فى هذا الوقت العصيب الذى تمر به مصر من اختبار سياسى، ومنزلق يهدد بجرفنا جميعًا إلى الهاوية، وتقلب الشعب بكل أطيافه على نيران الانتظار بين قرار المحكمة الدستورية وبين الخروج للجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، وما يمكن أن يحيط بهذا وذاك من ردود أفعال ونتائج قد تطيح بأحلام ثورة دفعنا ثمنها دماء أبنائنا وطموحات ديمقراطية انتظرنا ميلادها طويلاً، استوقفنى خبر له دلالة خطيرة، حول دعوة الدكتور محمد الدرينى الناشط الشيعى إلى تنظيم مناظرة بين شخصيات شيعية وشيوخ السلفيين على رأسهم محمد حسان، محمد حسين يعقوب، وأبو إسحاق الحوينى، تحت رعاية الأزهر الشريف ورموز وطنية، وقال الدرينى إن هذه المناظرة هدفها إيقاف ما سماه بالهجمة الشرسة على الشيعة فى مصر مؤخرًا، وحتى يعرف الرأى العام أى الطرفين على حق فى الجانب العقائدى "هكذا إذا"، وفى هذا التوقيت بالذات الذى ينشغل فيه جميع المصريين مسلمين "سنة" ومسيحيين يقفز المتشيعون لفرض وجودهم على الساحة المصرية لنشر مذهبهم المخالف للسنة بكل ما به من عوار ونيل من الصحابة. وليس من قبيل المصادفة أن يظهر بعد الثورة أول حزب شيعى فى مصر، وليس مصادفة أيضًا أن تقوم إيران مؤخرًا فى زخم انشغالنا السياسى بدعوة أعداد من الإعلاميين المصريين "الطلائع" لزيارتها متحملة كل نفقات الزيارة من طيران وإقامة وأيضًا "مصروف جيب"، وذلك تحت مسميات مختلفة من "اطلاع على التجربة الإيرانية السياسية" أو المشاركة فى مؤتمرات علمية وبحثية"، أو غيرها من المسميات لم نسمع عنها من قبل، بجانب دعوتها شخصيات مصرية أخرى فى مجالات، لاستقطاب هؤلاء الشباب وإغرائهم، حتى يعودوا من رحلتهم وقد تم تلقينهم "عظمة الشيعة" فى إيران، وليكونوا نواة للتشيع ونشر فكرهم وعقيدتهم بين فئات الشباب المصرى بصورة أو بأخرى، وللأسف طالعتنى بالفعل مؤخرًا موضوعات صحفية فى صفحات كاملة تثمن التجربة الإيرانية سياسيًا واقتصاديًا وتهلل لعدالتها الاجتماعية، رغم مخالفة تلك المواضيع "الدعائية المدفوعة الثمن" للواقع فى إيران. ولم أقرأ فى زيارات الصحفيين المصريين لإيران وكتاباتهم عنها، موضوعًا واحدًا عن أهل السنة، تلك الفئة المضطهدة المهملة والمنتقصة الحقوق فى إيران رغم أنهم الفئة الثانية فى العدد بعد الشيعة، حتى أن اليهود فى إيران يتمتعون بحقوقهم الدينية كاملة ولا يتمتع بها أهل السنة، وقد حاولت إيران على مر العقود الزعم بأن عدد السنة لا يتعدون 3%، رغم ظهور تقارير وأبحاث تكذب تلك النسبة تمامًا، لتؤكد أن أهل السنة تبلغ نسبتهم من 25 : 30% من السكان، واضطهاد الشيعة الإيرانيين لأهل السنة ليس وليد العهد الحديث، ولكنه بدأ منذ عام 1509، عندما احتل الشاه إسماعيل الصفوى إيران، وكان الشيعة أقلية كما هو مسجل فى الوثائق الإيرانية نفسها، وكانوا محصورين فى مدن قم، نيسابور، وقاشان، ولكن الصفوى فرض التشيع على أهل إيران جميعًا، وخيرهم بينها وبين الموت، واستمد قوته من جماعة شيعية قوية كان لها نفوذها، فاضطر أهل إيران إلى إعلان اعتناقهم التشيع، وإن بقيت نسب كبيرة منهم على مذهب السنة، ولكن سرًا لأن الصفوى نفذ مذابح بشعة فى كل من عارض المذهب الشيعى. وقد لا يعلم كثيرون أن الدستور الإيرانى الحالى ينص فى المادة رقم 12، على أن الإسلام دين الدولة ومذهبها الجعفرى الاثنا عشرية "نسبة إلى جعفر الصادق وعقيدته بأن أئمة آل البيت اثنا عشر ظهر منهم أحد عشر وبقى المهدى ويقولون إنه فى سرداب"، وأن تلك العقيدة وفقًا للدستور غير قابلة للتغير للأبد، كما حفظ الدستور نفسه حقوق الأقليات من غير أهل السنة، فتقول المادة رقم 13 من الدستور إن "(الإيرانيون الزاردشت واليهود والمسيحيون هم الأقليات الدينية الوحيدة المعروفة التى تتمتع بالحرية فى أداء مراسيمها الدينية) ولم يتم ذكر أهل السنة مطلقًا فى الدستور لكفالة حرية العبادة لهم على غرار الأطياف أو المذاهب الدينية الأخرى، وللحديث بقية.