الأهالى: نقدم أبناءنا هدية وفداء للوطن خبير عسكرى: تبنى الطالب صحيًا ونفسيًا وفكريًا خبير اجتماعى: أعداد المتقدمين تثبت ضعف "الإرهاب" أمام إرادة المصريين بالرغم من العمليات الإرهابية، التى تستهدف أفراد الجيش والشرطة، إلا أن استمرار إقبال الأهالى والشباب على الالتحاق بالكليات العسكرية والشرطية متزايد، بالرغم من احتمالات الفقد والاستشهاد وغيرهما من المخاطر المحتملة. ورغم انتشار العناصر الإجرامية، التى قامت بالعديد من العمليات الإرهابية المتتالية على الجيش والشرطة، والتى راح ضحيتها أعداد كثيرة من شهداء الوطن، إلا أن ذلك لم ينل من عزيمة الشباب المصرى وإصراره على الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية، حيث تزداد أعداد المتقدمين للكليات العسكرية عامًا بعد عام. إلا أن المفاجأة كانت أن هناك أحيانًا بعض الظروف التى تجبر الطلاب على الالتحاق بالكليات الحربية وأكاديمية الشرطة، والتى تكون إما بسبب المجموع الصغير، وهربًا من الجامعات الخاصة، أو رغبة الأسرة أو حبًا فى ممارسة الرياضة، كما جاء على لسان الطلاب. أكاديمية الشرطة توجد أكاديمية الشرطة بالقرب من التجمع الأول بمدينة القاهرة، وسط مكان يكاد يخلو من السكان ويشبه المناطق الصحراوية، حيث درجة الحرارة المرتفعة وندرة السكان، الأمر الذى يجعل العبء ثقيلاً على العاملين أو الطلبة الملتحقين بالأكاديمية. يتكون مقر أكاديمية الشرطة من خمس بوابات تبعد كل واحدة منها مسافة كبيرة عن الأخرى، على كل بوابة توجد رقابة مشددة وقوات أمن مكثفة من الشرطة، وتفتيش الداخلين سواء أكانوا من العمال بها أم لا، وسواء كانوا راكبى سيارات أو سيرًا على الأقدام، ذلك بالإضافة إلى كاميرات المراقبة التى تغطى سور الأكاديمية رغم طول مسافته. وأكد أفراد الأمن المتواجدين البوابة رقم" 5"، أن التقديم فى الأكاديمية هذا العام عن طريق شبكة الإنترنت من خلال موقع وزارة الداخلية، وبدأ فى الخامس والعشرين، ويتم تحديد موعد للمتقدم لاحقًا بحيث يذهب فيه لسحب ملف التقديم، ومعرفة الشروط التى ينبغى توافرها فى المتقدم للأكاديمية، والتى تكون مبينة داخل الملف، لكن يأتى العائق الذى يقف أمام العديد من الشباب وهو أن حالته الاجتماعية والمادية، يجب أن تكون فى مستوى عال حسبما ذكر أحد مجندى الخدمة بالأكاديمية على البوابة. الكلية الحربية لا تكاد تختلف كثيرًا عن أكاديمية الشرطة من حيث المساحة وتعدد بوابات الدخول والحراسة المشددة وعمليات التفتيش وكاميرات المراقبة، غير أنها يمكن أن تكون أكثر حماية، حيث عناصر الجيش الميدانى المنتشرة على البوابات، بالإضافة إلى المدرعات الحربية والكاردونات الأمنية الموجودة حول المبني. وذكر أحد أفراد الأمن عن طريقة التقديم للكلية الحربية، أنه يشترط للتقديم أن يكون المتقدم أملس اللحية قصير الشعر، ثم يتقدم لسحب ملف البيانات فى حين يخضع المتقدم للتصوير وبعد ذلك يتم العمل على قياس وزنه وطوله، مضيفًا أن المتقدم بعدها يقوم بملء الملف بالأوراق اللازمة ثم يأتى فى موعد آخر محدد للحصول على موعد الخضوع لاختبارات الكلية الحربية. الطلاب.. "لا طبعًا مش خايفين" قال أحد الشباب من المتقدمين للكلية الحربية، ويدعى فريد من منطقة الهرم بالجيزة، إنه رغب فى