لا حديث فى مصر حالياً إلا عن نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة والتحالفات التى تتم استعداداً لجولة الإعادة التى ستجرى يومى 16 و17 يونيه القادم. وبرغم أن الكثيرين خاصة من ينتمون إلى القوى الثورية يرفضون نتائج الانتخابات، خاصة ما يتعلق بوجود الفريق أحمد شفيق فيها, إلا أننى أرى فيها شيئاً إيجابياً للغاية لا يتعلق بترحيبى بوجود شفيق فى جولة الإعادة لأننى – وأقسم بالله على ذلك - لم أصوت له فى الجولة الأولى للانتخابات.. ولكن هذا الشىء الإيجابى يتعلق بأن هذه النتيجة التى حصل عليها شفيق ساهمت وبشكل غير مسبوق فى توحيد الغالبية العظمى من القوى والائتلافات الثورية والسياسية فى مواجهة أحمد شفيق باعتباره رمزاً للنظام السابق.. وهذه النتيجة أيضاً أعادت الحديث وبشكل أكثر جدية حول ما يسمى بضرورة تحقيق حلم التوافق الوطنى والتوقف عن المشاحنات والصراعات السياسية والشخصية والتى لم تجنِ مصر من ورائها فى فترة ما بعد الثورة إلا نتائج سلبية وغير مبشرة، وهو الدرس الذى يجب أن نعيه جيدًا إذ كنا جادين فعلا فى بناء مضر وليس مجرد كلمات تتردد أو شعارات ترفع لمجرد البحث عن الشو الإعلامى أو تحقيق بطولات سياسية زائفة ومضللة. وقد أعجبتنى الدعوات التى انطلقت فى أعقاب إعلان نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة لتوحيد الصف السياسى فى مواجهة فلول النظام السابق.. ولكن هذه الدعوات وحتى يتحقق الهدف منها لابد أن تكون لها رؤية مستقبلية شاملة وليس مجرد أحلام وردية أو صفقات تجرى لأهداف خاصة سرعان ما تتلاشى بمجرد انتهاء الانتخابات الرئاسية وانتفاء الغرض منها وتعود – ريمة لعادتها القديمة - وتعود مصر كما كانت فى الفترة الماضية ساحة خصبة لصراعات وأزمات طاحنة لا تنتهى. إننى على المستوى الشخصى أعلم تمامًا أن من حق أى مرشح أو حزب أن يعقد صفقات فى مواسم الانتخابات بشرط أن تكون مشروعة وفى العلن.. وألا يكون هدفها الأول والأخير الحصول على مغانم أو مكاسب شخصية أو سياسية على حساب الوطن ومستقبله.. ولذلك أرجو مخلصاً أن تكون مثل هذه الدعوات للتوافق الوطنى بداية حقيقية ومخلصة لبناء مصر لنثبت للعالم أننا شعب متحضر وقادر على حماية ثورته التى قام بها وقضت على عهود طويلة من الظلم والقهر والديكتاورية. فى المقابل تبقى نقطة مهمة يمكن أن نطرحها فى صورة سؤال هو: ماذا لو فشل تحالف القوى الثورية والسياسية فى إنجاح الدكتور محمد مرسى فى جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة أمام منافسه الفريق أحمد شفيق؟ وهل سيقوم البعض بثورة فى حالة حدوث ذلك حتى لو جرت تلك الانتخابات بنزاهة وحياد؟ وللإجابة عن هذا التساؤل أكتفى بأن أشير إلى كلمة أعجبتنى للناشط السياسى وائل غنيم، وهو أحد الوجوه البارزة فى ثورة 25 يناير، والذى سبق أن هاجمته وانتقدته كثيرًا على صفحات (المصريون).. حيث قال وائل وهو الأدمن لصفحة "كلنا خالد سعيد"، والتى تعد الأشهر على الموقع الاجتماعي الفيس بوك، إنه سيحترم نتيجة الانتخابات الرئاسية أيًا كان المرشح الذى سيفوز بها طالما لم تشهد العملية الانتخابية تزويراً. وقال إن الجميع عليه أن يحترم خيار الشعب، مشيرا إلى أنه لم ينزل يوم 25 يناير لكى يطيح بالرئيس السابق مبارك، ويأتى هو ومن معه من ثوار الميدان برئيس بمزاجهم يحكم المصريين. وأوضح أنه فى النهاية الثورة هى معركة وعى، ومن يؤمن بها عليه ضم أناس جديدة إليها لا أن يبقى سفيرًا للسوء ينفر الناس من أفكارها ويساهم فى صنع حواجز نفسية تمنعهم من الانضمام لصفوفها.