سر قوة محمد مرسى فى خطابه بميدان التحرير، أمس الأول، الجمعة، هو الظهير الشعبى الذى رآه بعينيه مؤيدًا ومعضدًا.. عندها قال له إن السلطة للشعب ولميدان التحرير وباقى ميادين مصر.. السلطة ستعود إلى الشارع عندما لا يتمكن منها وكلاؤه أو نوابه فى البرلمان. اليمين الدستورية، التى أقسمها مرسى أمام الميدان هى اليمين الحقيقية وليست الرمزية لأنها أمام الأصل.. فالشعب هو الأصل ومصدر كل السلطات.. أما قسمه أمام المحكمة الدستورية العليا، فهو البروتوكول أو لمجرد تنفيذ نص ورد فى الإعلان الدستورى التكميلى غير الشرعى. إعلان وضعه من لا يملك وفرضه على من يملك الشرعية الشعبية الوحيدة حاليًا. الظهير الشعبى المتمثل فى الميدان منح مرسى القوة والثقة قبل المواجهة المحتملة، مع المجلس العسكري، فالصلاحيات التى أعلن الرئيس أنه لن يتهاون فيها وسيتمسك بها كلية غير منقوصة، لن تنتزع بسهولة من الجنرالات، وسيقاومون كثيرًا ومعهم الصالونات الفضائية، التى يكرسها البيزنس لإجهاض الثورة والميدان. وحتى نكون صادقين مع محمد مرسى، فهو أحوج اليوم إلى النصيحة لا الشكر.. إلى من يقول "أخطأ مرسى".. لا من يهدى إليه أبيات شعراء السلطان.. عبارة "أخطأ مرسى" إذا كانت فى موضعها ستفيده ملايين المرات وتجعل الشعب ظهيرا حاميا له، يلجأ إليه عندما يشتد الكرب ويحكم الحصار. مرسى سيعمل فى بيئة كارهة له لأنها بيئة فلولية بامتياز.. الأجهزة المحيطة به لا تحبه.. والإعلام المسيطر على الدولة ينظر إليه على أنه فى مرتبة أقل من المجلس العسكرى، ولذلك كان التفاف ميدان التحرير حوله أثناء خطابه هو مصدر قوته، ومقلقًا بشكل كبير لهؤلاء الانتهازيين ولخلاياهم النائمة، التى تسعى للانقضاض عليه بعد أن تنجح فى فض تحالفه مع الشعب. سيخطئ مرسى إن تأخر فى إصلاحاته استنادًا إلى الملاءمات السياسية التى قد ينصح بها بعض المستشارين، فمثل تلك الملاءمات تضييع للوقت مع العسكر.. ولكى يرى الرئيس الصورة واضحة ويتعلم منها، عليه استعادة ما حدث مع الدكتور عصام شرف، رئيس وزراء الثورة، الذى رشحه الميدان ثم أعطاه ظهره ليفقد أهم عناصر قوته، وانتهى الأمر فى النهاية إلى ثورة الميدان عليه. استمرار التأييد الشعبى لمرسى سيكون مصدر قوته فى معركة انتزاع الصلاحيات، التى عليه أن يكون مبادئا بها فورا بمجرد حلفه اليمين البروتوكولية. الهجوم خير وسيلة للدفاع يا مرسى، فلا تنتظر دقيقة واحدة، وإلا ستتمتع بجزء شكلى من الحكم لكى يثبتوا أن الإسلاميين لا يستطيعون أن يحكموا ولا يملكون أدوات النجاح فى السلطة. [email protected]