قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الجمعة، إن تصريحات رئيس الإقليم الكردي شمالي العراق، مسعود بارزاني، حول استفتاء الانفصال عن بغداد "خاطئة للغاية لأنه يعلم حساسيتنا تجاه وحدة التراب العراقي". وأشار أردوغان خلال مقابلة أجرتها معه قناة تلفزيونية محلية إلى أن قرار استفتاء الإقليم الكردي "يتجاوز حدود انسداد الأفق وقلة الخبرة السياسية (..) ولا يمكن القبول بمفهوم سياسي من هذا القبيل". وانتقد أردوغان مساعي بارزاني لضم محافظة كركوك (شمالي العراق) للاستفتاء، وهي منطقة متنازع عليها بين الإقليم وبغداد. وشدد الرئيس التركي أن بارزاني سيرى بشكل واضح مدى حساسية أنقرة تجاه الاستفتاء، عقب اجتماع مجلس الأمن القومي المزمع في 22 سبتمبر/أيلول الجاري، واجتماع مجلس الوزراء. ولفت إلى أن موقف إيران مشابه للموقف التركي، حول ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية. وتابع "إن حاولتم إعلان دولة مستقلة على أهوائكم رغم علمكم المسبق بكل تلك المواقف، فلن يكون جواب الجميع ب(نعم) بهذه السهولة، فهنا يوجد التركمان وبالجانب الآخر في الموصل هناك العرب، فلا يمكنكم تجاهلهم، ولن يوافق أحد على خطوة تهدد وحدة التراب العراقي". والاستفتاء "غير مُلزم"، ويتمحور حول استطلاع رأي سكان المحافظات الثلاث في الإقليم الكردي، وهي: أربيل والسليمانية ودهوك، ومناطق أخرى متنازع عليها، حول رغبتهم بالانفصال عن العراق. ويرفض التركمان والعرب أن يشمل الاستفتاء محافظة كركوك وبقية مناطق المتنازع عليها. كما ترفض الحكومة العراقية الاستفتاء، وتقول إنه لا يتوافق مع دستور البلاد المعتمد في 2005، ولا يصب في مصلحة الأكراد سياسيًا ولا اقتصاديًا ولا قوميًا. وتعارضه أيضًا عدة دول في المنطقة وعلى مستوى المجتمع الدولي، خصوصًا الجارة تركيا، التي تقول إن الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية مرتبط بإرساء الأمن والسلام والرخاء في المنطقة. وفيما يتعلق بأزمة مسلمي إقليم أراكان في ميانمار، أوضح أردوغان أن الوضع في أراكان يعتبر كارثي ومأساوي بكل معنى الكلمة. وأكد أن الوفد الذي ذهب إلى بنغلاديش مؤخرًا والمؤلف من عقيلته ونجله ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو وعقيلته ووزيرة الأسرة والسياسات الإجتماعية وعدد من الصحفيين وممثلين عن الهلال الأحمر وإدارة الكوارث والطوارئ "آفاد"، ووكالة التعاون والتنمية "تيكا"، كان يهدف إلى تفقد مخيمات اللاجئين ورصد الأوضاع على أرض الواقع. وأوضح أن المعلومات التي تلقاها من عقيلته ووزير الخارجية مؤلمة جدًا. وأضاف أردوغان "المسألة أن الروهنغيا يأتون من وسط أراكان إلى بنغلاديش، متجاوزين الجبال والوديان حاملين العجائز والأطفال، كما أن بعض أولئك يموتون في الطريق، والقسم الآخر مات في أراكان، والآلاف قتلوا هناك". وجدد استعداد تركيا لبناء خيام متطورة ومستشفيات ومطابخ كبيرة في بنغلادش لصالح الفارين من أراكان. وحول مكافحة الإرهاب، بيّن الرئيس التركي أن بلاده اتخذت خطوة شراء منظومة صواريخ "إس 400" الروسية، بسبب الحاجة لحماية نفسها. وتعهد أردوغان باتخاذ خطوات أخرى بهذا الاتجاه، لحاجة تركيا أن تخطوا خطوات متقدمة فيما يتعلق بالملف الأمني. وفي معرض رده على سؤال حول تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ينس ستولتنبرغ" بشأن صفقة "إس 400"، قال أردوغان "نحن نبرم الاتفاقيات مع من نريد، وليس لدى الناتو صلاحية التدخل في هذا الشأن". ومضى مخاطباً الحلف "قبل سنوات اشترت اليونان (إس 300)، هل قمتم بأي إجراء؟! لم تفعلوا أي شيء". وتابع "الآن نحن اتفقنا مع نفس البلد (روسيا) لشراء إس 400، وهذا أزعجكم (..) هل تلقينا دعمًا من دول الناتو بشأن الصواريخ ؟ (..) لا لم يقدموا رغم أننا طلبنا منهم". وانتقد أردوغان منح بعض دول حلف الشمال الأطلسي "ناتو" أسلحة للمنظمة الإرهابية وقال إنه حتى اليوم تم إرسال 3 آلاف شاحنة محملة بأسلحة مدرعة وذخائر ل"ب ي د" و"ي ب ك" الإرهابيتين شمالي سوريا. وفيما يتعلق باحتمال تنفيذ تركيا عملية عسكرية ضد تنظيم "ب ي د" الإرهابي في مدينة عفرين السورية، قال أردوغان إن "عفرين مكان مهم بالنسبة لنا، ولن يكون شمالي سوريا ممرًا للإرهاب، وتركيا وقواتها لن تسمح بذلك". وأضاف أن تركيا تتخذ كافة التدابير، وتبذل جهودها الدبلوماسية، في هذا الإطار. وفيما إذا ستنفذ تركيا عملية عسكرية مع إيران في جبال قنديل شمالي العراق ضد منظمة "بي كا كا" الإرهابية، لفت أردوغان إلى أن "هناك خطوات إيجابية من الجانب الإيراني في هذا الصدد". وأكد أن "العملية يمكن أن تكون في قنديل أو مكان آخر وأن مباحثات البلدين تتواصل". وأضاف أردوغان أنه من المتوقع أن يزور إيران في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، للمشاركة في اجتماع مجلس الإستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين. وشدد أنه سيبحث قضايا تتعلق بعمليات محتملة مشتركة ضد "بي كا كا" الإرهابي مع المسؤولين الإيرانيين. ولفت إلى أن رئيس الأركان التركي خلوصي أكار سيسبقه إلى إيران، لإجراء مباحثات أولية مع نظرائه في إيران.