نقابة المحامين توضح إرشادات يجب اتباعها خلال استطلاع الرأي بشأن رسوم التقاضي    بعد الزيادة.. مصروفات المدارس الحكومية والتجريبية لغات بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026 (لكل الصفوف)    وزارة التضامن تقرر إضفاء صفة النفع العام على 3 جمعيات    ننشر حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العآمة في ميناء دمياط    رئيس الوزراء يتابع جاهزية الشبكة القومية للغاز الطبيعي لتأمين الإمدادات    وزير المالية: لا زيادة فى الضرائب بالموازنة الجديدة    «العمل» تطلق حملات للتأكد من التزام عمال «الدليفري» ب«الخوذة» في أسوان    افتتاح معرض الحرف التراثية والمنتجات اليدوية بالجيزة غدًا    بحضور 4 وزراء.. انطلاق ملتقى «أجري تك» للزراعة الذكية والخضراء الثلاثاء    قناة السويس: تعاملنا بشكل احترافي مع حادث جنوح سفينة الغطس خلال 60 دقيقة    الرئيس السيسي وملك البحرين يحذران من اتساع دائرة الصراع بين إيران وإسرائيل    قاذفات الشبح B-2.. السلاح الأمريكي الخفي في عمق الأزمات العالمية    موعد مباراة الأهلي وبورتو والقنوات الناقلة في كأس العالم للأندية 2025    «خطأ غير مقصود».. مصدر يكشف رد أحمد سالم على واقعة أرقام لاعبي الأهلي    فيديو يقود الشرطة لضبط تشكيل عصابي لسرقة مواتير مياه العقارات بالمرج    حبس المتهمين بتكوين تشكيل عصابي لتجارة المخدرات في الشرقية    انتظام امتحانات الكيمياء ب الثانوية الأزهرية بكفر الشيخ.. والطلاب: الأسئلة واضحة ومتنوعة    مصرع شخصين في انقلاب دراجة نارية ب سوهاج    إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب سيارة بطريق مصر- أسيوط الغربي    المشدد 15 عاما لشخصين لاتهامهما باستعراض القوة وإصابة شخص في شبرا الخيمة    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء (صور)    نجاح عملية زرع كبد لطفلة تحت مظلة التأمين الصحي الشامل بالأقصر    لتجنب الشعور بالألم.. كيف يعيش مرضى الضغط والسكري صيفا آمنا؟    للكشف وإجراء العمليات مجانا.. دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل إلى مستشفى العريش    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء    ماجدة الرومي تطرح أغنية بلا ولا أي كلام    ضمن المسرح التوعوي.. بدء عرض "ميتافيرس" بقصر ثقافة الزقازيق الثلاثاء المقبل    استجابة لرغبة جمهوره.. حسام حبيب يطرح نسخة معدلة من أغنية سيبتك    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    وزارة الصحة الإيرانية: أكثر من 400 قتيل منذ بداية الحرب مع إسرائيل    إجلاء 256 طالبا هنديا آخرين من إيران    الصين: وصول أول رحلة تقل مواطنين صينيين من إيران    عمرها 17 عاما.. كواليس أغنية «أغلى من عنيا» ل هاني حسن الأسمر مع والده    تامر حسني يكشف سر تعاونه مع رضا البحراوي بفيلم «ريستارت».. فيديو    أستاذ علوم سياسية: عدوان إسرائيل على إيران انتهاك صارخ للقانون الدولى    وزير الخارجية يبحث مع مجموعة من رجال الأعمال الأتراك سبل تعزيز الاستثمارات التركية بمصر    