أعتقد أننا سوف نحبس أنفاسنا غدًا في انتظار حكم المحكمة الدستورية العليا في أهم قضيتين تشغلان عقول المصريين الآن، الأولى وتتعلق بمدى دستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية والمعروفة إعلاميًّا بقانون العزل، والثانية حول مدى دستورية قانون انتخاب مجلسي الشعب والشورى، قد يبدو للوهلة الأولى عدم وجود رابط بين القضيتين ؛ حيث إن إحداهما تتعلق بالبرلمان والثانية بالانتخابات الرئاسية ، لكن الرابط بينهما موجود وقوي ؛ لأن كليهما يؤثر في الآخر. سوف نمسك غدًا ورقة وقلمًا ، وندخل في حسبة برما ؛ حيث تتعدد الاحتمالات التي يمكن أن تصدر عن المحكمة الدستورية ، فالاحتمال الأول أن يتم عزل الفريق أحمد شفيق من الانتخابات الرئاسية ، وفي تلك الحالة يرى بعض فقهاء القانون أن الانتخابات الرئاسية ستُجرَى بعد ثلاثة أسابيع بين 12 مرشحًا رئاسيًّا كانوا موجودين في المرحلة الأولى للانتخابات ، وهناك رأي قانوني يرى أن باب الترشح للانتخابات الرئاسية سوف يُفتح من جديد وأمام جميع المصريين. أيضًا ربما تحكم الدستورية العليا بعدم دستورية قانون العزل ، وفي هذه الحالة سوف يظل شفيق في المنافسة ، وستجرى جولة الإعادة في موعدها المحدد يومي السبت والأحد القادمين ، ويكون لدينا رئيس منتخب خلال أيام معدودة. أما الاحتمالات المتعلقة ببقاء البرلمان فإن كل فقهاء القانون الدستوري ، الذين تواصلت معهم لسماع رأيهم ، قد أكدوا لي أن حل البرلمان سيكون هو الحكم المتوقع صدوره ، لكنهم اختلفوا ، هل سيتم حل البرلمان بأكمله ، أم حل ثلثه الخاص بالمستقلين فقط ، والمطعون في مدى دستوريته ، لكنهم اتفقوا على أن الحكم سوف يحمل وجهين : أحدهما سياسي ، والآخر قانوني ، وذلك فيما يتعلق بالنتائج المترتبة على قرار المحكمة الدستورية. إذا خرجنا من حسبة برما السابقة فإن السؤال الذي يدور في ذهن عدد كبير من المواطنين هو: لماذا وصلنا إلى تلك المتاهة، ومَن المسئول عن ذلك؟.. هل المجلس العسكري بصفته السلطة السياسية التي تدير البلاد أم القوى السياسية والنخب التي قدمت تصوراتها حول خطوات الفترة الانتقالية ثم ارتضاها الجميع؟ ، وتمت دعوة المواطنين للذهاب إلى صناديق الانتخاب أكثر من مرة ، بدأت في الاستفتاء على التعديلات الدستورية ، ثم الانتخابات البرلمانية ، وأخيرًا الانتخابات الرئاسية ، وعندما ذهب المواطنون للصناديق كان هدفهم هو إنهاء الفترة الانتقالية ، وبناء مؤسسات الدولة الرئيسية من سلطة تشريعية وتنفيذية ورئاسية ، لكن لم يدخل إليهم الظن بأنهم ربما سيكررون ما فعلوه مرات أخرى ، عندما تصدر المحكمة الدستورية قراراتها يوم الخميس القادم في قانوني العزل والانتخابات البرلمانية. المؤكد أننا جميعًا في حيرة ولا نعرف إلى أين تتجه بنا الفترة الانتقالية ؟ وهل ستنتهي نهاية يونيو الجاري ؟ ، أم سيكون هناك حديث آخر ؟ ، هذا ما سوف يسفر عنه حكم الدستورية العليا غدًا. السؤال الآن هو: مَن الذي ورَّط المِصريين والبلاد في تلك المعضلة الصعبة؟!