أحب الشطرنج.. وأكره أن يطلق عليه اسم "لعبة الشطرنج" فهو أعلى من أن يكون مجرد لعب ولو كان الأمر بيدى لجعلته مادة من مواد التدريس الإجبارية وأسميتها "مادة الشطرنج".. فمن مبادئ لعبة الشطرنج أن كل حركة يتحركها أحد الأطراف يكون لها أثرها إما الإيجابى أو السلبى.. له أو عليه.. والخاسر فى لعبة الشطرنج يكون عادة هو الذى كان واثقاً من الفوز أكثر من اللازم.. إلا أنه بتعدد الأدوار وتكرارها يكتسب الممارس بهذه التدريبات العملية مهارات أكثر فيتعلم مهارة الوصول إلى الانتصار، وذلك بشرط ألا يثق فى الانتصار حتى آخر لحظة.. وقد بدأ الشعب المصرى فى ممارسة وتعلم مادة الشطرنج بعد 25 يناير.. وبدأ يمارسها بالفعل والرئيس السابق حسنى مبارك لم يكن يعلم شيئاً عن مادة "الشطرنج"، لذلك فلم يكن يملك زمام المبادرة فى المواقف.. كما أنه اطمأن لخصمه اطمئناناً مبالغاً فيه حتى أنه اعتبر غضب الشعب إنما هو نوع من أنواع التسالى، بل وأعلن ذلك فى خطاب رسمى متحدثاً عن ممارسات المعارضة المصرية بمقولة "خليهم يتسلوا"، ومن هنا سقط مبارك من فوق الحصان ودهس عليه الفيل الضخم.. وتخلى عنه الوزير والغفير أيضاً وقال له الشعب "كش ملك"، واستمر الشعب رغم ذلك على رقعة الشطرنج.. يناضل... ويفكر.. ويجدد مواقفه ذلك أن الدور لا ينتهى إلا بسقوط الملك والآن جلس أمام رقعة الشطرنج متباريان على مقعد الرئاسة وهما جماعة الإخوان المسلمين من جانب - وعلى الجانب الآخر يجلس الفريق أحمد شفيق وكلاهما يناشد الشعب أن يقف معه فبينما تعد جماعة الإخوان المسلمين الشعب باستمرار الثورة، التى يخشى عليها من أحمد شفيق -من وجهة نظرهم- يعدهم الفريق شفيق فى ذات الوقت باسترداد الثورة التى أخذها الإخوان المسلمون لصالحهم -من وجهة نظره- إذن فالشعب ما زال هو المؤثرالوحيد فى تلك المباراة وقد منح للإخوان فقط ربع أصواته وفى ذات الوقت منح أحمد شفيق فقط ربع أصواته لتحتدم المعركة.. وعلى الأطراف التى تجلس الآن على رقعة الشطرنج أن تعى أن الشعارات لم تعد تكفى.. وأن على الجميع أن يقدم شيئاً ملموساً على أرض الواقع.. فلم يعد ينفع أن تخوض معركة ضد الإخوان المسلمين مندداً بسلبيات التطبيق أو بطريقة تفكيرهم من وجهة نظرك ولم يعد ينفع أيضاً أن تخوض معركة ضد شفيق تندد فيها بأنه كان رئيساً للوزراء فى عصر مبارك لعدة أيام أو حتى لمدة شهر أو أكثر من وجهة نظرك.. وللخروج من هذه الإشكالية فأنا أحدد للأطراف الجالسة على رقعة الشطرنج بعض أهم قواعد مباريات الشطرنج.. وهى خمس قواعد وعليهم أن يحفظوها.. ومن يتمسك بها يتحقق له النجاح بإذن الله. فأما القاعده الأولى: فهى أن التفكير أثناء القتال الشطرنجى يكون دائماً فى السر.. بينما يكون الدليل الوحيد على قوة الحركة الشطرنجية هو فى تقييمها على أرض الواقع. أما القاعده الثانية: فهى أن المقاتل فى الشطرنج لا يستطيع استرداد حركته مرة أخرى أو الرجوع فيها وأن عليه أن يتحمل مسئولية هذه الحركة حتى نهاية المرحلة. أما القاعدة الثالثة: فهى أن يستجمع كل طرف عناصر القوة التى توافرت له.. وأن يحسن استخدامها وتوظيفها.. وأن يسترد ما سقط منها بل وعليه أن يضع عناصر للقوة جديدة. أما القاعدة الرابعة: فتتلخص فى الاعتراف بالخطأ.. فكلما كانت فضيلة الاعتراف بالخطأ متوفرة لدى أحد الأطراف كانت فرصة الفوز سانحة له، ذلك أن الاعتراف بالخطأ يصنع الواقع الصحيح.. أما القاعدة الخامسة: فهى تقرر أن الغرور ينهى معركة الشطرنج بأسرع مما يتصور الإنسان فالاستهانة بالخصم أو الإعجاب بالكثرة أو بالقوة هو أقصر الطرق إلى الهزيمة وعلى رأى الست دى أُمى: " الطير الغرير .. يقع قبل ما يطير" وعجبى [email protected]