شهر رمضان شهر الصفح والتسامح والخير والبركة والفضيلة، شهر فضله الله على بقية أشهر السنة وجعله فرصة للعباد ليرجعوا إليه، ويتوبوا عن الخطايا، والابتعاد عن ما يغضبه غز وجل, فقد فرض الله الصيام فى هذا الشهر وأنزل فيه الفرقان، وفيه ليلة خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها. قال عز من قال: (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان). فضائله للناس كثيرة ومكرماته جليلة. قال الحبيب صلى الله عليه وسلم (شهر رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار)، ولهذا فإن علينا الاجتهاد والتفانى فى استغلال كل دقيقة من هذه الأيام فى الطاعات والتزود بأعمال الخير؛ لنحظى بما وعد الله الصائمين الرحمة فى أوله، والمغفرة فى أوسطه، والعتق من النار فى آخره, وهذا مبتغى كل مسلم أن يعتق الله رقبته من النار, فالله يعين العبد فى هذه الأيام على العبادة حتى لا يلتفت إلى الشهوات والمغريات. حيث إنه يصفد الشياطين فى رمضان، كما جاء فى الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة, وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين) القصد من ذلك أن الله يشد الشياطين بالأغلال ويعجزهم عن إغواء الصائمين فلا تستطيع تزيين الشهوات ليسلم الصائم من الفتن التى يتعرض لها فى الأيام الأخرى ويكمل صيامه وقيامه بروح الإخلاص لله عز وجل. وبهذا وصلت بكم إلى ما أود الحديث عنه. إذا صفد الله عز وجل الشياطين ليعطى الفرصة للعباد ليتزودوا بالأعمال الصالحة التى تنفعهم. فما بال بعض الناس أفلت شيطانيهم ليقوموا بأدوار الشياطين المكبلة.كيف؟ أقصد بذلك بعض ملاك القنوات التى لا تتحلى بالأخلاق ولا الحياء الإيمانى فقد أفلتوا شياطينهم يبدعون ويتفننون فى إغواء العباد بطرحهم الأفلام التى لا تتناسب مع الأيام الرمضانية، تلك البرامج التى تشد الصائم للابتعاد عن الأعمال الصالحة فى هذه الأيام الفضيلة إنهم يتسابقون فى جذب المشاهدين لأتفه البرامج بأسلوب الإثارة والكوميديا الساخرة التى لا منفعة منها ولا عظة. وكأن شياطينهم مربوطة طوال العام وتطلق مع بداية شهر رمضان تكثف الأعمال التى تفسد الصيام، وتكثر من البرامج المخصصة لهذا الشهر وهى مختلفة ومتنوعة لا ترضى العبد الصالح. والكل يعلم أن هذه الفرصة السانحة للعبادة لا تأتى إلا مرة واحدة خلال العام. ألا تكفيهم الأشهر الباقية للعبث بالفكر المجتمعى، وتشجيع النشء على الانحلال الخلقى، وتغيير مفاهيم التربية، والاستهتار بالقيم والعادات الحميدة. كفوا عنا خلال هذا الشهر، دعونا نلتفت إلى ما ينفعنا ويشفع لنا عند خالقنا، لا تحبطوا أعمالنا بما تقدموه لنا على شاشاتكم، ولا تتزودوا من وسخ الدنيا على حساب ديننا، وقد أعطاكم الله فرصا كثيرة للاكتساب بالطرق المشروعة التى تزيدكم ثراء وتنفع المجتمعات. قال صلى الله عليه وسلم (إن الله ليملى للظالم, حتى إذا أخذه لم يفلته) أى: إن الله يمهل ولا يهمل. فهو سبحانه حليم صبور, فعلينا الاستفادة من حلمه وصبره، فبما أنه أمهلنا إلى الآن فعلينا التوبة الآن. قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فقد صدق الحق، فتعالوا نعود بأنفسنا إلى طريق الحق قبل أن يأتينا هادم اللذات ومفرق الجماعات فإنه حق لابد منه. دعونا نتلذذ بالصيام والقيام وقراءة القرآن فهى فرصة للتسامح والتصافح ونسيان الأيام الخوالى. دعونا نعمل عملاً صالحاً نتقرب به إليه فى شهر البركة والغفران وشهر صلة الأرحام لعله عز وجل يتقبل منا ويكفر خطايانا. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (الصوم جنة, فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب, فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إنى امرؤ صائم) وتعلمون علم اليقين أن برامجكم وأفلامكم التى تعرضونها على شاشات قنواتكم تشدنا إلى الرفث والصخب والتوتر والخروج من الجو الروحانى الذى يساعد على بذل الجهد فى العبادة. اتركونا نستغل هذا الوقت لا تسلبوه منا؛ لأننا نحس بالذنب فى ضياع هذا الوقت الثمين وبالتالى نعود بالدعاء على من كان السبب، والسبب واضح وأخص بكلامى ملاك بعض القنوات المعروفين الأثرياء لعلهم يجعلوا هذا الشهر صدقة لأموالهم علينا بتركنا نعيش الأجواء الروحانية وإعطاء الأسرة المسلمة فرصة لاحتواء أبنائها لتعليمهم كيفية استغلال هذه الأيام المباركة فى الأعمال الصالحة وإبعادهم عن المفاسد الأخلاقية باصطحابهم إلى المساجد للصلاة وتلاوة القرآن وزيارة الأقارب وحثهم على صلة الأرحام. نسأل الله أن يجنبنا جميعا شياطين الإنس والجن, وإلى هنا ندعو الله لنا ولكم بالهداية وأن يردنا جميعاً إليه رداً جميلاً. وكل عام وأنتم بخير. [email protected]