لماذا لا يتراجع النظام عن قراراته؟! العديد من القرارات والأزمات التي أقحمت حكومة شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، نفسها فيها؛ رغم حالة الغضب والسخط التي كانت تسيطر علي الشعب من تلك القرارات، ولكن لم يلتفت المسئولون بداية من الرئيس وحتى حكومته، فتحذيرات من الدخول في مشروع قناة السويس الجديدة، بسبب عدم جاهزية الدولة، بالإضافة إلى رفض اقتصاديين وخبراء في ذلك المجال لصندوق النقد الدولى، نظرًا لتأثيره علي الاقتصاد والمواطن البسيط بشكل سلبي، أما عن الجانب السياسي، فالعلاقات الدولية كان لها تأثير قوي في الأزمات التي طالت النظام من خلال الاعتراضات القوية التي علي اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير"، وكانت من آخر الأزمات التي طالت النظام سياسيًا هي قرار إزالة المنازل بجزيرة الوراق، والتي لاقت حالة من الغضب الشعبي نتيجة عدم رغبة القوى السياسية والمدنية لأفعال النظام الحالى. قناة السويس خرجت العديد من القوي السياسية والمهتمة بالشأن الداخلي بتحذيرات متعددة للنظام والرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد قراراه بإنشاء تفريعة جديدة لقناة السويس، والتي أكد النظام، أنها ستنعش الاقتصاد المصري، عن طريق زيادة الدخل الذي تدره قناة السويس، ولكن الخبراء أكدوا أن مصر غير جاهزة اقتصاديًا لتجمل الأعباء الخاصة بفتح مسألة التمويل الداخلي من المواطنين بعائد كبير، دون الوثوق في مسألة أن القناة فعليًا ستدر المبالغ التي أعلنها رئيس هيئة قناة السويس، المهندس مهاب مميش. وبعد سنوات من افتتاح القناة، تأكدت النظرية التي قالها خبراء الاقتصاد بشأن العائد الذي تراجع بشكل كبير، الذي تدره قناة السويس، وأصبحت الدولة في عائق بسبب الفائدة التي أقرتها علي نفسها من المواطنين الذين شاركوا في شهادات الاستثمار الخاصة بالقناة والتي كانت بفائدة أكثر من 12% من قيمة الشهادة. صندوق النقد الدولي حذر الخبراء المعنيون في الشئون الاقتصادية مرارًا وتكرارًا، من الدخول تحت طائلة قرض صندوق النقد الدولي، حيث سيكلف مصر الكثير من الأزمات، ويقحمها في مشاكل كبرى مع المواطن محدود الدخل، ولكن لم تستمع الحكومة لهذا الصوت، لتؤكد أن صندوق النقد يجب أن يحصلوا عليه، في إطار الخطة لتعديل المستوي الاقتصاد المصرى، ووضعت بالفعل خطة إصلاح اقتصادي، سارت عليها منذ عام تقريبًا، وجنت الحكومة ثمار أول شريحة من الصندوق، ولكن جاءت بشكل إيجابي علي سد عجز الموازنة العامة للدولة، ولكن لم تسد احتياجات المواطن، بل زادت من أعبائه بعد قرارات تعويم الجنيه، وتحرير سعر صرف العملات الأجنبية، بالإضافة إلي رفع الدعم عن البنزين والسولار الذي أدي إلي ارتفاع أسعار الخدمات التي يحصل عليها المواطن. تيران وصنافير أثارت اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين المملكة العربية السعودية ومصر، حالة من الغضب الشعبي لدى القوي المدنية والسياسية والشبابية في مصر، نظرًا لرفضهم توقيع الحكومة والرئيس عبد الفتاح السيسي لإعادة الترسيم الذي أدى إلي التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير"، وخرجت تلك القوى المعارضة بدعاوى قضائية وتظاهرات شعبية ولكن لم يلتفت النظام لهذه الاعتراضات، وسار في اتجاه التسليم الفعلي للجزر، عن طريق إرسال الاتفاقية إلي مجلس النواب لإقرارها ومن ثم تصديق الرئيس السيسي عليها، دون الالتفات إلي الآراء الأخرى المعارضة للاتفاقية. جزيرة الوراق دخلت جزيرة الوراق، في بوتقة الاعتراضات علي قرارات الحكومة، حيث كانت الجزيرة من ضمن الجزر المتنازع عليها بين الحكومة والأهالي، ورفض الأهالي تسليمها بعد الأنباء التي تواردت لهم بشأن أن الحكومة تريد الاستيلاء علي الأرض لبيعها بعد ذلك لأحد المستثمرين إماراتي الجنسية، وخرجت العديد من القوى السياسية والثورية، وأعلنت رفضها التام لما تقوم به الحكومة من قرار إزالة وهدم منازل الأهالي، وطالبت بسرعة التدخل لوقف هذا الإجراء نهائيًا، بعد الاشتباكات التي وقعت بين الأهالي وقوات الأمن، وأدت إلي وفاة شخص وإصابة العشرات من الأهالي المدافعين عن أرضهم ومنازلهم. فمن جانبه قال مختار الغباشي، الخبير السياسي، إن النظام الحالي يسير علي منهج الصوت الواحد، دون سماع للأصوات الأخرى، من الخبراء السياسيين أو الاقتصاديين، حول ضرورة أن يتم اتخاذ أي قرارات بعد مناقشات ضرورة مع القوى المعنية بالأمر. وأضاف "الغباشي"، في تصريحات ل"المصريون"، أن دخول النظام في تحدٍ مع المعارضين لبعض القرارات التي يتخذها، لم يولد إلا حالة من الغضب، والتي قد تنتهي بثورة عارمة ضد القرارات التي وصفها ب"غير المدروسة"، مشيرًا إلي أنه من الضرورة علي الحكومة أن تستمع إلى صوت الخبراء والكفاءات قبل اتخاذ إي قرار وإعلانه علي الرأي العام. وفي ذات السياق قال، حسن نافعة، إن النظام سير علي خطى ثابتة نحو الهاوية، خاصة وأنه لا يستمع إلا إلى صوته، دون الاستفادة من خبرات السابقين من الخبراء في المجالات التي تخص تلك الشئون، مشيرًا إلي أن القرارات السياسية والاقتصادية التي تقرها الحكومة يجب أن يتم وقفها لحين الانتهاء من الأزمات التي وقعت فيها الدولة بفعل القرارات السابقة بداية من قناة السويس وحتى آخر قرار بإخلاء جزيرة الوراق لبيعها كما يزعم البعض. وأضاف "نافعة"، أن عدم تراجع النظام عن بعض القرارات التي تتأكد له أنها كانت خاطئة يأتي من باب حفظ النفوذ والسيطرة، بالإضافة إلي الظهور أمام الرأي العام بأن النظام لا يخطئ، بل إن المعترضين هم الذين يسعون لتحطيم المصريين ووقف عجلة الإنتاج والإصلاحات التي يقوم بها النظام، وهي النظرية الخاطئة، حيث إن من يعترض علي قرار أو سياسة لابد وأن يستمع النظام والمسئولون لهذا الصوت إما بإقناعه برأيهم أو إما بإقناع النظام بالتراجع عن تلك القرارات.