفقد الطير ، قال تعالى :{ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ } ( النمل : 20 ) فالواجب على المسلم أن يتفقد أولاده ،ويسأل عن حالهم من باب أولى . ب - عدم ترسيخ القيم الاجتماعية الصحيحة : في نفوس النشء فلا يوجد توعية . ج - ما تقدمه وسائل الاعلام من مادة إستفزازية : خليعة تثير الغرائز في نفوس الشباب وما تعرضه أيضا من مظاهر الترف الشديد مما يثير الغرائز الجنسية للشباب التي لاتتاح الفرصة لاشباعها بطريقة مشروعة مع عدم التمسك بالقيم الدينية . د - تقليد نموذج الشباب الغربي : في العيش مع بعضهم البعض قبل الزواج . 3- الأوضاع النفسية : الفراغ : والذى لا يحسن الكثير من الشباب إستغلاله فيما ينفعه ، فيقوم بإستغلاله فى معصية الله ، وبما يعود عليه بالضرر . 4- الأوضاع الدينية : أ - عدم وجود رأي ديني واضح : يبين مدي حرمة هذا الزواج من عدمه ، حيث أفتى البعض بجواز هذا النوع من الزواج ، بالمخالفة لرأى الشرع ، وكثرة فتاوى الفضائيات التي تجيز هذا النوع من الزواج ، فيأخذ الطلبة الذين لا يتمتعون برعاية إجتماعية كاملة من البيت هذه الفتوى من الجانب الجنسي وليس بالمفهوم الحقيقي لمعنى الزواج ، الذي من أهم شروطه الإشهار ، وتحقيق السكن والمودة . ب - الاختلاط الزائد وغير المنضبط : داخل المدارس ، والجامعات من الأسباب الميسرة للزواج السري بأنواعه ، ولا سيما مع عدم إنضباط كثير من الفتيات بالزى الشرعى ، والتساهل فى الحديث مع الشباب . ج - قلة الحياء : قال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام : { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ? فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ? نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ? إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى? أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ? فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ? وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ . } ( سورة القصص : 25 – 27 ) وفى كلمة إستحياء قراءتان : الأولى : تمشى على إستحياء ، فيكون فعلها كله حياء ، فالمشية فيها حياء ، لا فيها تبذُّل ، ولا فيها تبرُّج ، ولا فيها إغواء ، ولا فيها تهييج ، وإنما مشية الحياء ، لأن الفتاة القويمة تستحي بفطرتها عند لقاء الرجال والحديث معهم . الثانية : على إستحياء قالت ، فيكون قولها كله حياء ، فكلام المرأة المؤمنة مع الأجانب مختصر وواضح وغير مضطرب ولا مغري !! فقد وجهت الدعوة إلى موسى عليه السلام في أقصر لفظ وأوضحه ، ما أكثرت من الكلام ، ولا أطالت في الحديث ، وإنما لفظ مختصر لكنه واضح في غير ما إضطراب ولا تلجلج يغري أو يهيج . قال ابن كثير : { وهذا تأدبٌ في العبارة لم تطلبه طلباً مطلقاً لئلا يوهم ريبة . } ا.ه . وهذا هو حال الصالحات من المؤمنات التخلق بخلق الحياء فى الفعل ، والقول . ويمتد حياء النساء المؤمنات من أمة إلى أمة حتى يصل إلى أمة الإسلام ، فتمتاز نساؤها بالحياء الشديد ، والذى يمنعهن من مجرد إبداء رغبتهن فيمن يتقدم لهن من الأزواج ، فعن عائشة رضى الله عنها قالت : { قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، يُستأمرُ النساءُ في أبضاعِهنَّ ؟ قال : نعم . قلتُ : فإنَّ البكرَ تُستأمرُ فتستحي فتسكتُ ؟ قال : سكاتُها إذنُها . } ( رواه البخارى ) وفى رواية عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { البِكرُ تُستأذنُ . قلتُ : إنَّ البِكرَ تستحيي ؟ قال : إذنُها صماتُها } ( رواه البخارى ) وعنها أيضا : قالت : { كان إذا أراد أن يُزوِّجَ بنتًا من بناتِه جلس إلى خِدرِها ، فقال : إنَّ فلانًا يذكُرُ فلانةً - يُسمِّيها ، و يُسمِّي الرَّجلَ الَّذي يذكرُها فإن هي سكتت ؛ زوَّجها ، أو إن كرِهت نقَرَت السِّترَ ، فإذا نقَرَته لم يُزوِّجْها . } ( رواه أحمد وصححه الألبانى ) ولا يقتصر التخلق بهذه الفضيلة العظيمة على النساء ، وإنما يشترك معهن فيها الرجال ، وأعظم الأمة حياء ، نبيها صلى الله عليه وسلم ، فعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال : { كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشدَّ حياءً من العَذراءِ في خِدرِها . وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهِه . } ( رواه مسلم ) قال ابن حجر : { وقوله ( في خِدرها ) الخدر ستر يكون للجارية البكر في ناحية البيت } ا.ه. وقال النووي : { معناه أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتكلم بالشيء الذي يكره لحيائه ، بل يتغير وجهه ، فنفهم كراهيته ، وفيه فضيلة الحياء وأنه محثوث عليه ما لم ينته إلى الضعف والخور } ا.ه. ومع بعد الناس عن زمن النبوة الأولى ، وإنغماسهم فى ملذات الدنيا ، وإعراضهم عن التمسك بكتاب الله ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قل خلق الحياء عند كثير منهم ، حتى كاد أن يندثر ، وانتكست الفطرة ، إنتكاسا شديدا ، فتجرأت النساء ، حتى وصل الحال ببعضهن إلى أن يصرحن لأوليائهن بحبهن للرجال ، ورغبتهن فى الزواج منهم ، ويتكلمن فى أمور يستحى الرجال أن يتحدثوا عنها ، بل ووصل الحال ببعضهن إلى الهروب مع من تحبه ، فتتزوجه بغير ولى ، وعلى غير رغبة أهلها ، وربما لم يكن كفئا لها ، وهو ما أدى إلى إنتشار الزواج السرى بين الشباب ، وما هو بزواج ، لإفتقاده لشروط الزواج ، فيجلبن العار لأهلهن ، وينتهى الحال بهن إلى الذل ، والعار فى الدنيا ، والعذاب الشديد يوم القيامة . د - وجود بعض الأطباء المنحرفين الذين يتسترون علي الآثار السلبية للزواج العرفي : مثل قيامهم بعمليات إجهاض وإعادة غشاء البكارة . ه - وجود بعض المحامين الذين يسهلون عمل عقود الزواج العرفي : و – إنتشار عقود الزواج العرفى بالمكتبات : مثلها مثل باقى العقود المدنية ، والتجارية . الأضرار المترتبة على هذا النوع من الزواج : هى نفسها الأضرار المترتبة على الزواج العرفى عموما – والتى سبق بيانها - ويزاد عليها الآتى : 1- وقوع أطرافه فى جريمة الزنا المحرمة شرعا : والمؤثمة قانونا ، وإن كان الحد لا يطبق عليهم لوجود الشبهة عند من يفعلون ذلك معتقدين حله . 2- فشل الطلبة فى تعليمهم : نتيجة إعراضهم عن التعليم ، وإنشغالهم بإقامة تلك العلاقات المحرمة . 3- وقوع الجرائم : حيث يستسهل أطراف العلاقة الإنفصال عنها ، عند حدوث أى مشكلات ، وإقامة علاقات جديدة مع آخرين من ذات المدرسة أوالجامعة ، مما قد يوغر صدر الشباب ، ويترتب عليه إعتداء بعضهم على بعض ، وقد يترتب على ذلك القتل . الوقفة الخامسة : نداء إلى أولياء الأمور : عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ألا كُلّكُم راعٍ . وكلّكُم مسئولٌ عن رعيّتهِ . فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ ، وهو مسئولٌ عن رعيّتهِ . والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتهِ ، وهو مسئولٌ عنهم . والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلِها وولدهِ ، وهيَ مسئُولَةٌ عنهُم . والعبدُ راعٍ على مالِ سيّدِهِ ، وهو مسئُولٌ عنهُ . ألا فكلُّكُم راعٍ . وكلكُم مسئولٌ عن رعيتهِ . } ( رواه مسلم ) فعلى كل من إسترعاه الله رعية أن يؤدى ما عليه فيها ، فهو مسئول عنها أمام الله عز وجل يوم القيامة ، فإذا قمنا بهذا الحق خير قيام إندثرت تلك الظاهرة الغريبة على أمة الإسلام . والله الموفق . * نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والكاتب بمجلة التوحيد