ولد الشهيد غسان كنفانى فى التاسع من إبريل عام 1936 فى مدينة عكا بفلسطين، وهو عضو المكتب السياسى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عرفته جماهيرنا صحفياً تقدمياً جريئاً، دخل السجن نتيجة جرأته فى الدفاع عن القضايا الوطنية أكثر من مرة. بعد احتلال فلسطين انتقلت أسرته إلى دمشق، وشارك غسان أسرته حياتها الصعبة، أبوه المحامى عمل أعمالاً بدائية بسيطة، أخته عملت بالتدريس، هو وأخوه صنعوا أكياس الورق، ثم عمالاً، ثم قاموا بكتابة الاستدعاءات أمام أبواب المحاكم، وفى نفس الوقت، الذى كان يتابع فيه دروسه الابتدائية، بعدها تحسنت أحوال الأسرة وافتتح أبوه مكتباً لممارسة المحاماة فأخذ هو إلى جانب دراسته يعمل فى تصحيح البروفات فى بعض الصحف وأحياناً التحرير واشترك فى برنامج فلسطين فى الإذاعة السورية وبرنامج الطلبة وكان يكتب بعض الشعر والمسرحيات والمقطوعات الوجدانية. انخرط فى حركة القوميين العرب، وفى أواخر عام 1955 التحق للتدريس فى الكويت، وفترة إقامته فى الكويت كانت المرحلة التى رافقت إقباله الشديد، والذى يبدو غير معقول على القراءة وهى التى شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة فكان يقرأ بنهم لا يصدق. كان يقول إنه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهى قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن ستمائة صفحة وكان يقرأ ويستوعب بطريقة مدهشة. فى الكويت، بدأ يحرر فى إحدى الصحف ويكتب تعليقًا سياسيًا بتوقيع "أبو العز" لفت إليه الأنظار بشكل كبير خاصة بعد أن كان زار العراق بعد الثورة العراقية عام 58 على عكس ما نشر بأنه عمل بالعراق. كتب أيضاً أولى قصصه القصيرة "القميص المسروق" التى نال عليها الجائزة الأولى فى مسابقة أدبية، وفى عام 1960 حضر غسان إلى بيروت للعمل فى مجلة الحرية كما هو معروف، ثم أخذ بالإضافة إلى ذلك يكتب مقالاً أسبوعيا لجريدة "المحرر" البيروتية والتى كانت ما تزال تصدر أسبوعية صباح كل اثنين، لفت نشاطه ومقالاته الأنظار إليه كصحفى ومفكر وعامل جاد ونشيط للقضية الفلسطينية، فكان مرجعاً لكثير من المهتمين. أشهر أعمال كنفانى "رجال فى الشمس" التى استوحاها من حياته وحياة الفلسطينيين بالكويت، وإثر عودته إلى دمشق فى سيارة قديمة عبر الصحراء، كانت المعاناة ووصفها هى تلك الصورة الظاهرية للأحداث أما فى هدفها فقد كانت ترمز وتصور ضياع الفلسطينيين فى تلك الحقبة وتحول قضيتهم إلى قضية لقمة العيش مثبتاً أنهم قد ضلوا الطريق. كان غسان أول من كتب عن حياة أبناء الخليج المتخلفة ووصف حياتهم وصفاً دقيقا مذهلاً، وذلك فى قصته "موت سرير رقم 12"، ولا أستطيع أن أؤكد إذا كان سواه قد كتب عن ذلك من بعده. استشهد فى مثل هذا اليوم عام 1972 بعد أن انفجرت عبوات ناسفة كانت قد وضعتها الأيدى الصهيونية فى سيارته تحت منزله، مما أدى إلى استشهاده مع ابنة شقيقته لميس.