بعد شهرين من أول انتخابات فى مصر -بعد ثورة 25 يناير- كفر معظم الناس بالديمقراطية، وأمن الكثيرون منهم بأن العيب لم يكن فى الحزب الوطنى المنحل، ولكن الفيروس يكمن فى الكرسى، وأن أى حزب أو جماعة ستصل للحكم أو لمرحلة الأغلبية فسوف يصيبها الغرور والاحتكار. والاستحواذ وإقصاء المعارضة. وأسمع الآن تعبيرات من نوع (السلطان هو القفطان) وأن (واللى بيحكم لازم يتحكم). أعرف أن كثيرا من المواطنين الآن يتابعون بيأس ما يجرى فى مجلس الشعب أو فضيحة الاستحواذ فى اللجنة التأسيسية للدستور وطبعا ممكن تسمع تعبيرات أخرى أشد إحباطا من نوع أن كل أغلبية متحكمة وغاشمة ومفيش فايدة ولكن الحقيقة أننا لم نجرب سوى نوعين من الأغلبية، أغلبية الحزب الوطنى وأغلبية الإسلاميين. ولكن هناك أغلبيات وقوى سياسية مؤثرة تحترم الديمقراطية وتسعى للتوافق وترفض الإقصاء خذ عندك أغلبية حزب النهضة فى تونس. أغلبية لم تعرف اللوع ونفذت ما التزمت به من اللحظة الأولى فيما يتصل بضمان مدنية الدولة. وضمان الحريات العامة والحقيقة أن التشابه فى أغلبية الوطنى وأغلبية الإخوان يرجع إلى تشابه الظروف التى مهدت للاثنين طريق الأغلبية فالحزب الوطنى حصد أغلبيته بتزوير الأصوات ولكن الإسلاميين حصدوا أغلبيتهم بنوع آخر من التزوير، وهو تزوير البرامج الانتخابية. ففى الانتخابات لعب الإخوان بورقة مدنية الدولة وأضافوا كلمة غائمة عن المرجعية الإسلامية. وتهربوا من الإجابة عن الأسئلة الشائكة. وخلطوا للناس بين الحزب الوطنى وأحزاب المعارضة بحجة أن كل الأحزاب غير الدينية تبقى «حزب وطنى». وللإمام على بن أبى طالب جملة شهيرة (نحن أبناء زماننا) فالإخوان أبناء برلمانات الحزب الوطنى وأغلبية الحزب الوطنى. وسياسات ونجوم الحزب الوطنى سرور والشاذلى وعز وزكريا عزمى. ولذلك لايجب تحت ضغط اليأس أن نكفر بالديمقراطية. أو حتى أن نشعر بأننا فشلنا فى حماية الثورة من الإخوان. فبدون الثورة لم يكن سيتاح للشعب رؤية عيوب الإخوان. كان قهر المخلوع مبارك يطفى عليهم تعاطفًا وثقة المواطنين. بدون ثورة 25 يناير كانت سياسات الحزب الوطنى وأمن الدولة ستظل مثل ورقة التوت تغطى عيوب الإخوان مبارك لم يحمنا من تطرف المتشددين ولا ديكتاتورية الإسلاميين ولكنه ببساطة ساهم فى تجميل صورة الإخوان وتضخيم الأوهام التى صنعوها لأنفسهم يمكن الواقع اللى بنعيشه معهم مر ولكن الخيال الخاطئ أخطر بكثير من الواقع الأليم لأن الواقع ممكن تواجهه، ولكن الخيال هتفضل تطارده ومهما كان ثمن مواجهة الواقع فادحا، فإن العيش فى الخيال أكثر خطورة. يمكن اليوم معاهم بيمر كأنه سنة، ولكن المؤكد أنهم مش هيكملوا معنا إلا كام سنة. لأن مصر أتغيرت حتى لو لم يتغير الإخوان المصرى ممكن ينخدع فيك كام شهر ولكنه لم يصبر عليك عشرين ولا ثلاثين سنة احتمال الإخوان يقلدوا أساليب مبارك بس أكيد مش هيعقدوا فى الحكم زى مبارك