لم يكن والده مقتنعاً بجدوى الدراسات العليا، وأراد لابنه أن يكون تاجراً أو ممارساً لأى مهنة أخرى، ولكن طموح الابن أبى إلا أن يتابع دراسته، وكان غسان كنفانى قد ولد فى التاسع من أبريل عام 1936، والتحق بمدرسة الفرير بيافا، ولم تستمر دراسته الابتدائية سوى بضع سنوات، ولما كانت أسرته تعيش فى حى المنشية بيافا الملاصق لتل أبيب فقد شهد أولى الاحتكاكات بين العرب واليهود التى بدأت هناك إثر قرار تقسيم فلسطين، وعاد الوالد وزوجته وأبناؤه إلى عكا عام 1947 وفى أواخر أبريل 1948 جرى الهجوم الأول على عكا، وغادرت أسرة غسان إلى لبنان ثم إلى حلب، ثم إلى دمشق، حيث استقر بهم المقام وافتتح أبوه مكتباً لممارسة المحاماة، فأخذ هو إلى جانب دراسته يعمل فى تصحيح البروفات فى بعض الصحف وأحياناً التحرير، وكان يكتب بعض الشعر والمسرحيات وأثناء دراسته الثانوية برز تفوقه فى الأدب العربى والرسم، وعندما أنهى الثانوية عمل فى التدريس فى مدارس اللاجئين، وبالذات فى مدرسة الأليانس بدمشق، والتحق بجامعة دمشق لدراسة الأدب العربى، وانخرط فى حركة القوميين العرب، وفى أواخر عام 1955 التحق بالتدريس فى المعارف الكويتية، وهناك بدأ يحرر فى إحدى صحف الكويت، ويكتب تعليقاً سياسياً بتوقيع «أبوالعز»، وفى الكويت كتب أولى قصصه القصيرة «القميص المسروق»، كما ظهرت عليه بوادر السكرى، وفى 1960 حضر إلى بيروت، وعمل فى مجلة الحرية، وكتب مقالاً أسبوعياً لجريدة «المحرر» البيروتية، وفى 1961 تزوج غسان من «آن» البولندية، وكان يسكن فى شارع الحمراء ثم انتقل إلى حى المزرعة، ثم إليمار تقلا كان أدب غسان متفاعلاً دائماً مع حياته وحياة الناس والهم الوطنى العربى مثلما فى «عائد إلى حيفا»، وفى «أرض البرتقال الحزين» و«موت سرير رقم 12»، و«رجال فى الشمس»، و«مما تبقى لكم»، وفى «عن الرجال والبنادق» إلى أن استشهد فى مثل هذا اليوم 8 يوليو 1972 إثر انفجار عبوات ناسفة وضعت فى سيارته وهى تحت منزله، واستشهدت معه ابنة شقيقته لميس حسين نجم، وكان عمرها 17 سنة.