تضع القاهرة اللمسات النهائية خلال الساعات المقبلة لإبرام صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" على غرار صفقة التبادل السابق بين الطرفين، والتي تم بموجبها الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل 700 من الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية. وتسابق جهات سيادية الزمن لإبرام هذه الصفقة وتحديد مراحلها مستغلة صعوبة الأوضاع الإنسانية في غزة ومخاوف إسرائيل الشديدة من انفجار الأوضاع في القطاع المضطرب؛ بسبب نقص الوقود والمواد الغذائية والاحتياجات الأساسية للقطاع المحاصر منذ 11عامًا. وتحاول القاهرة إطلاق أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين والعرب من السجون الإسرائيلية مقابل 4 من الجنود الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة منذ عدة أعوام وبالتحديد بعد العملية العسكرية التي شنتها على القطاع عامي 2012 و2014. وتمارس القاهرة ضغوطًا شديدة كي تبرم صفقة على شاكلة صفقة شاليط مقابل عدد كبير من الأسرى، وهو ما يصطدم بتعنت حكومة نتنياهو الراغبة في أن يكون الأسرى من الكبار في السن والأطفال والنساء أي صفقة تبادل بصيغة إنسانية، وهو ما ترفضه القاهرة وحركة حماس التي عرضت قوائم تضمن عددًا من الأسرى من الفصائل الفلسطينية ومن القادة الميدانيين. وربطت إسرائيل، بحسب مصادر مطلعة، بين ضرورة المضي قدمًا في مراحل الصفقة وبين الحصول على ضمانات تثبت أن جنودها الأربعة المختفين على قيد الحياة وبل تتمسك بالحصول على شريط فيديو للجنود المفقودين على غرار ما حدث في صفقة شاليط، وهو أمر لم تمانع فيه حماس والقاهرة. وتجرى جهات سيادية كمصري اتصالات مكثفة بين الحركة وإسرائيل للوصول إلى قواسم مشتركة بين الطرفين تحدد الخطوط العريضة للصفقة المتوقعة ومدى جدية الطرفين في إبرامها خلال الفترة الماضية في ظل حاجة حركة وحماس وحكومة بنيامين نتنياهو إلى إنجاز كبير في ظل تعقد المشهد السياسي في المنطقة وتردي الأوضاع في غزة. الدكتور طارق فهمي، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، قال إن مصر تبذل جهودًا مكثفة للوصول لصفقة تبادل بين حماس وإسرائيل ولكن تفاصيل هذه الصفقة التي تأمل القاهرة أن تتم على غرار صفقة شاليط عام 2011 لم تخرج للنور بعد. وأوضح فهمي في تصريحات له أن هناك صعوبات شديدة بأن تتم الصفقة على غرار صفقة شاليط، لاسيما أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة واجهت انتقادات شديدة لما قيل إنها تنازلات قدمت لحركة حماس في الصفقة الأولى؛ حيث تم الإفراج عن شخصيات رفيعة من حماس منهم على سبيل المثال قائد حماس في قطاع غزة يحيي السنوار وغيره، وهو ما سيدفع حكومة نتنياهو للتشديد بشكل قد يؤخر إبرام الصفقة. ولفت إلى أن القاهرة ستسعى وبقوة لردم الهوة بين إسرائيل وحماس والوصول إلى حل وسط بين الطرفين بشكل يسرع من إجراءات الصفقة، لاسيما أن حكومة نتنياهو تواجه ضغوطًا من ذوي الجنود الأربعة لإبرام الصفقة. وبدوره، قال المنسق السابق لشئون الأسرى والمفقودين «دافيد ميدان»، للإذاعة الإسرائيلية، الاثنين، «أعتقد أنه سيكون هناك حل لموضوع الجنود المفقودين». وأضاف: «المفتاح هو إيجاد وسيط تتوفر لديه الرغبة والدوافع القوية لإجبار حماس، على التوصل إلى اتفاق معنا». ورجح ألا تكون صفقة التبادل لن تكون بالحجم الذي كانت عليه صفقة «شاليط»، وأنها ستكون مرتبطة بمسائل إنسانية، قائلاً: "أعتقد أن هناك محاولات للاتصال، وفي نهاية الأمر سينتج شيء ما، ليس بالعدد الذي شهدناه في الماضي، ولكنه سيكون مرتبطًا بالأوضاع الإنسانية».