التقديم للكلية الحربية كى يكون ذو منصب فى الوطن حيث إنه لا يوجد أحد فى عائلته ذا منصب أو سلطة، مشيرًا إلى أن عائلته تتمنى أن يكون كذلك، بالإضافة إلى أنه حصل على مجموع متوسط، مما ساعده أكثر على سحب الملف للالتحاق بالكلية. وأضاف مجيبًا عن خوفه من الاستشهاد "لا طبعًا مش خايف، يا رب أموت لما أموت شهيد أفضل" مؤكدًا أنه يمتلك وساطة داخل الجيش كى تأهله للالتحاق بالكلية بعد الكشف الطبي، مشيرًا إلى أنه يريد الالتحاق بها بسبب حبه للتمارين الرياضية والتى تكون شيئًا أساسيًا داخل الكلية. فى حين قال شاب آخر، متقدم للكلية الحربية هذا العام يدعى حسن من محافظة الأقصر، إنه جاء لسحب ملف التقديم للكلية، مع أنه يعلم تمامًا أنه لن ينجح فى هذه الاختبارات بسبب الوساطة، مشيرًا إلى أن الكلية الحربية ليست حلمًا بالنسبة له وأنه جاء مع زملائه للتقديم، بعدما أخبروه بأنهم سيذهبون لسحب الملفات. وأضاف، بأنه لا يخشى الموت من الإرهاب حيث إنها أعمار بيد الله، لافتًا إلى أن أحد أقاربه كان فى الجيش بمنطقة سيناء، بينما كان كل يوم يتحدث معه هاتفيًا، ليعلم أنه ما زال على قيد الحياة أم لا، بالإضافة إلى أن أحدًا من بلدته أصيب إثر عملية إرهابية، مختتمًا كلامه "مفيش مشكلة إنى أموت الموت بيد الله". وذكر أحد طلاب كلية الحقوق باعتباره كان متقدمًا للكلية الحربية، أنه رغب فى الالتحاق بالكلية ونجح فى جميع اختباراتها، عدا اختبار الهيئة وبالتالى لم يوفق فى الالتحاق بها، مشيرًا إلى أن من يتقدم لأية مؤسسة عسكرية يجب أن يكون له شخص بمثابة واسطة. وقال أحد الطلاب، ويدعى إيهاب من محافظة كفر الشيخ، إنه منذ الصغر يحلم بأن يلتحق بالكلية العسكرية ويبذل قصارى جهده فيها حتى يقوم بتحقيق أحلامه، مشيرًا إلى أن عائلته ترغب بأن يلتحق بالحربية. كما قال فارس، أحد الطلاب المتقدمين للالتحاق بالكلية الحربية، إن الالتحاق للكلية الحربية كانت رغبة له منذ الصغر بعد انتهائه من مرحلة الثانوية، لافتًا إلى أنه لا يشترط الواسطة للقبول بالكلية، مستدلاً بأن أحد أصدقائه التحق بالكلية وقبل بها فور اجتيازه الاختبارات بدون واسطة. وذكر طالب آخر يدعى أحمد، أنه كان يرغب فى الالتحاق بالكية الحربية منذ الصغر، متابعًا أنه لم يقابل أى رفض أو انتقاد من أهله تجاه هذا الأمر، بالإضافة إلى عدم خوفه من العمليات الإرهابية. الآباء.. "خايفين بس مضطرين" قال أحد الآباء: "أخاف على ابني، مع تلك العمليات الإرهابية التى يروح ضحيتها الكثيرون كل يوم، ولكننى مع إصرار ابنى الشديد على الالتحاق بالكلية وافقت، خاصة مع قوله "لو أنا هاخاف وغيرى هايخاف يبقى مين اللى هايدافع عننا"، متابعًا "بلدنا طاهرة ومذكورة فى القرآن"، مضيفًا "وافقت فى نهاية الأمر". وبلكنة ريفية قال الحج حسين، أب لأحد طلبة الثانوية العامة، والذى يتمنى الالتحاق بالكلية الحربية: "ابنى أنا أقدمه لوطنى هدية، ومش خايف عليه هو هيحمى بلده وربنا هيحميه ويحافظ لى عليه، ولو ربنا اختاره هيكون شهيد، وأنا هكون راضى بقضاء الله". خبير عسكرى: تأهيل نفسى وصحى وفكري أكد اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري، أنه بالرغم من الحوادث الإرهابية التى يذهب ضحيتها المئات من الشهداء من أبناء الوطن من رجال