بقدر ما يجذب مسلسل "حريم السلطان" التركى مشاهديه لاستكمال كل حلقاته التى تستغرق ساعات حينما تعرضها بعض القنوات مجمعة، بقدر ما ينجذب مشجعو "حريم النظام"، المتمثلين فى بقايا نظام مبارك الذين مازالوا خارج مكانهم الطبيعى "السجون"، لمتابعتهم وتأييدهم ومغالبة عقولهم وتصديقهم. والفارق بين المثالين ليس بعيدًا فمشاهد المسلسل التركى يعلم فى قرارة نفسه إذا واجهها بصدق، أن ما يقدمه المسلسل يشوه تاريخ الدولة العثمانية والخليفة المسلم الذى مثله المسلسل بحيوان شهوانى يلهث وراء النساء، وكذلك مؤيدو "حريم النظام" وبطلهم أحمد شفيق، الذى يعلم مؤيدوه أن يديه ملطخة بفساد مبارك ولكن جاذبية مقاومته للتيار الإسلامى وللشباب الثائر ومؤثراته الموسيقية حول الأمن تجذبهم لتأييده حتى النهاية. وكلمة "حريم" فى اللغة تأتى منشقة من "المحرّم" وهو ما لا يمس, أو ما لا يجوز لمسه؛ ومؤيدو شفيق عاشوا وتربوا فى زهرة شبابهم على حرمة الخروج عن رأى الرئيس، فما بالك بالإطاحة بالرئيس نفسه حتى إن سرق وقتل فهو كبير ولا يجب المس به، لذلك كانوا ناقمين على هؤلاء الشباب منذ خروجهم للثورة وكسرهم حاجز "الحرمة". هذا الجيل الذى سكن مكاتب الروتين الحكومى فصار لا يستطيع الحياة بدون روتين وبدون ديكتاتور يقيدهم فآثروا وظائفهم وحياتهم التقليدية، ورفضوا التضحية وتحمل اضطرابات وقتية مقابل تحرر لم يألفوه ويرفضون الحياة معه. وإذا نجح مسلسل "حريم السلطان" فى الاستحواذ على عين المشاهد عدة ساعات أو أيام، فإنه حتمًا سينتهى دون تغيير تاريخ أمة إسلامية عاشت أمجادًا وحققت نهضة تعلمت منها الحضارة الأوروبية وحاكت الخطط لإسقاطها، وكذلك لن يستطيع "حريم النظام" تغيير حقائق التاريخ التى تؤكد أن الشعوب إذا غضبت وثارت لن تعود للخضوع مرة أخرى. كاتبة صحفية [email protected]