قلق في بايرن ميونخ بسبب إصابة موسيالا    الوداد المغربي يعلن ضم عمر السومة رسميًا    أسماء العشرة الأوائل بالشهادة الإعدادية 2025 في مطروح بعد إعلان النتيجة رسميًا    طب القاهرة تبدأ خطوات تطوير المناهج وتقليص محتواها لتقليل العبء الدراسي    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    من مصر إلى العراق.. احتفال "السيجار" يشعل الموسم الرياضي    تقدم جامعة أسيوط 100 مركز في تصنيف "التايمز 2025" للتنمية المستدامة    سيطرة برازيلية على دور المجموعات بكأس العالم للأندية    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 16 فلسطينيا من الخليل    وزارة الصحة: عيادات البعثة الطبية المصرية استقبلت 56 ألف و700 زيارة من الحجاج المصريين    مباريات اليوم.. صدام قوي لصنداونز.. ومواجهة أمريكية خالصة    المعهد القومي للأورام يطلق فعالية للتوعية بأورام الدم    «الكتاب الإلكتروني».. المتهم الأول في أزمة القراءة    الخريطة الكاملة ل الإجازات الرسمية المتبقية في مصر 2025 بعد إجازة رأس السنة الهجرية    الشاطر ينتقد ريبيرو بعد تصرفه تجاه نجم الأهلي.. ويؤكد: حمدي ومروان زي بعض    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    كروفورد عن نزال القرن: "في 13 سبتمبر سأخرج منتصرا"    جيش الاحتلال: اعتراض طائرة مسيرة فى شمال إسرائيل تم إطلاقها من إيران    بالصور- خطوبة مينا أبو الدهب نجم "ولاد الشمس"    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا وحدتهم الوطنية مُقدّسة ووحدتنا مُدنّسة؟...د. فيصل القاسم
نشر في المصريون يوم 27 - 11 - 2005


قبل حوالي ثلاث سنوات فقدت الوزيرة البريطانية آن وينترتون منصبها كمتحدثة باسم رئيس حزب المحافظين لشؤون الزراعة بسبب نكتة سخيفة. فقد تهكمت الوزيرة أثناء تناولها الغداء مع مجموعة من الأصدقاء والصحفيين في أحد الأندية الرياضية على الجالية الباكستانية في بريطانيا. وكانت النكتة على الشكل التالي: "هل تعلمون لماذا رمى شخص انجليزي مهاجراً باكستانياً من نافذة القطار وهو مسرع، لأن كل عشرة باكستانيين في بريطانيا يساوون بنساً (فلساً) واحداً ههههههه". لم تكن تدرك سعادة الوزيرة أن تلك النكتة السمجة ستطردها من الحكومة. فبعد ساعات فقط من وصول النكتة إلى وسائل الإعلام كان رئيس حزب المحافظين إيان دنكين سميث وقتها على الهاتف ليخبر الوزيرة بأنها مطرودة من حكومة الظل التي يرأسها. وقد برر سميث قراره السريع والحاسم بأنه يُمنع منعاً باتاً التلاعب بالنسيج العرقي والاجتماعي في بريطانيا. أو بعبارة أخرى فإن الوحدة الوطنية في البلاد خط أحمر لا يجوز لأحد تجاوزه مهما علا شأنه وأن أي مس به سيعرّض صاحبه لأقسى العقوبات. وقد سنت الحكومة البريطانية وغيرها من الدول الأوروبية قوانين صارمة جداً لمكافحة العنصرية والطائفية والتحزب العرقي والديني، بحيث غدا النيل من الأعراق والطوائف والإثنيات والديانات في البلاد جريمة يُعاقب مرتكبها عقاباً أليماً. وقد يقول قائل هنا إن التفرقة العنصرية ما زالت متفشية في الغرب بطريقة بشعة