استهداف "الروضة" يفتح ملف التنظيمات الجهادية.. الكتاتنى: التحول الفكرى للدواعش ينذر بكارثة.. والمراجعات الفكرية لن تنجح بهذه الطريقة الحل الأمنى فى سيناء لن يثمر وحده فى محاربة الإرهاب.. و"عبد الوهاب" و"ابن غانم" سبب تكفير الدواعش ل"الصوفيين" الحسينى: اتهام "الجهاديين" للطرق الصوفية بالكفر أمر غير مقبول.. والمواجهة الأمنية وحدها ليست كافية لمواجهة التطرف "داعش" يهدد الصوفية بسبب تدخل أمريكا بالعراق وهو ما لم تدعمه الصوفية من الأساس كارثة حقيقية تواجه مصر فكريًا ومجتمعيًا.. إنه التحول الفكرى الذى أصاب الجماعات الإرهابية والتكفيرية، التى أصبحت لا تفرق بين مسلم أو مسيحي، حيث إنه منذ بداية انتشار هذا الفكر وتلك التنظيمات كانت قائمة فى الأساس على استهداف الأجانب، والقادمين من الخارج باعتبارهم خارجين عن الإسلام، بحسب كلامهم إنما الأمر اللافت الآن أنها تتجه إلى استهداف طوائف وفئات بعينها من المسلمين، والدليل على ذلك الأحداث الأخيرة التى طالت الكنائس والأقباط، ومن بعدها الكارثة الكبرى، فى استهداف مسجد الروضة، ببئر العبد فى العريش، والذى أستهدف الفئة المنتمية إلى الفكر"الصوفي"، وهو الفكر الذى تعتبره بعض تلك الجماعات أنهم "كفار" كما يزعمون، هذا التحول جعلنا نحاول أن نخوض ونتعمق بشأن أفكار وتوجهات هذه الجماعات المتطرفة من خلال مناظرة بين الباحث الأكاديمي، والخبير فى شئون الحركات الإسلامية، إسلام الكتاتنى، وعبد الحليم الحسيني، المتحدث باسم الاتحاد العالمى للطرق الصوفية. إسلام الكتاتنى الحادث الإرهابى بمسجد"الروضة".. هل ترى أن هناك تحولاً فكريًا فى تنظيم الجماعات التكفيرية؟ نعم، بالتأكيد هناك حالة من التحول سيطرت على الجماعات التكفيرية، بعد استهداف فئات وطوائف بعينها بدأت بالأقباط والكنائس ووصل إلى استهداف المسلمين والمساجد، وهو الأمر الذى لا يخدم سياسات تلك الجماعات، التى تتخذ الدين ستارًا لها لإخفاء ما يخططون له. ما المخطط التى تريد تلك الجماعات تنفيذه ولصالح من؟ مخطط الجماعات التكفيرية هو ما يريد تنفيذه "الموساد الإسرائيلي"، والولاياتالمتحدةالأمريكية والدول العظمي، التى تريد تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير، واتخاذ سيناء دولة جديدة للفلسطينيين، بديلًا عن فلسطين، بالإضافة إلى الرغبة فى تفتيت الوطن العربي، عن طريق استخدام تلك الجماعات وما يسمى بالمنتمين إلى جماعات الإسلام السياسي، لتنفيذ هذا المخطط . لماذا سيناء تحديدًا المنتشر فيها البؤر الإرهابية دون عن محافظات مصر؟ سيناء باعتبارها منطقة نائية وبعيدة عن الزحام السكاني، بالإضافة إلى قلة أعداد البدو الذين يقيمون فيها، دون ذلك فهناك رغبة حقيقة فى أخذ المنطقة فى سيناء لتكون وطنًا بديلًأ للفلسطينيين، لذلك يجب على الدولة أن تقوم بتنمية سيناء، والبحث بشكل فعلى عن الاستقرار الأمنى الذى غاب عن سيناء منذ سنوات. ما الطوائف التى من الممكن أن يصطدم بها الجماعات التكفيرية بعد الصوفية؟ بعد الاعتداء على مسجد الروضة التابع للطرق الصوفية، لا يستبعد استهداف أى مدنى او أى طائفة سواء مسيحية أو مسلمة، لاعتقادهم الدائم بأن كل المجتمع "كافر"، لذلك من المتوقع حدوث عمليات إرهابية أخرى خلال الفترة المقبلة خاصة مع احتفالات أعياد الميلاد والمولد النبوى الشريف. لماذا استحل "الدواعش" دماء الصوفيين؟ بسبب الخلاف الفكرى بين الطرفين، التابع للتنظيم المنتمى للسلفية الجهادية والآخر من الذى يتبع الطرق الصوفية، و يرجع ذلك لاعتقاد المتشددين بأن أتباع هذه الطرق يشركون بالله، ويمارسون كفرًا بتوسلهم للأولياء. ما الأسانيد التى قام عليها اعتقاد تكفير الصوفيين؟ المذكرات الخاصة بمؤسس السلفية الوهابية محمد بن عبدالوهاب، الذى كتب فى رسائله للقبائل التى حاصرها، عن الصوفية أنهم مشركون وشبه استغاثاتهم دائمًا بعبادة الأصنام، بالإضافة إلى قول ابن غنام وهو تلميذ محمد بن عبدالوهاب، الذى كتب على لسان العلماء دون أن يحدد من هم ليقول إن "من غلا فى نبى أو رجل صالح أو غير صالح، وجعل فيه نوعًا من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدى فلان أغثنى وأجرنى وانصرنى وأنا فقير إليك، وأنا فى حسبك، فهذا شرك وضلال وجنون وخبال، يستتاب صاحبه وتقام عليه الحجة فإن تاب وإلا ضربت عنقه"،ووصف ابن غانم الصوفيين بأنهم أهل الفجور والشرك «أهل الضلال». المراجعات الفكرية من أحد أساليب الدولة لمحاربة الإرهاب هل نجحت؟ المراجعات الفكرية داخل السجون، لم ولن تأتى بأى جديد فى صالح الدولة المصرية، أو محاربة الإرهاب، كما يخرج المسئولون بها، والسبب وراء ذلك هو عدم اختيار الشخصيات ذوى الخبرة المناسبة للقيام بهذه المراجعات مع المحبوسين فى السجون والمتهمين بالانتماء إلى هذا الفكر، وهناك الكثير من الشخصيات التى من الممكن الاستفادة منها فى هذا الآمر، على رأسهم نبيل نعيم، وثروت الخرباوي، وكمال حبيب، وغيرهم من الشيوخ الذين كانوا على صلة قريبة بهذه الجماعات. كيف تتم المواجهة الحقيقية لمكافحة الإرهاب؟ لن يكون الحل الأمنى وحده كافيًا لمواجهة الفكر الإرهابى والداعشى، الذى انتشر فى مصر، فيجب أن يقوم على محورين أساسيين، الأول هو محور الوقاية من خلال تحصين الأجيال القادمة من الشباب الصغير لمنع تسرب الأفكار الإرهابية والمتطرفة إلى عقولهم خاصة مع زيادة العنف الذى يشهدوه فى الفترات الأخيرة، ويأتى ذلك من خلال الوزراء المعنيين والمتخصصين بداية من وزارة التربية والتعليم، والمناهج الخاصة، انتهاء بدور وزارة الشباب والرياضة فى توعية الفكر. أما المحور الثانى، وهو محور العلاج، وهى عن طريق المراجعات الفكرية التى سبق ذكرها للشباب الذين انتموا فعليًا إلى تلك الجماعات، أو تراجعوا عن دعمهم ولكن مستمرين فى دعمهم فكريًا وذلك من خلال استخدام سياسة الاحتضان لرجوعهم إلى حب الوطن مرة أخرى، والبعد عن تفكيرهم فى تدمير وعدم استقرار الدولة، وذلك من خلال المراجعات الفكرية لهؤلاء من خلال متخصصين فى هذا الأمر، والهيئات والمؤسسات على رأسها "أطباء علم النفس، والأزهر الشريف". بالحديث عن الشباب المنتمى إلى "التنظيمات التكفيرية" كيف يتم استقطابهم؟ يتم اختيار الشباب للانضمام إلى الجماعات الإرهابية، من خلال الفكر، حيث إن الشباب الضعيف فكريًا وإيمانيًا هو المستهدف الرئيسى لتلك الجماعات، فمن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يتم الدخول إلى حسابات الشباب والحديث معهم عن الدين ليتم استقطابهم فكريًا إلى الفكر الدينى المتطرف، وإدخال مسألة الدفاع عن الإسلام والدين من خلال الأخذ بالثأر من المناهضين لفكرهم الإرهابي. بالإضافة، إلى أن المجتمع المصرى به العديد من الشباب المتأثر بشكل سلبى من جانب المستوى الاجتماعي، فالبطالة والأمية، هم الأسباب الحقيقية وراء سهولة استقطاب الشباب، وهى المدخل الاساسى للجماعات التكفيرية، التى توفر الأموال والتعاليم بشكل كبير وفورى للشباب الذى ينضم إليها. عبد الحليم الحسينى كيف ترى استهداف مسجد الروضة فى سيناء التابع للطرق الصوفية وما رسالة الإرهابيين؟ الإرهاب يرسل رسالة إلى الشعب المصرى كله، وليس للطرق الصوفية فقط، لأن الاستهداف الأخير للروضة يعد استهدافًا للمصريين، ومحاولة لزعزعة استقرار الوطن، وتنفيذًا لمخططات خارجية تهدف إلى إسقاط الدولة المصرية وأمنها. واستهداف مسجد الروضة بسيناء، يعد استمرارًا للنهج الذى تسير عليه التنظيمات الإرهابية بشأن النيل من الصوفيين حيث إنها المرة الثانية الذى يتم الاعتداء على الصوفية فى المولد النبوى الشريف، حيث كان آخر استهداف فى العام الماضى وفى نفس التوقيت تقريبًا باغتيال الشيخ سليمان أبو حراز، شيخ مشايخ الصوفية بشمال سيناء، والذى أعلنت التنظيمات الإرهابية أنها من قامت باستهدافه فى نوفمبر من عام 2016 الماضي، وبرروا الأمر بأنه يدعى "التكهن ومعرفة الغيب"، على حد قولهم. برأيك.. لماذا انتشرت الأفكار الخاصة بالجماعات التكفيرية فى وقت قصير بمصر؟ بسبب الأمية وانتشارها بشكل زائد فى الدولة، بالإضافة إلى سهولة استقطاب الشباب الصغير الذى يشعر بأن الدولة ومسئوليها لا يقفون بجوارهم بالقدر الكافي، نظرًا للازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تمر بها مصر فى الآونة الأخيرة، كما أن الجماعات التكفيرية تستخدم مناهج "علوم النفس" فى مسألة التأثير على الشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعى التى يسهل على تلك التنظيمات من خلالها التواصل مع الشباب حتى يتم اللقاء فيما بينهم، ليتم تدريبهم باحترافية فى استخدام السلاح، والقتال، وبث فكرة أن التفجيرات واستهداف أماكن بعينها، هو نصرة للإسلام كما يزعمون. هل هناك خطة للطرق الصوفية لمواجهة الفكر المتطرف؟ بالتأكيد الطرق الصوفية لها تأثير قوى ودور فى مسألة مواجهة الفكر المتطرف، من خلال اللقاءات التى يتم إعدادها من جانب القيادات المتصوفة، مع الشباب فى الكثير من الندوات والمحافل التى تضم الطرفين، حيث إن الصوفية تعتبر دواء لداء التطرف فى مصر، خاصة وأن مصر تعتبر من البلدان المتخذة من التصوف مرجعاً دينياً، تحت راية الوسطية والاعتدال، لذلك فالطرق الصوفية لها طريقتها الخاصة وأنماطها المختلفة لمواجهة التطرف والغلو الدينى الذى تحول إلى ظاهرة إقليمية ودولية يغذيها فكر ظلامى إرهابى يسيء إلى الإسلام والمسلمين. لماذا تم تهديد الصوفية على وجه الخصوص من جانب داعش؟ كان ذلك منذ عام تحديدًا، حيث أصدر تنظيم داعش بيانًا يتوعد فيه الطرق الصوفية والمشايخ التابعين لهذا الفكر، بسبب رفض بعض الأشخاص التابعين للصوفية الانضمام إلى هذا التنظيم ومبايعة ما يسمى «ولاية سيناء»، وهو ما يؤكد أن الدواعش والتنظيمات الإرهابية بشكل عام لا علاقة لها بالإسلام، حيث إنهم لو كانوا يعرفون مناهج الصوفية فلم يتخذوا أى إجراءات لمواجهتهم أو الاعتداء عليهم كما فعلوا فى حادث الروضة، والسبب الرئيسى وراء هذا التهديد، هو زعمهم بأن الطرق الصوفية ساندت الولاياتالمتحدةالأمريكية،عند دخولهم للعراق مما جعل القيادات الصوفية فى مصر ترسل توجيهاتها إلى أتباعها هناك بمساندة الجيش العراقى فى حرب الإبادة التى يقودها ضد داعش، وعدد آخر من التنظيمات المتطرفة التى تسيطر على أجزاء عديدة من مدن عراقية أهمها الموصل، وهو ما تم نفيه فى وقت سابق من جانب أبناء الطرق الصوفية فى حينه. السلفية الجهادية تكفر "الصوفية" والمنتمين إليها.. ما ردك على ذلك؟ اتهام السلفية الجهادية للطرق الصوفية بالكفر، أمر لم يقبله الصوفيون نظرًا لعدم استناد السلفية إلى أى دلائل فى هذا التكفير، ويلجأون إلى بث فكر معين بشأن حب الأولياء الصالحين، على أنه كفر، ولكن للرد على ذلك فأن فكر السلفية الجهادية فى مصر يعتبر امتدادًا للفكر الوهابى فى السعودية، وهو الفكر الذى لا يتناسب مع مصر وطبيعة شعبها، المتعدد الأديان، بعكس السعودية التى لا يوجد بها سوى اتباع الدين الإسلامى فقط. والسلفية الجهادية فى مصر، ترتبط بشكل وثيق بالمشايخ فى السعودية أمثال أبن باز والعثيمين، وهناك اتهامات تلاحق السلفيين لم يستطيعوا الرد عليها بشأن العطاء المادى المباشر من السعوديين عن طريق توظيف المصريين للعمل بالسعودية والخليج، حيث يختلط المصريون بالسلفيين هناك ويعودون محملين بالفكر الوهابى لينشروه فى مصر. هل تتوقع زيادة وتيرة الإرهاب واستهداف آخر للطرق الصوفية؟ الإرهاب لن يتم القضاء عليه بشكل كامل، إلا من خلال تضافر كل الجهود ومؤسسات الدولة والشعب المصرى نحو مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، فبالتأكيد سيزيد الإرهاب ليس فى مصر فقط بل فى دول العالم كله، نظرًا لعدم مواجهته بالقدر الكافى والشكل الصحيح، أما بالنسبة للطرق الصوفية، فهى تتوقع أى أحداث ولكن استهدافها يعد استهدافًا للشعب المصرى كله، وليس فئة بعينها. ما المخطط الذى تهدف التنظيمات التكفيرية لتنفيذه داخل مصر؟ هو مخطط خارجى، يقضى على مصر واستقرارها بشكل كامل، بالإضافة إلى رغبتها فى الاستيلاء على سيناء، لبناء وطن جديد للفلسطينيين، وتهجيرهم من فلسطين، لتكون وطنًا للكيان الصهويني، وهو مخطط تهدف له الدول الأجنبية على رأسها إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية، على الرغم من التقارب القوى بيننا وبينهما فى الفترات الأخيرة، ولكن هذا لم يؤثر على مخطط الشرق الأوسط الكبير الذى يشتت الوطن العربي، على رأسه مصر. كيف ترى المواجهة التى تقوم بها مصر الآن مع الإرهاب؟ مواجهة الإرهاب فى مصر مواجهة منقوصة، حيث إنه من الضرورى أن تتم المواجهة بكل الطرق والسبل، والمواجهة الأمنية التى تقوم بها الدولة ليست كافية للقضاء على الإرهاب، ولكن من الضرورى أن تتم الاستفادة من الأزهر الشريف، والأوقاف، فى مسألة تجديد الخطاب الديني، والمراجعات الفكرية للمنتمين إلى ذلك الفكر داخل السجون، وخارجها، بالإضافة إلى دور وزارة التربية والتعليم فى تجديد المناهج وبث أفكار مواجهة الإرهاب والتطرف، وتوعية الصغار والشباب إلى أخطار هذا الفكر، قبل أن يتم استقطاب الشباب لدى تلك التنظيمات التى لها تأثير قوى على أفكار الشباب وقادرة على استقطابهم كما ذكرت.