حلمي أخفى شابة يهودية عن أنظار النازيين والتي ارتدت الحجاب وأصبحت مسلمة عائلة الطبيب: ابننا قتل في حرب مع إسرائيل وحينما أنقذت الشابة اليهودية لم تكن إسرائيل موجودة قالت صحيفة "هاآرتس" إن "قريب من عائلة محمد حلمي، وهو أول مصري وعربي ينقذ اليهود في الحرب العالمية الثانية، وافق على تكريمه من قبل متحف ياد فاشيم الخاص بما يسمي (المحرقة النازية)". وأضافت أن "الدكتور محمد حلمي ولد عام 1901 لوالدين مصريين بمدينة (الخرطوم) عاصمة السودان، وفي عام 1922 انتقل إلى (برلين) لتعلم الطب بجامعة (فريدريك فيلهلم) وهي اليوم جامعة (هومبولدت) وفي عام 1933 أصبح خبيرًا في الطب الباطني. ومع صعود النازية في ألمانيا تم ملاحقة حلمي بسبب أصوله غير الآرية واعتقل عام 1939 مع عدد من المصريين الآخرين، لكن تم إطلاق سراحه بعد ذلك ولم يتمكن من الزواج بخطيبته الألمانية آمي لافي ارنست". وتابعت: "بالرغم من المضايقات والمطاردات التي تعرض لها، ساعد حلمي بشكل سري شابة يهودية تدعى أنا بوروس وأخفاها بعيدًا عن أيدي النازيين وذلك في عام 1942، هذه الشابة ولدت في رومانيا وانتقلت مع والدتها لبرلين عندما كانت تبلغ العامين، وتحت حماية ورعاية الطبيب المصري عاشت بوروس كمسلمة باسم مستعار (نادية) وارتدت الحجاب، وتزوجت من مسلم آخر". وأشار إلى أنه "بعد الحرب كتبت بوروس اليهودية (صديق طيب لعائلتنا هو الدكتور حلمي؛ أخفاني عن أعين النازيين في بيته ببرلين من 10 مارس 1942 وحتى انتهاء المعارك، ما فعله الدكتور حلمي من أجلي كان كرمًا وحفاوة وشجاعة وسأكون أسيرة فضله ما حييت وللأبد)"، لافتة إلى أن "حلمي ساعد كذلك والدة الشابة اليهودية وزوج والدتها يوليا وجدتها". ولفتت "على مدار السنوات زار حلمي وزوجته أقاربه في القاهرة وكان يحافظ على اتصال مع بوروس اليهودية، والاثنان التقيا أكثر من مرة في برلين، لقد تزوجت بوروس من يهودي بولندي وأصبح اسمها أنا جوتمان، والاثنان هاجرا للولايات المتحدة وكونا هناك عائلة، جوتمان توفت عام 1986". وأوضحت أن "متحف (ياد فاشيم) الإسرائيلية لضحايا الكارثة النازية من اليهود قرر في 2013 الاعتراف بحلمي كأحد الأشخاص الذين أنقذوا اليهود وفي محاولة لإيجاد أقارب عائلته، توجه المتحف لوسائل الإعلام ولسفارة القاهرة بإسرائيل، وعثرت وكالة الأنباء الأسوشيتد بريس على إحدى أقارب حلمي في مصر التي رفضت قبول الأمر بقولها (كنا لنكون سعداء لو تلقينا هذا من أي دولة أخرى)". وأضافت: "للمرة الأولى في التاريخ ستمنح شهادة إنقاذ اليهود لعائلة عربي مصري أنقذ اليهود في الكارثة النازية، وبعد 4 سنوات من الاعتراف بالرجل كأحد منقذي اليهود وافق مندوب عن عائلته على تلقي الشهادة بذلك من متحف (ياد فاشيم) الإسرائيلي"؛ لافتا إلى أنه "رغم رفض العائلة قبل سنوات في تلقي الشهادة من المتحف إلا أنه في أعقاب جهود المخرجة الإسرائيلية طاليا بينكل اإإقناعها أحد