فى وسط خضام السياسة والمعارك والاستقطاب، التى نشبت وستنشب بين مؤيدى الدولة الوليدة والحالة الثورية وبين مجموعة مبارك وبيروقراطيته العتيدة، تتوزع الشخصيات وتتفرد الألوان، ليست هناك شخصية أو شخصيتين للفرد المصرى، فالمجتمع المصرى مازال يعتمد على المراوغة والكذب وعدم استشفاف الأمور، ومازالت العصبيات القديمة والسلطة الكبيرة، التى يتمتع بها الكبير داخل القرية أو الحى وإن كانت قد اختفت فى المدن الكبيرة. عشية إعلان النتائج الانتخابية أظهرت تفوقًا واضحًا للمرشح الإخوانى الدكتور محمد مرسى فى جنوب مصر داخل محافظات الصعيد، ودخل أحمد شفيق المنافسة من خلال محافظات الشمال الكبيرة المساحة والعدد. السؤال الآن: هل يظل تفوق الفريق أحمد شفيق فى محافظات شمال الدلتا؟ هل يسهم الأقباط بنسبة كبيرة فى التصويت لأحمد شفيق؟ . أيضًا الدكتور محمد مرسى، مرشح حزب الحرية والعدالة، والقوى الثورية وإن كانت ليست كلها، ولكن هو مرشح محسوب على ثورة 25 يناير وينال تعاطفا كبيرا داخل قطاعات عريضة من المجتمع المصرى الذى قضى نحو 60 عامًا فى ظل حكم العسكريين، والآن يتوق إلى حاكم مدنى يحكم بقوة القانون، وليس بالسيف، لقد تفوق الدكتور مرسى فى محافظات الصعيد حيث يكاد يكون قد حصل على أغلبية مطلقة داخل محافظات الصعيد وبنسبة كبيرة داخل قنا والمنيا وأسوان وسوهاج. هل يظل الوضع على ما هو عليه، ويظل الشمال للفريق شفيق والجنوب للدكتور مرسى إما يكون لكل حادث حديثا.. ونظرة فى داخل محافظات مصر ال 27 سنجد تركيبة مختلفة وشخصيات متفردة رغم الثقافة الواحدة والأرض المرتبطة والمترابطة. أصوات الدلتا لمَن؟! تركيبة محافظة الدلتا تكاد تكون واحدة فى الملامح والشخصية ولكن اختلاف الأفكار والأذواق هو الذى يشكل الفروق والنتائج، تتكون محافظات الدلتا من 7 محافظات هى: الدقهلية المنوفية الشرقية الغربية كفر الشيخ البحيرة القليوبية، وهى تمثل العدد الأكبر من سكان مصر، وتمثل أكبر كتلة انتخابية مهمة لكلا المرشحين. تتصدر الدقهلية محافظات الدلتا بعدد ناخبين يبلغ 3 ملايين و675 ألف ناخب، وتأتى بعدها محافظة الشرقية بعدد مقيدين يصل إلى 3 ملايين و499 ألف ناخب، وفى المركز الثالث البحيرة، التى تضم 3 ملايين و277 ألف ناخب، لتشكل المحافظات الثلاثة معاً 10.5% من إجمالى الناخبين فى مصر. تضم محافظة الغربية مليونين و 914 ألف ناخب، يأتى بعدها فى المركز الخامس القليوبية مليونين و606 آلاف مسجل فى الكشوف الانتخابية، فيما تأتى محافظة المنوفية فى المركز السادس بمليونين و211 ألفًا، ثم محافظة كفر الشيخ، التى تضم مليون و863 ألف ناخب، ليصل إجمالى أعداد الناخبين فى الدلتا إلى نحو 20 مليون صوت، بما يعادل 40% من الأصوات. فى الجولة الأولى خسر الدكتور مرسى فى ثلاث من محافظات الدلتا، ولم يفز إلا فى محافظة واحدة من محافظات الدلتا وهى محافظة البحيرة، أما المرشح أحمد شفيق فقد حصل على الفوز فى محافظتى الشرقيةوالدقهلية، فلمن ستكون الغلبة فى جولة الإعادة؟.. وهل ستكون على أساس قوة المرشح وكاريزميته أو تعتمد على العمل المؤسسى