الحر والرطوبة والإجهاد لم تثنِ مئات الشباب عن الاصطفاف فى الطابور لساعات من الانتظار، مقررين وضع روحهم على أكفهم لخدمة الوطن، دون أدنى شعور بالقلق، فالالتحاق بكليات الشرطة والمعاهد والكليات العسكرية هو أسمى أمانيهم. يبدو أن تزايد العمليات الإرهابية التى يشهدها الوطن فى الفترة الأخيرة كان دافعاً للشباب المصرى لتقديم أوراقهم لكليتى الشرطة والحربية، حيث شهدت بوابات وزارة الداخلية ومكاتب تنسيق الكلية الحربية فى أسيوط والإسكندرية طوابير طويلة من الراغبين فى الانتساب لها ونيل الشرف. محمد عبدالستار، من جنوبسيناء، حاصل على الشهادة الثانوية الأزهرية، كان أحد المتقدمين بأوراقهم للالتحاق بكلتا الكليتين الحربية والشرطة: «حتى الآن عبرت امتحان الحربية، وأتمنى النجاح فيه، والتحاقى بكلية الشرطة أو الحربية هو حلم تمنيته منذ صغرى، وبعد استشهاد كثير من رجال الشرطة والجيش زاد تمسكى بتلك الكليات، لأننى شعرت أنها ليست فقط عملاً بل هو شرف أتمنى أن أناله». أما بهاء عويضة، فقد غادر أسيوط خصيصاً من أجل التقدم لأكاديمية الشرطة: «سحبت الملف ونفسى اتقبل رغم إنى خريج كلية حقوق، وعارف إن فيها تعب وبهدلة ولو اتقبلت فيها ممكن جداً أنزل فى مهمة مارجعش، بس اللى بيحصل فى بلدنا دلوقتى، والتهديدات اللى بنتعرض ليها يخلى أى بنى آدم ياخد الموقف ده». العميد أيمن حلمى، مدير إدارة الإعلام بوزارة الداخلية، أكد أن هناك زيادة بالفعل فى عدد المتقدمين لكليات الشرطة خلال الثلاث سنوات السابقة، والأمر لا ينحصر فقط على أصحاب المجموع المنخفض فى الثانوية العامة، بل تقدم إليها أيضاً أصحاب المجاميع المرتفعة: «رغم أن فتح باب القبول فى الشرطة يبدأ من 65%، لكن كان من بين المتقدمين من وصلت مجاميعهم إلى 90% وأكثر». يعتبر العميد «أيمن» أن من بين أسباب الإقبال على الالتحاق ب«الشرطة» التطور الملحوظ فى المناهج والأساليب العلمية الحديثة فى التدريب والتدريس، فهناك تخصصات داخل كلية الشرطة الآن تعتمد بالكامل على اللغتين الإنجليزية والفرنسية: «نقوم سنوياً بتحديث وتطوير المناهج، وهناك منح للدراسة بالخارج، وهو ما كان دافعاً للشباب لتكون الشرطة الاختيار الأول لهم، لذلك كان عدد المتقدمين العام الماضى 230 ألف طالب». السبب الثانى من وجهة نظر «أيمن» هو أن الشباب المصرى الآن يرى ما يحدث فى الدولة، ويدرك مدى الجهد الشاق الذى يتكبده رجل الأمن فى حماية وطنه: «العمل بالشرطة لم يعد وظيفة بل رسالة».