«القسام» والعلاقات مع قطروإيران وتركيا والملف الأمنى والمعابر تهدد التوافق بين «حماس» و«فتح» وفد مصرى يتوجه لغزة خلال ساعات لتسوية الخلافات.. وضوء أخضر أمريكى قد يدفع الطرفين للمرونة أجواءً من التفاؤل داخل الأراضي الفلسطينية، أشاعها إعلان حركة "حماس"، عن قبولها بحل اللجنة الإدارية المشكلة بإدارة قطاع غزة، وترحيبها بعودة حكومة التوافق الفلسطيني للقطاع، وتأييدها للدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، بما يؤدي إلى إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني المستمر منذ 10سنوات، مع تنفيذ استحقاقات المصالحة التي جرت بوساطة مصرية عام 2011. وعلى الرغم من إعلان "حماس"، دعوتها العاجلة إلى حكومة التوافق؛ للعودة لغزة في أقرب وقت ممكن، وتأكيدها أن موقفها من المصالحة إستراتيجي بالتزامن مع تقارير استخباراتية تشير إلى وجود ضوء أخضر أمريكي لتحقيق المصالحة؛ رغبةً في سحب الذرائع من إسرائيل، ومنها عدم وجود شريك فلسطيني؛ تمهيدًا لطرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبادرة سلام، إلا أن محللين يشككون في جدية التوجه للمصالحة، قائلين إن مصير المحاولة الحالية لن يكون أفضل من مصير عشرات المحاولات لإنهاء الانقسام. في المقابل، زاد المراهنون على نجاح المصالحة تفاؤلهم في إمكانية إحداث اختراق في الملف الفلسطيني، إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن وجود فرصة قوية لتحقيق سلام تاريخي بين الدول العربية وإسرائيل؛ بما يكرر تجربة "كامب ديفيد"، فضلًا عن إعلانه استعداد 50 دولة إسلامية للتطبيع مع إسرائيل. غير أن هذه الأجواء لا تنفى أن هناك ملفات عالقة وأجواء ملبدة بالغيوم لاتزال تسيطر على العلاقة بين حركتي "حماس" و"فتح"، وتعقيدات يرى مراقبون، صعوبة حلها خلال المرحلة المقبلة، بل يزيدون على ذلك بأن قبول "حماس" بالمصالحة الفلسطينية، فرضته الأوضاع الاقتصادية الكارثية، وعجزها عن توفير مطالب الحياة الضرورية بعد توقف السلطة الفلسطينية عن توفير الرواتب لموظفى قطاع غزة؛ بعد إعلان "حماس" تأسيس اللجنة الإدارية. ومن الملفات الخلافية التى لم يستطع إعلان القاهرة تسويتها، موقف الأجهزة الأمنية في غزة، مع تأكيد "حماس" أنها لن تتخلى عن السيطرة على الملف الأمنى؛ إلا حال حدوث توافق تام في أغلب الملفات مع حركة "فتح"، الأمر الذي قد يعرقل عودة حكومة رامى الحمد الله؛ خصوصًا أن الأجهزة الأمنية التابعة ل "حماس" مازالت تحكم سيطرتها ولو نسبيًا على معبر رفح، وهو أمر لن يوافق عليه الرئيس محمود عباس أبدًا. وتمتد ملفات الخلافات بين الطرفين إلى الترسانة العسكرية الضخمة التى تملكها "حماس"، وإعلانها السابق، أنها لن تقبل أى مساس بسلاحها، ولا أى إشراف للسلطة الفلسطينية على كتائب "عز الدين القسام"، ما يؤكد أن المصالحة الفلسطينية ستتم بين سلطتين وليس بين حكومة وحركة سياسية تأتمر بأمرها، وهو أمر لن تقبل به القوى الإقليمية، ودول الجوار المؤثرة فى المشهد الفلسطينى. ولا يغيب عن المشهد كذلك شبكة العلاقات الإقليمية للحركة مع قوى مؤثرة مثل