الضخم.. ستشكل الأمية والوازع الدينى عاملاً مؤثرًا فى اختيار المرشح خاصة أن قواعد جماعة الإخوان المسلمين تسيطر سيطرة تكاد تكون كاملة فى محافظات الشرقيةوالدقهليةوالقليوبية والبحيرة، حيث يوجد بها أكبر عدد من مناصرى ومؤيدى الجماعة الكبرى فى مصر. نسبة الفقر ومستويات الدخل المتدنية فى محافظات الدلتا ستشكل وازعًا قويًا فى التصويت لكلا المرشحين، حيث الذى يستطيع إقناع جماهير الناخبين بصدق برنامجه الانتخابى وقوته، وأنه سيقوم بانتشالهم من الواقع السيئ والفقر، الذى سببته الاعتصامات والانقلابات فى الأيام الفائتة.. أيضًا سيكون للمسجد دوره الكبير فى مسألة التصويت لمرشح جماعة الإخوان المسلمين، خصوصًا فى المحافظات الأشد ريفية، والتى مازالت سلطة الأب أو كبير العائلة هى المسيطرة على أبناء الريف.. فى الشرقية سيكون ناشط الإخوان مكثفًا جدًا ؛ باعتبارها أحد قواعدهم العتيدة، ومسقط رأس مرشحهم، هذا، بالإضافة إلى البحيرة المحافظة، التى تعتبر أحد أهم روافد قيادات الجماعة، والدقهلية، وأيضًا الغربية باعتبارها محافظة ريفية فى الأساس ، رغم وجود المدينة العمالية الكبيرة المحلة الكبرى، ولكن تظل من أهم قواعد جماعة الإخوان، لا ينفلت منها إلا محافظة المنوفية، التى من المعروف عنها ميلها إلى النظام السابق، وأن كانت ليست إجابة قاطعة، ولكن هى ثقلها داخل محافظات مصر إما بالنسبة إلى عدد الأقباط فهو ليس العدد الذى يشكل نسبة كبيرة فى محافظات الدلتا عدا القليوبية، التى تضم حى شبرا الذى يضم نسبة كبيرة من الأقباط.. إذا ثلاثة أماكن ستتحكم فى التصويت المسجد الذى سيكون المكان الأكبر والأضخم فى اختيار المرشح - جهة العمل باعتبار الدلتا تمثل ثقل فى جهاز الدولة البيروقراطى - أخيرا نشاط الأحزاب والجماعات، وهذا يتوقف على مدى نشاط حزب الحرية والعدالة ومشاركة حزب النور له، ورجال الحزب الوطنى المنحل وصوت المواطنين الخاضعين والخانعين خوفًا من سيطرة الإخوان ويريدون الاستقرار، ولو حتى على مستنقع الفساد الكبير.. هل يكون للقاهرة والجيزة الكلمة الحاسمة فى الجولة القادمة؟ تتصدر محافظة القاهرة، جميع محافظات مصر من حيث عدد اللجان الفرعية (المراكز الانتخابية)، وكذلك من حيث عدد الناخبين الذى يبلغ 6 ملايين و497 ألف ناخب، بنسبة تصل إلى 11.2% من إجمالى الناخبين المدرجين بالجداول على مستوى الجمهورية، وفى المركز الثانى تأتى محافظة الجيزة بإجمالى ناخبين يصل إلى 4 ملايين و289 ألف مواطن، بما يمثل نحو 8.7% من إجمالى الناخبين فى مصر، لتشكل القاهرةوالجيزة نحو 19.9% من الناخبين. تشكل القاهرةوالجيزة أكبر تكتل سكانى فى مصر ، من حيث الأعداد المدرجة فى كشوف الناخبين ، حيث تصل نسبتهم ، كما ذكرنا إلى حوالى 20 بالمائة من إجمالى عدد الناخبين المقيدين.. من المعلوم أن القاهرةوالجيزة ليست مركز ثقل للتيار الإسلامى، ولكن تجتمع فيها البيرواقراطية المصرية وطبقة رجال الأعمال وأصحاب المنافع وأنصار النظام السابق، لذا ستكون المنافسة شرسة على صاحب الحظ الأوفر فى اجتذاب الناخبين إلى صفه وجانبه وسيكون لعامل الدفاع عن