أقارب حلمي بالسفر من القاهرةلبرلين وتلقي الشهادة نجح الأمر؛ وهو ما يتزامن مع تصوير فيلم عن حلمي". وذكرت الصحيفة أن "مراسم هذا الطقس ستجرى في مبنى يتبع وزارة الخارجية الألمانية وليس في سفارة تل أبيب ببرلين وذلك لأن عائلة حلمي يصعب عليها الحصول على شهادة (ياد فاشيم) بشكل مباشر من مؤسسة إسرائيلية". وقالت إن "المتحف الإسرائيلي قبل سنوات وبعد رفض عائلة حلمي الحصول على الشهادة، أعلنت في بيان لها: نحن آسفين ونتمنى أن يأتي يوم يتغلب فيه الشعور الإنساني على نظيره السياسي"". ولفتت الصحيفة إلى أن "ناصر قطبي ابن شقيق الطبيب محمد حلمي، وهو أستاذ في الطب يبلغ من العمر 81 عامًا، هو الذي سيتلقى شهادة (ياد فاشيم) في برلين من يد السفير الإسرائيلي هناك، جيرمي يسسخروف وذلك يوم الخميس المقبل". ونقلت عن يسسخروف قوله: "حلمي خاطر بحياته لإنقاذ معارفه اليهود، لقد تعامل بشكل مختلف عن هؤلاء الذي يعمقون الفجوة والعداء بين اليهود والمسلمين، من خلال حلمي انتصرت الإنسانية وتغلبت على كل شئ أخر، دون اعتبارات للجنس أو العقيدة". وذكرت أن "الصحفي الألماني رونين شتاينكا عثر بنفسه على أقارب عائلة حلمي في مصر والذين أوضحوا له انهم يرفضون الحصول على شهادة المتحف لأنها مؤسسة سياسية تمثل إسرائيل، وليس لها الحق في تمثيل كل اليهود، وقالوا للصحفي الألماني "إسرائيل قامت عام 1948 وعندما أنقذ حلمي الشابة اليهودية لم تكن تل أبيب موجودة، لهذا فليس للأخيرة الحق في تمثيل الضحايا اليهود من عصر النازيين". ونقلت الصحيفة عن شتاينكا قوله: "لقد انتقدت عائلة حلمي سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين وقالوا إن ابنا لهم قتل بإحدى الحروب بين مصر وإسرائيل قائلين: "بالنسبة لنا حلمي لم ينقذ أنا لأنها كانت يهودية وإنما لأنها إنسان ومحاولة منحه شهادة على إنقاذ اليهود أمر لا يستحق". وقال الصحفي الألماني: "التقيت مع قطبي في القاهرة، هذا الرجل نشط ضد العداء للسامية في مصر ويذكر العلاقات الطيبة بين اليهود والمسلمين والمسيحيين ببلاده في القرن الماضي؛ لقد تحدث في حنين وشوق إلى الماضي الرائع لليهود في مصر وذكر عددا من المشهورين منهم في السياسة والثقافة المصرية كما حكى أن أحد أبناء عمومته تزوج من يهودية التي كانت صاحبة محل بيع أزياء في القاهرة". وختمت الصحيفة: "هذا العام ظهر للنور كتاب الصحفي الألماني شتاينكا بعنوان (المسلم واليهودية..قصة إنقاذ في برلين) وفي نهاية الكتاب هناك خطاب كتبته كارلا ابنة أنا والتي تعيش بنيويورك إلى عائلة حلمي في مصر جاء فيه :(أريدكم أن تعلموا أنه في الجانب الآخر من العالم عاشت عائلة تشعر بالحب تجاه الدكتور حلمي، لا زلنا مذهولين من أعماله ونتمنى أن تكون بطولته وحيا للآخرين)". وقالت إن "شتاينكا بعث بهذا الخطاب لأقارب حلمي في مصر والذين حتى يومنا هذا ورغم مرور أكثر من عام على إرساله، لم يردوا على الخطاب".