هذا أصعب اختبار وأعظم ابتلاء للشعب المصرى.. فإما أن نستكمل ثورتنا، وننطلق إلى مستقبل مشرق، وإما أن نتقهقر إلى نقطة الصفر ويسخر العالم من خيبتنا، لا قدر الله. فالثورات تغسل الشعوب وتزيل عنها الصدأ والغبار لتعود إلى معدنها الأصلى، فتبدأ بالتخلص من كل أسباب التخلف، وتجدد حياتها كلها بتغيير شامل للسياسات والأشخاص.. وهذا هو السبب فى حدوث طفرات تنموية وحضارية واقتصادية بالدول الثائرة، التى نجحت فى استثمار الطاقة الثورية لشعوبها.. ولم يذكر التاريخ أن شعبًا ثار على الطاغية وقام بخلعه ومحاكمته.. ثم جاء بأقرب المقربين إليه ونصّبه مكانه؛ حدث هذا بدولة واحدة؛ رومانيا، فانفردت ثورتها بلقب (الثورة الخائبة) لأن الطاغية الجديد قام بذبح الثوار وتكريم رموز نظام المخلوع!. ولا شك أن كل مصرى يدرك الحكمة القائلة: (لا تسئ الاختيار.. فيعذبك الله بمن تختار)، ولكن وسائل الإعلام المأجورة خلطت الأوراق وشجعت التحزب والتعصب وتصفية الحسابات، لنجد من يقول: (نار شفيق ولا جنة الإخوان!)، ومن يبدى استعداده للتضحية بالثورة وبالوطن.. ليس حبًا فى الفِل الذى سيقضى على الثورة، فهم يعترفون بمساوئه، ولكن ذلك تعصب ضد منافسه الثورى الذى يواجه الحملة الإعلامية الكاذبة!. لم يستطيعوا تسويق مرشح النظام لكثرة عيوبه، فلجأوا إلى الخيار الأسوأ.. بمحاولة تشويه منافسه. لم يجدوا عيبًا فى العالِم المبدع والأستاذ الجامعى المتميز؛ فقالوا إن العيب فى جماعته أو حزبه!. وهذا تفنيد للافتراءات التى يخوّفونا بها.. ليس دفاعًا عن الإخوان ولكن ذلك حرص على مصر، وتحذير من الانتحار: - سيطرة الإخوان على مقاليد الدولة؛ مثل الحزب المنحل!: هذه نكتة سخيفة، لأن حزب الحرية والعدالة (ح.ح.ع) له أغلبية برلمانية تقل عن 50%.. أى أننا نتمتع بمعارضة قوية لم نشهدها من قبل، حيث كان النظام البائد يستحوذ على أغلبية ال 99%. والحزب المنحل كان يلتهم الأغلبية بالتزوير، ولكن الأغلبية الحالية شريفة. أما عن حكاية السيطرة المزعومة ففى رأيى أنه من الأفضل تسليم المسئولية كاملة (بالانتخاب الحر) إلى حزب قوى مسئول ليبذل قصارى جهده لتحقيق الرفاهية للشعب الذى انتخبه، مثل تركيا وغيرها.. أما البديل الذى يطالب به الخبثاء وأعداء الثورة (بمحاولة استبعاد الأغلبية المنتخبة!)؛ فسوف يؤدى إلى الأزمات الوزارية مثل: (لبنان والعراق وغيرهما). - الإسلاميون إذا وصلوا إلى الحكم فلن يتركوه!: وهذه فِرية تطلقها الأحزاب الوهمية الفاشلة التى تدرك أن الانتخابات الحرة تفضحها.. وقد سمعتها مبكرًا من رئيس حزب، فقلت كيف ذلك؟، هل سيقومون بإلغاء الانتخابات؟، هل لديهم جيش يستولى على الحكم بالدبابات؟؛ قال لا ولكنهم يعرفون كيف يتقربون إلى الناس ويستحوذون على قلوبهم فيُعيدون انتخابهم فى كل مرة مثل تركيا!، فقلت: ليتنا نجد حزبًا يحبه الناس ويلتفون حوله لإنقاذ البلاد، فنرفعه فوق رؤوسنا، حتى وإن كان حزبك الوهمى!. - لا نريد دولة دينية!: مَن المعتوه الذى يظن أن بالإمكان عودة (الدولة الدينية) التى اندثرت فى عقر دارها (أوروبا)؟.. لا يوجد فى الإسلام شىء اسمه دولة دينية، بل إن الدولة الدينية بمعناها الحقيقى تتصادم مع الشرع الإسلامى الذى يُعلى شأن الأمة ويجعلها مصدر السلطات، ويعتبر الحاكم أجيرًا لدى الشعب. إن من يُخوّفون الناس من الدولة الدينية يثبتون ضعف حجتهم وإفلاسهم فينشرون الأكاذيب البعيدة عن المنطق. - الإخوان وعدوا بعدم الترشح بكل الدوائر، وبالرئاسة، ولم يلتزموا: الأحزاب الحية لا تجمد مواقفها السياسية فى ظروف متغيرة، وقد وجد (ح.ح.ع) أن هناك مخططًا فلوليًا لمنع الأغلبية من تشكيل الحكومة، مع محاولة إحراجهم أمام الناخبين بادعاء أنهم انتُخبوا ولم يفعلوا شيئًا!.. وألف باء السياسة أن تعدّل مواقفك بما يتيح لك تنفيذ برنامجك والوفاء بتعهداتك للناخبين. والأحزاب لم توجد أصلاً إلا لتنفيذ برامجها من خلال السلطة التنفيذية، بعد الحصول على ثقة الشعب بالانتخابات الحرة. وفى الانتخابات البرلمانية أُرغِم (ح.ح.ع) على إكمال قوائمه بعد نجاح أمن الدولة فى إبعاد عدد كبير من الأحزاب عن التحالف الديمقراطى. - الإخوان لم يُجرَّبوا: لو سلمنا بمبدأ الخوف من الأحزاب الجديدة التى لم تُختبر أو تمارس تحمل المسئولية لانتشر التخلف فى الدنيا كلها، ولطالبنا بعودة الحزب المنحل وبقائه إلى الأبد.. ورغم ذلك فقد جربنا الإخوان بالنقابات (التى تضم صفوة المجتمع) وفى الأعمال الخيرية والإغاثية، ولا يمكن أن ننسى وقفتهم مع الشعب فى الحوادث الكبرى مثل الزلزال. والواقع أن الإخوان بعد الثورة لم يُمنحوا الفرصة (عمدًا)، ولم يُختبروا.. ألا ينبغى أن نجرب ثم نقرر؟!. - وعمومًا فمهما كان خلافنا مع الإخوان أو غيرهم.. فليس معنى ذلك الانتحار والتضحية بالثورة وبالوطن نكاية فيهم مهما كانت الأسباب، فالله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. (المائدة- 8). وبالطبع هناك أخطاء، ولكن ليس هناك إنسان معصوم من الخطأ، فكل ابن آدم خطّاء.. وخير الخطائين التوابين. همسات: • تخطى الفلول وإعلامهم الفاسد كل قواعد المنافسة الشريفة، وبدأوا فى تدبير وتلفيق الحوادث المفتعلة للتنفير من الإسلاميين قبيل الانتخاب.. أين المصداقية؟، أين الأخلاق؟، إلى أين تذهبون بمقدرات الوطن؟!. ولكن كل هذا كوم ومشاركة مرشح (للرئاسة) فى حملة نشر الأكاذيب والادعاءات والشتائم كوم آخر.. يا له من قدوة!. [email protected]