الحريات الشخصية وفساح مجال للطبقة الوسطى للعمل، والكسب هو المسيطر على جولة الإعادة، ومن يستطيع أن يبعث برسائل مودة اطمئنان الطبقة العليا على مصالحها ستكون إلى جانبه وصفه، وكما ذكرنا هى طبقة الدولة العميقة المصرية، حيث يجتمع فى القاهرةوالجيزة طبقة أصحاب رأس المال المدافعين عن الحريات والناشطين السياسيين وأصحاب الرأى لذا سيكون من الصعب أن تجد مرشحًا يتمتع بكل الصفات، التى تجتذب جماهير الناخبين إلى صفه. أكبر عدد من طبقة رجال المال والأعمال والبنوك والجهاز الكبير للعاملين فى الوزارات والمصالح الحكومية وعدد الأقباط الذى يقارب من مليون ناخب فى المحافظتين سيكون له ثقل داخل عاصمة مصر وتابعتها الجيزة، المعرفة والقدرة على تحليل المواقف والشخصيات والاقتناع بالثورة من عدمه هو الذى سيشكل العامل الأكبر فى اختيار المرشح الأوفر حظًا من بين المرشحين الباقين للإعادة.. القاهرة كانت رمز الثورة ومركز تجمع الكنيسة الأم التى يأتمر الأقباط بأمرها لذا ستكون لها الكلمة الفصل فى الانتخابات، والسياحة فى محافظة الجيزة، والتى تشكل أول موارد المحافظة وأهمها ستكون عاملاً مؤثرا فى نتائج جولة الإعادة القادمة. الإسكندريةودمياط المحافظات الساحلية المصرية، والتى تضم أكبر موانئ مصر على شاطئ البحر المتوسط من ناحية الجنوب، فتتصدرها الإسكندرية، ب 3 ملايين و291 ألف ناخب، تليها دمياط ب 2مليون دمياط و852 ألفا 249 ناخبا، يشكلان معا حوالى 6 ملايين و143 ألفا و249 ناخبا 10% من عدد الناخبين المصريين. الإسكندرية هى أحد أكبر معاقل التيار السلفى فى مصر، وتشكل تكتل هائل بالنسبة للتيار الدينى فى مصر، ولكن فى الجولة الأولى من الانتخابات تخلت الإسكندرية عن سلفيتها ورشحت المرشح الناصرى حمدين صباحى.. السؤال هل ستكون جولة الإعادة كالجولة الأولى من الانتخابات أم سيكون لحزب النور والتيار السلفى رأى آخر خاصة فى ظل تضامنهم مع جماعة الإخوان المسلمين ومرشحها الدكتور مرسى. بالنسبة لدمياط كانت الجولة الأولى تصب فى صالح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح المستقل عن جماعة الإخوان، السؤال هل سترشح دمياط الدكتور مرسى مرشح الجماعة الرسمى أم سيكون هناك دور آخر للفول، من المعلوم أن نسبة الأمية تشكل نسبة أكثر من الثلث فى محافظة دمياط ومعظمهم من طبقة أصحاب الحرف والعمال ويشكل الميناء وصيد الأسماك أحد أهم مصادر الدخل، لذا معظمهم من طبقة البروليتاريا أو العمال وسيكون تأثير المستوى الاقتصادى وكيفية الارتقاء بالمستوى المادى وتحسين وسائل الإنتاج وتوفير فرص عمل هو الوازع الأكبر فى تحديد إلى أين تتجه أصوات الناخبين. محافظات الوجه القبلى فى صعيد مصر، تتصدر محافظة المنيا كأكبر كتلة تصويتية، حيث تضم 2 مليون و668 ألف ناخب، تليها محافظة سوهاج ب 2 مليون 347 ألف ناخب، وبعدها أسيوط ب 2 مليون و87 ألفاً فقط. ثم تأتى محافظة قنا بمليون و604 آلاف ناخب، تليها الفيوم بمليون و554 ألفاً، ثم بنى سويف بمليون و427 ألف ناخب، تليها أسوان ب 859 ألف ناخب، ثم الأقصر ب 673 ألفا وبعدم البحر الأحمر ب 225 