فى إطار متابعتى لتفاصيل النظام الجديد للثانوية العامة ، توقفت أمام كارثة استمرار الدراسة فى هذا النظام الجديد طوال العام حيث سيتم تطبيق نظام تقويمي جديد بحجة تقليل لجوء الطلاب والأسر الى " السناتر " والدروس الخصوصي ، بالإضافة الى الغاء فكرة امتحان كل عام بمفردة وتطبيق النظام التراكمي في التقويم، والذي يعتمد على تقييم الطلاب طوال ال 3 سنوات، بحجة القضاء علي الأمتحان الواحد والذي كان يسبب رعب كبير لأولياء الأمور والطلاب ، ويضيع فرصة الكثير من الطلاب في الإلتحاق بما كانوا يتمنوه من كليات. وللأسف الشديد أقول إن من يزعمون تحقيق هذه الأهداف عبر تطبيق السياسة الجديدة واهمون ولا يعرفون الكثير عن الواقع المصرى .. حيث أن هذا النظام سوف يمثل أعباء جديدة على كاهل الأسر المصرية ولن يتم تقليل اللجوء للدروس الخصوصية بل العكس هو ما سيحدث ، كما أن إستمرار التقييم على مدار ثلاث سنوات سيمثل كارثة أكبر على الطلاب وأولياء الامور معاً ، وبدلاً من أن يضغطوا أنفسهم خلال عام واحد سيكون هناك ضغط نفسى وعصبى ومادى عليهم طوال الثلاث سنوات خاصة على الطلاب الذين سيلتحقون بالثانوية العامة خلال العام القادم والذين لا يعرفون شيئاً عن هذا النظام ولم يبلغهم أحداً بالضمانات الكفيلة بإنجاح تلك التجربة . أما النقطة الأبرز والتى يجب أن يتم التوقف أمامها بالمناقشة والتحليل فهى إدعاء الوزير طارق شوقى وقيادات وزارته بأنه بعد تطبيق هذه المنظومة الجديدة فسوف تنتهى اسطورة الدروس الخصوصية ، حيث أنه - وفقا لكلامهم - عند تطبيقها فلن يحتاج الطالب إلي دروس خصوصية ، وأن كل ما يريد يجده علي بنك المعرفة المصري ، وفي حال إراد شرح من معلم فسيجد آلاف من المعلمين علي يقدمون له الشرح بشكل مجاني علي بنك المعرفة. كما أنه سيتم الاعتماد علي التصحيح الألكتروني والقضاء علي نظام الثانوية العامة في الامتحانات من مراقبة وتصحيح وخلافه ، وسوف يقتصر دور المعلم في النظام الجديد علي الإرشاد والتوجيه ، والغاء النظام التقليدي في التدريس حيث يكون المعلم فيه مجرد ملقن ، ولكن في هذا النظام سيكون المعلم موجه للطالب للمكان الصحيح للمعلومة . أما مكافآت المعلمين فلن تكون علي حضور الأمتحانات ولكن ستكون مرتبطة بأداء التلاميذ ومدي إتقان المعلم لدوره التعليمي في النظام الجديد. وتعقيبا على السطور السابقة نقول : يخطىء أى وزير أو مسئول يتصور أنه يمكن القضاء على فيروس الدروس الخصوصية ، لأنها بالنسبة للغالبية العظمى من المعلمين " مسألة حياة أو موت " ، فهم فئة من فئات المجتمع ويعانون مثل الغالبية العظمى من غلاء الأسعار وارتفاعها بشكل جنونى يوماً بعد يوم دون أدنى رقابة على الأسواق والخدمات ، كما أنهم لم يشعروا بأى تحسن ملموس فيما يتعلق بمرتباتهم ومستحقاتهم المالية ، وبالتالى فإنهم لن يسمحوا لأحد بالإقتراب من هذا الموضوع وسوف يتحايلون عليه بشتى الطرق والوسائل . وكان من الواجب على الوزير ومعاونيه قبل أن يرددوا مثل هذه الشعارات الخاصة بالقضاء على الدروس الخصوصية أن يقوموا بإخطار المعلمين بالزيادات الجديدة التى ستطرأ على رواتبهم واقناعهم بأنها سوف تجعلهم يعيشون فى مستوى إجتماعى لائق فى حال نجاح مواجهة الدروس الخصوصية . فى هذا الإطار نشير إلى أنه وفقاً للنظام الجديد سوف يتم تسليم " تابلت " مجانا للطالب في أول العام ، محمل بكل ما يريد من محتوي علمي ، يريده الطالب في دراسته ، والتابلت ذو امكانيات مميزة ومزود بتكنولوجيا الفور جي في الإتصال ، وهو الذي سيساعد الطالب في التفوق ، والحصول علي ما يريد من معلومات بحر الأنترنت الواسع . وسوف يتم القضاء علي مشاكل أعطال وصيانة التابلت ، وذلك بالعمل علي إنشاء فروع عديدة لصيانة التابلت في جميع إنحاء الجمهورية ، وذلك لعدم تأخر الطالب في الدراسة لأي سبب كان. كما سيتم القضاء علي مشكلة الأنترنت في المدارس وذلك بالإعتماد علي تكنولوجيا الفور جي فبهذا لا يحتاج الطالب إلي انترنت في المدرسة ويتم توفير الأنترنت عن طريق الشركات الأربع المعروفة ، اتصالات - فودافون - موبيل - وي وهي الشركات المتاح فيها استخدام خدمات الفورجي داخل مصر وسيتم عقد صفقات معها لإيصال التابلت بالأنترنت في أي مكان بمصر. وهنا نتوقف أمام هذه الجزئية لنسأل : هل يعلم السادة الذين وضعوا هذه الإستراتيجية أن مصر تحتل المركز 137 فى قائمة الدول الأقل سرعات فى الإنترنت من بين 143 دولة فى العالم ؟ ولماذا لم يقوموا بتوفير الضمانات الكافية لعدم انقطاع الإنترنت الذى يعانى الجميع فى مصر من عدم انتظامه وقد تصل مدة الأعطال فى بعض الأحيان الى أكثر من أسبوعين ؟ وما الذى سيتم عمله مع الطلاب الذين سيتم انقطاع الإنترنت عن المناطق التى يقيمون فيها دون أن يكون لهم دور فى ذلك ؟ وهل سيتم إعادة الإمتحان والتقييم لأمثال هؤلاء الطلاب ؟ ولماذا لم يتم تأجيل بدء العمل بهذا النظام الجديد لحين التأكد من توافر شبكات الإنترنت بالسرعات المطلوبة وضمان عدم انقطاع الخدمة الا فى حالات نادرة جداً ولأسباب خارجة عن الإرادة ولحين إعداد المناهج بطريقة متأنية وتدريب المدرسين والعاملين عليها حتى تؤتى هذه المنظومة ثمارها منذ البداية ؟!!.