الجيش والشرطة، إلا أن حب المواطنين للبلد وخوفهم عليه هو السبب الذى يدفعهم للالتحاق بالكليات العسكرية والشرطة. وتحدث الخبير العسكرى عن القوات المسلحة ووزارة الداخلية، قائلا إنها وسيلة ليبنى الفرد نفسه ولإعداده وتأهيله ليخدم بلده ويدافع عنه، ويقدم روحه فداء له، والتدريب فى الكليات العسكرية يجعل الطالب مؤمنًا بأن استشهاده دفاعًا عن وطنه وسام على صدره، مشيرًا إلى نفسه بأنه منذ التحاقه بالكلية الحربية وارتدائه البدلة "الكاكي" نسى كل حياته العادية وأصبح كل تفكيره منصبًا على بلده وكيف يحميها فقط، واستطاعت الكلية تغيير الإنسان صحيًا ونفسيًا وفكريًا. وأكمل حديثه ل"المصريون" قائلاً: "الكليات الحربية تعلم الإنسان كيف يكون قويًا ويافعًا عن نفسه ووطنه"، مؤكدا أن الدراسة ليست صعبة وإن كانت فالطالب بإصراره يستطيع التغلب على صعوبتها. وأشار الخبير العسكرى إلى أن هناك الآلاف كل عام يتقدمون للالتحاق بالكليات العسكرية وأكاديمية الشرطة، إلا أن القبول يكون فى حدود 700 أو 800 طالب حسب احتياجات الكلية التى يتقدم إليها الطالب، واحتياجات الوحدات أو بناء وحدات جديدة. وتحدث جمال أبو ذكرى، الخبير العسكرى بجهاز الأمن القومى، عن الأخلاقيات التى تزرعها الكليات العسكرية فى نفوس الطلاب لمواجهة الإرهاب، قائلا إن الكليات والمعاهد العسكرية والشرطة من الكليات النادرة جدًا فى مصر، حيث تزرع فى طلابها أخلاقيات وعوامل نفسية تساعدهم على مواجهة الإرهاب والتطرف وعدم الرهبة من مثل هذه العمليات. وأضاف خلال حديثه ل"المصريون"، أن الكليات الحربية تعطى لطلابها العديد من العلوم الحربية بخلاف أى جامعة أخرى، حيث تهتم الجامعات الأخرى بالعديد من الجوانب بعيدًا عن البناء العسكري، مشيرًا إلى أن الكليات الحربية تعطى طلابها جرعات أخلاقية ودينية، بالإضافة إلى تدعيم الانتماء الوطنى لديهم. إرهاب بلا تأثير قال سعيد صادق، أستاذ الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، إن العمليات الإرهابية وما خلفت من ضحايا، ليس لها أى علاقة أو تأثير، يحد من التحاق الشباب بالكليات العسكرية، مشيرًا إلى أنهم ينظرون إلى الكليات العسكرية من الجانب المادي، حيث الرواتب العالية والأوضاع الاجتماعية المتميزة بالنسبة للجيش، فى حين لا تشكل العمليات الإرهابية أى رهبة بالنسبة لهم، لافتًا إلى أن هناك أوقاتًا تشهد العديد من الحروب، بينما تشهد القوات المسلحة توافدًا من الشباب. وأضاف فى حديثه ل"المصريون"، أن الطالب من طلاب الثانوية، أحيانا يكون مجبرًا على الالتحاق بمثل هذه الكليات، نتيجة مجموعه المتوسط، ونتيجة أخرى إلى ضعف حالته المادية التى لا تؤهله للالتحاق بكلية خاصة. وأوضح أن العديد من أولياء أمور الشباب الراغبين فى الالتحاق بالكليات العسكرية، لا يمتلكون الرهبة القوية التى تمنعهم من رفض التحاق أبنائهم بتلك الكليات، مشيرًا إلى أن حوادث السيارات أصبحت بمعدلات هائلة أكبر من العمليات الإرهابية بكثير. وتابع أن هناك على الجانب الآخر، أولياء أمور يقومون بالتقديم لأبنائهم فى الكليات العسكرية نتيجة لضعف قدراتهم العلمية، حيث يرى ولى الأمر من هؤلاء، أنه من باب أولى التحاق ابنه بكلية أو معهد عسكري، والذى سيكون أفضل بكثير من أى كلية متوسطة.