ألفًا و218 ناخبًا فقط.. ليصل إجمالى الناخبين المقيدين فى كافة محافظات الصعيد إلى نحو 29% من إجمالى الناخبين فى الجمهورية، بعدد مقيدين يصل إلى 14.8 مليون ناخب. 29% من عدد الناخبين المقيدين فى جداول الانتخابات هى كتلة الصعيد، أكثر من ثلث جماهير الناخبين، يسيطر التيار الدينى بصورة تكاد تكون منفردة فى بعض محافظات الصعيد نظرًا للارتباطات التاريخية بين جماعات التيار الدينى، وأهل الصعيد خاصة فى ظل عدد كبير من قيادات جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية من أهل الصعيد.. ومازالت الارتباطات العائلية وسلطة الكبير، هى التى تتحكم فى من سيكون مرشح العائلة أو القرية. بصورة عامة، برز مرسى الأقوى فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وكان الدكتور مرسى بارزاً قويًا جدًا فى محافظات كثيرة.. يشكل الصعيد أكبر نسبة من الفقر والأمية والجهل بين المصريين، نظرًا لانصراف الحكومة السابقة وعدم اهتمام بالصعيد، وأهله مما تسبب فى أزمات كثيرة مع الحكومة.. لذا كان التيار الدينى وخاصة جماعة الإخوان، التى كانت تساهم فى حل مشكلات الثأر والمشكلات الناتجة عن الفقر وتوفير بعض فرص العمل من أهم الأسباب، التى جعلت لها ركائز قوية داخل الصعيد. سيلعب الأقباط دورا كبيرا خاصة فى ظل العدد الكبير، الذى يشكله الأقباط فى جنوب مصر، حيث يمثلون حوالى نصف عدد الأقباط المصريين أو أكثر قليلاً، ولكن الصورة تكاد تكون محسومة لجماعة الإخوان والتيار الدينى السلفى.. هذا بالإضافة إلى السلطة الأبوية والتقاليد القبلية، التى مازال يعتمرها أهل الصعيد بمعنى أن مرشح الكبير أو الأب هو مرشح العائلة أو مرشح القرية بأكملها دون الرجوع فى وعد أو كلمة يقولها أو وعد قطعوه لمرشح بعينه. ستكون هناك ثلاثة أماكن حاسمة فى التصويت، بداية من المسجد الذى يشكل الملتقى الذى يجتمع فيه الناس خاصة فى ظل عدم نشاط للأحزاب فى الصعيد باستثناء حزب الحرية والعدالة، وستكون الدوار أو البيت الكبير هى العامل الثانى المحرك للأحداث فى ظل السلطة المطلقة للأب أو كبير العائلة، وأخيرا الجماعة الإسلامية بثقلها الكبير فى عملية الحشد للمرشح الذى يبغون نجاحه ووصوله إلى سدة الحكم، هذا بالإضافة إلى نشاط أعضاء الحزب المنحل ولكن لن تكون مؤثرة إلا فى بعض المناطق خاصة الحضرية جدا منها أو طبقة الموظفين فى جهاز الدولة أو فى نطاق عائلاتهم فقط.. محافظات القناة تأتى محافظة الإسماعيلية فى الصدارة، بنحو 700 ألف 515 ناخبًا، تليها بورسعيد، التى تضم 436 ألفا و703 ناخبين، ثم السويس ب 381 ألفا 783 ناخبا مقيدا فى الكشوف. تشكل حوالى 2% فقط من إجمالى أعداد الناخبين المصريين، وهى محافظات ثورية وراديكالية، أى تميل إلى عدم الولاء لشخص بعينه أو جماعة بعينها على الرغم من نشاط جماعة الإخوان المسلمين المكثف داخل أروقة هذه المحافظات.. تتمتع محافظات القناة بمستوى مرتفع إذا ما قورن مع محافظات الصعيد أو محافظات الدلتا، وهذا بسبب قلة عدد السكان وانتشار نسبة المتعلمين داخل أبنائها، واعتماد أبنائها على البحر الذى يعد ملتقى