فخامة الرئيس.. أوقن أنك مثقلٌ بالأعباء والأعمال.. وأدرك أن أمامك الكثير من المهام والأفعال.. وأعرف أن الشعب المصرى الذى انتخبك يعلق عليك من الآمال.. ما تنوء بحمله الجبال.. ومتأكد أن مستشاريك والفرق العاملة معك لديها قوائم مكدسة بمطالب الجماهير ومكتظة بآلامهم وآمالهم، وأن ما قد أرفعه إليكم معلوم لديكم.. ولكنها يا سيدى أداء الأمانة وإبراء الذمة.. وإبلاغ رسالة حملنى إياها عشرات البسطاء ممن قابلتهم داخل مصر وخارجها.. هؤلاء الذين يتطلعون إليك إلى الفارس الشرقاوى "أدهم الشرقاوى" نصير الكسير والفقير والأسير. فخامة الرئيس.. لقد أثبتت مخازى النهب والسلب المنظم لثروات البلاد ومقدرات الشعب التى انكشفت لنا بعد الثورة المباركة؛ أن أولى وأفضل وأربح استثمار فى مصر هو إيقاف نزيف ماسورة الفساد وإغلاق محبسها باللحام، وإذا كان العرب يقولون فى أمثالهم إن "حفظ الموجود أولى من طلب المفقود"، فنحن نطالب بإنشاء هيئة قومية عليا للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، تكون مرتبطة بمكتبكم مباشرة وتتولى الإشراف والتنسيق مع كل الأجهزة ذات العلاقة كالجهاز المركزى للمحاسبات وجهاز الكسب غير المشروع، نريدها قوية حكيمة حازمة حاسمة لا تظلم ولا تجامل ولا تبطش ولا تهادن؛ ولا تعرف الضغوط ولا الاستثناءات ولا الحسابات ولا تصفية الحسابات؛ معاييرها موحدة غير مزدوجة؛ مستقاة ومتطابقة مع المعايير الدولية المعتمدة فى البلدان المحترمة التى تتربع على قمة العالم فى النزاهة والشفافية. فخامة الرئيس.. نحتاج إلى وزارة مستقلة لحقوق الإنسان لتسترد لنا ما أهدرته عقود القمع من كرامة المواطن المصرى، فلن يُسهم فى مشروعك النهضوى يا سيدى من يعيش معرضًا للتنكيل والبطش وصفع قفاه وركل مؤخرته وسب أبيه وأمه وابتزاز المخبرين، نريد مواطنًا عزيزًا يحترم رجل الشرطة ولكن لا يعبده؛ ويوقر موظف الحكومة ولكن لا يقدسه، لذا فنحن نحتاج إلى مؤسسة حارسة تسعى لبلوغنا مرتبة الإنسانية السوية؛ وتحقيق مجتمع العدالة والكرامة والمساواة. فخامة الرئيس.. نحتاج إلى وزارة مستقلة لحماية المستهلك، فالمواطن المصرى يا سيدى يتعرض لأبشع صور الاستغلال فى العالم، غش تجارى.. غلاء فاحش.. نصب واحتيال.. تدنى مستوى جودة السلع والخدمات.. ابتزاز لا يبدأ من سائقى الميكروباص، ولا ينتهى عند شركات الاتصالات وإعلانات التليفزيون.. سيدى لقد أصبحت سمعة مستوردينا (مضروبة) فى السوق العالمى لأنهم (يلملمون) قمامة المنتجات ليبيعوها لنا بأفحش الأسعار.. سيدى نحن ندفع رسومًا عجيبة فى أماكن غريبة دون أن نعرف لماذا ندفعها؟ ولا من الذى قررها وكيف قدرها؟ وليس بوسعنا الاعتراض؛ ولو علم بها الفريق شفيق سيتساءل: مبررة ولا مش مبررة؟