قطر وتركيا وإيران، وهى قوى قدمت دعمًا سخيًا للحركة طوال السنوات الماضية إبان فرض الحصار على قطاع غزة، بل لعبت دورًا مهمًا فى إعادة إعمار القطاع، فضلاً عن العلاقات العسكرية مع إيران، وهى ملفات يصعب التخلى عنها أو الوصول لاختراق مهم فيها؛ في ضوء ما يتردد عن عدم رضا من العواصم الثلاث على انفراد القاهرة بملف المصالحة، مما قد يعرقل تحول المصالحة إلى واقع. كما لا يمكن تجاهل ملف أكثر من 37 ألف موظف عيّنتهم "حماس" في السلك الإداري داخل قطاع غزة خلال السنوات العشر الماضية، وهو ما رفضته سلطة عباس بشكل تام، خصوصًا وأن امتناعها عن الوفاء برواتبهم؛ كان من أهم العوامل التي شكلت ضغطًا على "حماس"، ودفعتها إلى الإقدام على التنازلات التى أعلنتها فى القاهرة. في غضون ذلك، تستعد مصر لإرسال وفد رفيع المستوى إلى قطاع غزة، للإشراف على تنفيذ تعهدات كل من "فتح" و"حماس"، طبقًا لإعلان القاهرة والعمل على تسوية الخلافات، وفى مقدمتها الملف الأمنى والمعابر والترسانة العسكرية ل"حماس"، فضلًا عن الشق الاقتصادى لهيمنتها على قطاع غزة طوال هذه السنوات، والعمل على التأكد من جدية الحركة، بالسماح لحكومة التوافق الفلسطيني بالعودة للقطاع. وسيطرح الوفد المصرى على الطرفين، نوعًا من الشراكة وتقاسم السلطة بينهما حال لم تستطع الانتخابات التشريعية القادمة حسم السباق بين الطرفين؛ فى ظل اعتقاد مصرى بأن "حماس" ستتفوق بشكل نسبى خلال الانتخابات التشريعية القادمة؛ بشكل يفرض معه وجود حكومة توافق وطنى تضع نتائج الانتخابات في اعتبارها. كما سيعمل الوفد على تضييق الهوة بين الحركتين حول الإشراف الأمنى حول قطاع غزة؛ بعد إعلان "حماس"، عن عدم تسليمها الإشراف الأمنى على القطاع؛ إلا بعد تسوية جميع المشكلات حوله، وتحقيق نجاحات فى ملف المصالحة بشكل تتسارع معه عودة حكومة "الحمد الله"، وتحديد موعد للاستحقاقات الانتخابية. من جانبه بدا الدكتور طارق فهمى، مدير وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، واثقًا من نجاح المصالحة الفلسطينية هذه المرة، لافتًا إلى حصول القاهرة على ضمانات من الجانبين؛ بإزالة جميع العقبات أمام تحقيقها، مع تسريع عودة حكومة الحمد الله لقطاع غزة، والاتفاق على موعد لعقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وأضاف ل"المصريون"، أن ما يعجل من احتمالات المصالحة، أن التيار المهيمن على "حماس" حاليًا يفضل وجود "حماس" في مقاعد المعارضة والمقاومة وليس في السلطة، وهو تيار يدعمه يحيى السنوار، رئيس الحركة في قطاع غزة، والذي يحظى بشعبية جارفة داخل "حماس"، فضلاً عن مصداقيته بين الفصائل الفلسطينية. وأشار فهمي إلى وجود توافق دولى ودعم أمريكى للجهود المصرية؛ لتحقيق المصالحة الفلسطينية، إذ طالبت الإدارة الأمريكية، الفلسطينيين، بالتوافق، وحل خلافاتهم؛ للبحث فى إمكانية طرح الإدارة الأمريكية للمبادرة لإحداث نقلة نوعية. وأعرب عن اعتقاده بنجاح الوفد المصرى الذى سيزور غزة قريبًا، وجهات سيادية مصرية، فى حلحلة الخلافات بين الطرفين، وإنهاء انقسام فلسطيني زاد على عشر سنوات.