والدليل على ذلك أعمال الشغب الهائلة التي شهدتها فرنسا في الأسابيع الأخيرة احتجاجاً على الظروف المزرية التي يعيشها الوافدون العرب والأفارقة في ضواحي باريس. وهذا صحيح. ولا شك أيضاً أن هناك ألف طريقة وطريقة للتمييز ضد بعض مكونات المجتمعات الغربية في العمل والمسكن والمعاملة وغيرها. لكن الأكيد في الموضوع أن الشحن الطائفي والعرقي والإثني والمناطقي والديني ممنوع منعاً باتاً في الغرب وأن أي محاولة لشق الصف الوطني أو إضعاف التلاحم الاجتماعي جريمة لا تغتفر في الأقاليم الغربية. إن الوحدة الوطنية في أوروبا وأمريكا شيء مقدس والويل كل الويل لمن يحاول التلاعب بها. لقد حاولت الحركات الانفصالية في أوروبا كثيراً الاستقلال، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وغيرها. فبالرغم من لجوء منظمة الجيش الجمهوري الإيرلندي إلى العنف لعدة عقود من أجل فصل إيرلندا الشمالية عن بريطانيا إلا أنها لم تنجح، وقد وجدت نفسها مضطرة أخيراً للتفاوض مع التاج البريطاني والتخلي حتى عن سلاحها. صحيح أن منظمة الباسك الإسبانية ما زالت تحاول الانفصال لكن الحكومة الإسبانية لن تحقق لها مرادها على ما يبدو. وكذلك الأمر بالنسبة للكورسيكيين في فرنسا. ولا ننسى أن هناك ولايات أمريكية تسعى منذ زمن بعيد للاستقلال عن واشنطن كولاية كالفورنيا، لكن الاستقلال ما زال حلماً بعيد المنال بالنسبة لها. وفي الوقت الذي تضعف فيه قبضة الاتحاد الفيدرالي في أمريكا سنجد كاليفورنيا أول من سيخرج على السرب وينشد الحكم الذاتي على أقل تقدير. لكن في الوقت الذي تحافظ فيه الدول الغربية على نسيجها الوطني واللحمة الداخلية وتحميهما من التفكك بضراوة عز نظيرها نجد أن التلاعب بالوحدة الوطنية في العالم العربي أسهل من شرب الماء. فقد قام الغزو الأمريكي والبريطاني للعراق في المقام الأول على سياسة "فرق تسد" التي كما هو واضح حولت العراق إلى ملل ونحل وطوائف ومافيات متصارعة ومتناحرة بعد أن كان العراق يفخر بأنه لم يعرف التمييز بين عرق وآخر أو طائفة وأخرى على مدى أكثر من ثمانين عاماً. وبينما ترفض أمريكا رفضاً قاطعاً السماح لأي إقليم بالانفصال عن المركز نرى أن واشنطن ولندن لا هم لهما سوى تشجيع مكونات الشعب العراقي على الانفصال والتشرذم بحجة الفدرلة حتى بتنا نسمع عن كردستان العراق والإقليم الشيعي والمثلث السني وغيرها من التسميات الانفصالية البغيضة. ولا يقل الأمر خطورة في السودان، فهناك كلام عن تقسيم البلاد إلى أربع دويلات على أسس عرقية ودينية ومناطقية، ولا ندري إلى متى يظل الجنوب منضوياً تحت العلم السوداني وأيضاً دارفور، والحبل على الجرار. وقد وقعت بعض أطراف المعارضة السورية في فخ المخطط الغربي القائم على التفتيت وزرع الأسافين عندما أقدمت على إطلاق ما يسمى ب "إعلان دمشق" الذي وصفه البعض ب"إعلان قندهار" نظراً لأنه إعلان عصبوي لا يسمح إلا لمعارضين من طائفة معينة بالانضمام إلى صفوفه واستبعد معارضين آخرين على أسس طائفية فجة. ولا أدري لماذا لم تتعلم المعارضة السورية من مخاطر اللعبة الطائفية في العراق وإلى أين وصلت بالبلاد! هل أخطأ البعض عندما شبه "إعلان دمشق" بمؤتمر المعارضة العراقية في لندن قبيل الغزو؟ ألم يعترف بعض أقطاب المعارضة بأن الهدف من ذلك المؤتمر كان تمهيداً لتقسيم العراق على أسس طائفية؟ فكيف يكون الموقعون على "إعلان دمشق" وطنيين إذا كان مكتوبهم يُقرأ من عنوانه وإذا كانوا يسيرون على هدي المعارضين العراقيين السابقين الذين يتعاملون مع العراق الآن على أنه عبارة عن محميات طائفية وعرقية ومناطقية؟ ألا يخجل بعض المعارضين السوريين في الخارج من تسخير مواقعهم الالكترونية للشحن الطائفي واللجوء إلى خطاب عنصري وفئوي لم يجلب لأوطاننا إلا الخراب والدمار؟ هل صام الشعب السوري دهراً كي يفطر على ديموقراطية طائفية بغيضة؟ هل نصلح الخطأ بالخطأ؟ أليست هذه عملية فرز طائفي، وعنصري تكشر فيه المعارضة عن أنيابها قبل الوصول إلى السلطة، فكيف سيأمن السوريون لهم بعد الوصول للحكم؟ ألا يزرعون بذور فتنة لا تبقي ولاتذر ويحددون موقفهم مسبقا من أبناء جلدتهم؟ ألا يقود مثل هذا الكلام إلى تفتيت التراب الوطني؟ ألا يلاحظ المعارضون السوريون الذين يعيشون في الغرب كيف تحمي الدول الغربية نسيجها الوطني بأسنانها وتحرّم على الجميع المساس به؟ فلماذا لا يتعلمون منها؟ هل لاحظتم الفرق بين السياسيين البريطانيين الوطنيين الذين يغارون على وحدة بلادهم ويذودون عنها بشتى الوسائل وبين بعض سياسيينا ومعارضينا المزعومين الذين يتلاعبون بوحداتنا الوطنية كما يتلاعب الأطفال بدمية "اليو يو"؟ لعل الوضع الأخطر في لبنان، حيث عادت حليمة إلى عادتها القديمة تتباهى بطوائفها المتناحرة. ومن الواضح أن القوى التي لا تريد لبلادنا سوى التمزق والتشرذم عادت لتعزف على الوتر الطائفي في لبنان. ولا أدل على ذلك المحاولات الدولية لتجريد حزب الله من سلاحه. فعلى الرغم من أن ظاهر تلك المحاولة قد يبدو سياسياً إلا أن الهدف المخفي منها طائفي أيضاً، إذ هناك عملية شحن وتحريض للطوائف الأخرى كي تتصدى لحزب الله. وكاد وليد جنبلاط أن يقع في الفخ عندما راح يطالب بنزع سلاح المقاومة بأية طريقة، لكنه عاد إلى رشده بعد اجتماع مع السيد حسن نصر الله الذي لجمه بسؤالين عندما قال له:" متى سنبدأ بإطلاق النار على بعضنا البعض يا وليد بيك، ألا تعلم أن تصريحاتك الأخيرة قد تؤدي إلى أنهار من الدم؟" وعلى ما يبدو أن جنبلاط فهم الرسالة وتوقف عن اللعب بالنار مرحلياً. وكم أحزنني وأخافني موقف بعض المعارضين المصريين الذين يدّعون الليبرالية عندما دخلوا على خط الصراع بين المسلمين والأقباط في الاسكندرية! فمن جهة تجد كاتباً مصرياً وقد صدّع رؤوسنا بالحديث عن فضائل الديموقراطية والانفتاح والتسامح والليبرالية وقبول الآخر ومن جهة أخرى تراه يسفر عن وجهه الطائفي القبيح عندما يسخّر قلمه السخيف للشحن الطائفي والغرق في التباكي على حقوق الأقليات ضارباً عرض الحائط بحقوق الأغلبية. لماذا لا يتعلم هذا "الليبرالجي" العتيد وأمثاله من أسياده في الغرب الذين يعيّرنا دائماً بتسامحهم وحضارتهم؟ ألا يقدسون وحدتهم الوطنية ويربأون بأنفسهم المتاجرة بها كما يفعل هو بطريقته الطائفية المفضوحة والدنيئة؟ إن أوطاناً تسكن على هذا الصفيح الساخن الطائفي البغيض وهذا التنوع العرقي الكثير,لا بد لها من انتهاج سبيل قويم غير ذلك الطرح العليل من تأجيج النيران وإثارة النعرات، وإيجاد كافة السبل للم شمل الأوطان وتوحيدها وتعزيز لحمتها لا توتيرها وتجييشها الذي سيذهب بالجميع إلى الجحيم. ومن هنا كانت القوانين المتشددة في الغرب حيال هذا الموضوع الحيوي والهام الذي يجب أن يبقى حصيناً وبعيداً عن متناول العباد، بينما يقاربه جهابذتنا الأفذاذ في المعارضات بكل اللامبالاة غير آبهين,أو ربما غير مدركين لما ستؤول إليه الأمور جرّاء اللعب, وولوج هذا القطاع الحساس. وكي لا نبرئ الأنظمة العربية الحاكمة من التلاعب بالوحدات الوطنية لا بد من التذكير بأن هناك أنظمة كثيرة تلاعبت بالنسيج الوطني لأغراض أقلوية وفئوية بغيضة. لكن هذا يجب ألا يجعلنا نغض الطرف عن الحملة الاستعمارية الجديدة التي تستهدف وحدة الأوطان بهدف تفتيتها وبعثرتها. فالبرغم من كل مساوئها وحكمها الأقلوي تبقى الأنظمة العربية أقل خطراً على الوحدة الوطنية في البلاد العربية خاصة إذا ما علمنا أن الاستراتيجية الاستعمارية الجديدة تقوم بالدرجة الأولى على إنهاك المجتمعات العربية اقتصادياً واجتماعياً كي تكون جاهزة في اللحظة المناسبة للتفكيك والتشتيت والتفتيت إلى شظايا. لقد حاصر الأمريكيون العراق أربعة عشر عاماً ومنعوا عنه حتى أقلام الرصاص وجوعوا شعبه وأنهكوه بشتى الوسائل مما جعله في النهاية عرضة للانهيار ومن ثم التشرذم الطائفي والعرقي والمناطقي. وبالتالي يجب أن نفهم جيداً أنه مهما كانت الوحدة الوطنية قوية ومتماسكة في أي بلد فإنها لا تستطيع الصمود إلى ما لا نهاية إذا ما اشتدت عليها الضغوط الداخلية والخارجية. ولو تعرضت أي دولة غربية للضغوط السياسية والاقتصادية والإعلامية والدعائية كما تعرضت بعض الدول العربية لما استطاعت الحفاظ على نسيجها الوطني. وقد لاحظنا كيف أن المسؤولين البريطانيين يخشون على وحدتهم الوطنية من نكتة بسيطة تتناول التركيبة العرقية في البلاد، فما بالك لو أنهم تعرضوا لحملات إعلامية شريرة ومسعورة لا هم لها سوى الشحن الطائفي والعرقي ليل نهار والعزف على الأوتار الاجتماعية الحساسة. وفي الوقت الذي نحيي فيه الغربيين على غيرتهم العظيمة على وحدتهم الوطنية نناشدهم ألا يعبثوا بوحدتنا وأن يتوقفوا عن ألاعيبهم التقسيمية الشيطانية التي دفعت الشعوب ثمنها من استقرارها ودمائها وخبزها وحريتها. كما نناشد مثقفينا وإعلاميينا ومعارضينا وسياسيينا أن يتعلموا من الدول الاستعمارية التي تدافع عن وحدة بلادها بالحديد والنار، وهي على حق، فلا قيمة لأوطان تسكنها طوائف وملل ونحل وقبائل وبطون وأفخاذ متناحرة وتنام وتصحو على الصراعات الطائفية والدينية والعرقية القاتلة وتمضي وقتها بالتهديد والوعيد، وتلهي نفسها بثقافة التخوين والتكفير. ----------------------------------------------------------------------------------------------- صحيفة الشرق القطرية 27-11-2005

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.