، سيدى لقد بادرتم بإصلاحات للدخول، ولكن حماية المستهلك أهم من ذلك بكثير؛ لأن مافيات الابتزاز والاستغلال هى التى تستفيد فى النهاية من أى زياداتٍ فى الدخول. فخامة الرئيس.. نحتاج إلى وزارة مستقلة للتطهير والتطوير الإدارى؛ فشعبنا العجيب اكتفى بالتندر والتفكه على إجراءات الروتين البيروقراطى العفن التى نتفرد بها عن سائر دول العالم، حيث تكونت بتراكم خليطٍ من فرمانات المماليك الانكشارية وهمايونات السلاطين العثمانلية وإملاءات القوى الاستعمارية ومخلفات الحقبة الاشتراكية وتفصيل ترزية القوانين المزجنجية، إن بقاء هذه النظم واللوائح يا سيدى يهدر كرامة المواطن ويكرس تخلف الوطن، ويفضى إلى إهدار المال والوقت والجهد، ويُسبب البطالة المقنعة والوساطة الطفيلية والرشوة، وهو من أسباب الاختناق المرورى وشيوع أمراض الضغط والسكرى والقلب والشرايين، ولا يخفى عليك كما نعلم جميعًا أنه لا يوجد إجراء روتينى معقد إلا وخلفه مسئول فاسد منتفع من بقائه سواء كان موظفًا صغيرًا أو كبيرًا، لذا فالتطوير فيها قرين التطهير، وهى تحتاج إلى ثورة جذرية تحقق طفراتٍ نوعية ولا ترتضى أنصاف الحلول. فخامة الرئيس.. الثوب البالى لا يُصلحه الترقيع؛ ومدننا أصبحت أثوابًا بالية ضاقت علينا وأفسدها الزحام وسوء الاستخدام؛ فنرجو أن يتوجه تخطيطكم إلى المدن الجديدة والمجتمعات الجديدة التى يتنفس الناس فيها هواءً نقيًا ويتحركون فيها بسلاسة فيتمكنوا من العمل والابتكار والتفكير الإبداعى، لقد كانت فكرة المدن الجديدة فكرة رائدة طموحة ولكنها عند التطبيق أفسدها الفساد؛ فالفساد يا سيدى أصلُ كلِ كساد، أما سواحلنا الطويلة الغنية الجميلة الثرية، فمن بعد طول نسيانٍ وتجاهل انقض عليها (كالعادة) تحالف المال والسلطة؛ ليجعل منها منتجعات راقية للمارينز ينعمون فيها بحمامات الشمس التى تغطى فيها الزيوت الغالية ما لم يغطه المايوه البكينى من الأجساد العارية. فخامة الرئيس.. لقد أسفرت عقود التجريف عن تراجع حضارى شديد فى شتى أوصال المجتمع المصرى؛ سيدى قبل ربع قرن لم يكن العالم الإسلامى يعرف مقرئًا لكتاب الله سوى رفعت والحصرى والمنشاوى وعبد الباسط؛ والآن أصبح هذا المنتج الراقى لا يُعرف فى مصر؛ حيث حل محله مهرجانات الأفراح الشعبية التى يفرضها علينا سائقو التاكسيات والتكاتك، وقس على ذلك الريادة فى الفن والثقافة والإبداع والابتكار، وقفص الاتهام فى هذه القضية المصيرية يعج بالمتهمين ولكن على رأسهم ثلاثة: قمع الحريات؛ وتدنى التعليم؛ وفساد الإعلام، لذا فإن محاولة الوصول إلى أول درجة على سلم الإصلاح هو إعطاء الأولوية للتطهير فى تلك المجالات، وهى مهمة استشهادية فى ظل المرتزقة من جماعات النفوذ والمصالح من مصاصى الدماء الذين يقتاتون من هذا التلوث. فخامة الرئيس.. أقسم بربى أن هذا غيضٌ من فيض.. وليس توقفى شفقةً عليك بل أن حبى لك هو الذى دفعنى لمصارحتك، ولكننى أتوقف شفقة على القارئ فحسبه المكلمة المحيطة به أنى اتجه، حفظ الله مصر.. وحفظك لمصر.. وأعانك على التركة الثقيلة.. ووقاك شر المتربصين والمرجفين.. والمثبطين والمحبطين.. ووفقنا لمساعدتك.. ورزقنا جميعًا الإخلاص لهذا الوطن.