كبيرا للثقافات خاصة اليونانية والإنجليزية. فى الجولة الأولى حصل الدكتور محمد مرسى على أكبر عدد من الأصوات فى محافظة الإسماعيلية بفارق ليس كبيرًا عن أحمد شفيق، فى حين كانت بورسعيد ترشح الناصرى حمدين صباحى بقوة، وأيضًا السويس التى شهدت صراعا شرسا بين حمدين والدكتور مرسى وأبو الفتوح.. ومن واقع الأحداث يتبين أن الأقرب إلى الفوز بهذه النسبة من سيكون له اليد الطولى فى تعبئة المواطنين والاستقطاب السياسى أو المذهبى واللعب على أوتار نقاط ضعف الآخر.. المحافظات الحدودية وأخيرا ولأنها تمثل أقل النسب فى الأعداد برغم أنها تمثل أكبر نسبة من أراضى الدولة المصرية ولكنها كتلة مهملة لا أحد يتحدث عنها أو حتى يعرف ما مشاكلها.. وفى المحافظات الحدودية، تتراجع أعداد المقيدين بدرجة كبيرة، وتتصدرها محافظة شمال سيناء ب 207 آلاف 906 ناخبين، ثم محافظة مطروح ب 204 آلاف 733 ناخبا، وبعدها الوادى الجديد ب 141 ألفا 959 ناخبا، وفى النهاية جنوب سيناء ب 62 ألفا 759 ناخباً فقط. وتصل نسبة المحافظات الحدودية من إجمالى أعداد المقيدين فى الكشوف إلى نحو 1.5% فقط من أصوات المصريين. وهى نسبة متدنية جدًا بالنسبة للمساحة الكبيرة جدا التى تمتع بها هذه المحافظات، ولكن هى ليست التى ستحسم الانتخابات، ولكن نشاط التيارات الدينية وجماعة الإخوان وبعض فلول الوطنى هو الذى سيشكل العامل الحاسم فى مسألة التصويت لصالح مرشح أحدهم. الكلمة الأخيرة ستكون للإخوان، إذا فهموا الدور المنوط بهم وتعلموا الدرس، وأن الغرض هو الفوز بالسلطة لتكوين جبهة وطنية وليس الاستمرار فى السلطة مثلما كان يفعل مبارك. الإخوان ورهان الحشد كان الاعتقاد السائد فى أوساط النظام السابق طوال أيام الثورة المصرية أن الثورة ليست سوى حلقة جديدة فى المواجهة بين النظام والإسلاميين، سيما الإخوان.. وجولة الإعادة انتهت إلى مواجهة بين أحد أبرز رجال النظام السابق والمرشح الإخوانى. ولكن الحقيقة أن هذه المعركة، المعركة الأخيرة فى مسيرة الثورة والتغيير، أكبر بكثير من الإخوان المسلمين. مهما كانت أسباب نجاح شفيق فى الوصول لجولة الإعادة، فليس ثمة شك فى أنه يظهر مهارة سياسية ملموسة للعمل فى ظل مناخ ديمقراطى، تعددى. ولأن ثمة ما يدفع للاعتقاد بأنه سيكون أول من ينقلب على هذا المناخ إن وصل إلى مقعد الرئاسة، فإن ما يدور فى معسكر القوى السياسية المؤيدة للثورة، أن من الضرورى حشد كافة القوى لإيقاع الهزيمة به. من جانب آخر، سيسعى مرسى لأن يحقق فوزا مقنعاً وكافياً للقول بأن الشعب المصرى اختار فيه المستقبل الذى تعد به الثورة، وأن الانتخابات وفرت للرئيس شرعية لا يتطرق إليها الشك، لأن شرعية الرئيس ستكون أداته الأهم لمواجهة مراكز القوى المختلفة فى جسم الدولة، التى تسعى للعب أدوار من أجل الاحتفاظ بمواقع فوق - دستورية. ورغم أنه من الصعب حشد جميع القوى المؤيدة للثورة خلف مرسى، فإن الإخوان يتحملون مسؤولية كبيرة فى حشد القطاع الأكبر من هذه القوى؛ إضافة إلى مسؤولية تطمين قطاعات الشعب المختلفة، التى لم تعط أصواتها لأى من المرشحين الإسلاميين.