ما إن بدأت البوارج الحربية الأمريكية تقترب من شرق المتوسط ، وتزمجر الطائرات الحربية الأمريكية في استطلاعات مكثفة في أجواء سوريا ، حتى اختفى بشار الأسد تماما من المشهد ، عندما أدرك أن التهديد هذه المرة هو جد ، وليس على طريقة باراك أوباما الشهيرة ، بعد أن خرب بلاده ودمرها وتركها فريسة لاحتلال خمسة جيوش أجنبية ، يبحث بشار الأسد الآن عن جحر يختبئ فيه كجرذ حقير ، أو ربما ماسورة مجاري كتلك التي اختبأ فيها الطاغية معمر القذافي قبله ، التقارير مجمعة على أنه غادر العاصمة دمشق هو وأطفاله ، تاركا أهلها لمصيرهم ، لكن تفاصيل هروبه غير محددة الوجهة ، تقارير إيرانية تقول أنه تم نقله مع عائلته إلى طهران حتى تنتهي الحملة الدولية وتنكشف أبعادها ، والإعلام "الإسرائيلي" يقول أن قافلة عسكرية روسية شحنته في إحدى سياراتها إلى قاعدة حميميم في الساحل السوري ليكون في حماية القوات الروسية هناك ، وهناك أخبار تتحدث عن أن الروس نقلوه إلى أحد المنتجعات الروسية حتى تنجلي الأمور . في الوقت الذي تتعرض فيه سوريا إلى هذا التهديد الخطير من ائتلاف عسكري دولي يشارك فيه الأمريكيون والفرنسيون والبريطانيون وأيضا السعودية ودول عربية وأجنبية أخرى ، يختفي "الرئيس" ولا يفكر حتى في أن يخاطب شعبه بأي خطاب يوضح الحالة ، أو يعلن عن موقفه ، أو كيف "يحمي الديار" وهو من يرفع جيشه شعار "حماة الديار" ، أول شيئ فكر فيه هو أن يحمي نفسه وامرأته وأطفاله ، أما باقي الشعب فلا يخصه ، هو يتاجر بهم وباسمهم فقط في الخطب العصماء ، وفي أحاديث المقاومة والصمود والممانعة ، أشهر أكذوبة عاشها العرب في عصرهم الحديث ، ومن يعارضه منهم أو حتى يسأله استفهاما يتم سحقه بالبراميل المتفجرة أو ببراميل الكيماوي أو الموت تعذيبا في أقبية سجون مخابراته المتنوعة والمتشعبة . ليس بشار وحده الذي اختفى ، بل أركان حكمه ، لا أحد يعرف أين أخوه الآن ، القائد العسكري الهمام الذي يستأسد على أبناء شعبه فقط ويسحقهم بالدبابات ، لكنه يتحول إلى "جرذ" هو الآخر عندما يتهدده أصحاب البطش والقوة ، واختفى سهيل الحسن ، أشهر قادة الطاغية بشار العسكريين ، كما اختفى كثيرون من كبار المسئولين ، وهناك حالة من الاضطراب الشديد في العاصمة دمشق الآن ، فالجميع ينتظر المجهول ، ولك أن تتصور أن هذا الارتباك والفوضى والهلع والخوف من عدة هجمات منتظرة بالطيران أو الصواريخ ، بينما صمد أبناء ثورة سوريا وجيشها الحر سبع سنوات أمام موجات لا تنقطع من أسراب الطيران الروسي وصواريخ مدمراته ومن قبله طيران النظام والطيران الإيراني ، ناهيك عن حملات الميليشيات الشيعية المتطرفة من لبنان والعراق وأفغانستان . هكذا يفعل الطغاة ببلدانهم ، وبشعوبهم ، يتعالون عليهم ويسحقونهم ، ويعلنون الحرب على المدنيين العزل ويستأسدون عليهم إذا طالبوا بالحرية والكرامة والمشاركة في صنع مستقبل أوطانهم ، فإذا أصرت الشعوب على مطالبها حولوها إلى مزق مشتتة وبقايا أوطان ودمروا كل شيء وأعادوا البلاد عقودا أو قرونا للوراء بحيث لا تصلح لأي حكم بديل في المستقبل المنظور ، ثم لا يتورعون عن تحويل أراضي بلادهم إلى مستعمرات وتسليمها للجيوش الأجنبية طالما سوف تحمي شرعيته الشكلية وسيطرته على ما تبقى من شعبه الذي لم يهاجر بعد ويتيه في الأرض . تاجر بشار الأسد طويلا بحكاية المقاومة ، ثم ظهر في النهاية أنه أفضل من خدم إسرائيل هو وأبوه طوال السنوات الأربعين الماضية ، وكلما نسي نفسه وحاول أن يتمرد قاموا بتأديبه بقصف مطار أو تدمير قاعدة فيعود صاغرا ، مكتفيا بتصريح تليفزيوني متكرر وخائب عن أنه يحتفظ بحق الرد ، وفتح بلاد العرب للاحتلال الفارسي ، وعمل على تغيير الخريطة السكانية للمدن السنية الكبرى ، دمشق وحمص وحلب وحماة ، لكي يعيد تشكيلها على أسس طائفية جديدة ، ولم يترك جريمة بشعة وسوداء إلا وارتكبها في حق شعبه من أول اغتصاب النساء في سجونه ومراكز الاعتقال حتى قصف الأطفال والنساء بالأسلحة الكيماوية إذا استعصوا عليه أو صمدوا فترة أطول ، وكل ذلك موثق بتحقيقات بعضها للجان أممية رسمية ، لقد كشف الغطاء عن كل هذا الزور والدجل الذي استخدمه بشار لخداع العرب وسحق شعبه ، وأصبح الطاغية في العراء الآن ، ولا عزاء للمغفلين . [email protected] https://www.facebook.com/gamalsoultan1/ twitter: @GamalSultan1