المعركة الرئاسية لم تنته بعد، وباتت فى لحظة فارقة بين مرشح تم اعتقاله ليلة 27 يناير قبل جمعة الغضب، التى أسقطت الآلة الأمنية لنظام مبارك، ومرشح قاد "موقعة الجمل"، التى كنت أحد شهودها، وشيعنا خلالها العديد من الشباب الأطهار الذين صعدت أرواحهم إلى الله فى ليلة لن تمحى من الذاكرة. الثورة لم تنته، وهى تخوض معركتها الأخيرة والفاصلة ضد بقايا نظام المخلوع والفلول وقوى الثورة المضادة، بعد تكبدها خسارتين فادحتين فى معركة التنحى، وانتخابات البرلمان، وبقيت معركة الرئاسة وهى معركة نكون أو لا نكون. الرسالة الأولى: التى أبعث بها لجموع الإخوان هى رسالة تقدير لهذا الجهد الضخم الذى استطاع فى أقل من شهر أن يسابق 12 مرشحًا، منهم من انطلقت حملته الانتخابية منذ أكثر من عام، فضلا عما حظوا به من دعم دولى ومالى وإعلامى، هذا بإلإضافة إلى النجاح الكبير فى تجاوز تداعيات حرب التوك شو الموجهة للجماعة ليلا ونهارا، ومعركة التشويه التى طالتها، وهو إنجاز لا يمكن لأى مراقب محايد أن يتجاهله أو يغمض الطرف عنه. الرسالة الثانية: أن المرشح الرئاسى د. محمد مرسى نجح فى خوض جولة الإعادة بحصوله على ستة ملايين صوت، فى حين أن قائمة الميزان حصدت اثنى عشر مليون صوت فى معركة الانتخابات البرلمانية، الأمر الذى يعنى أن الإخوان فقدوا كتلة تصويتية كبيرة، نسبة معتبرة منها صوتت للمرشح المفصول من الجماعة د. عبدالمنعم أبوالفتوح، والنسبة الأخرى أعربت عن استيائها من أداء الإخوان جماعة وحزبها فى البرلمان وفى اللجنة التأسيسية للدستور، وفيما يتعلق بعلاقتهم مع المجلس العسكرى، فعاقبتهم تصويتيًا، وحرمتهم من أصواتها، وهو أمر يجب أن يكون محل تساؤل ودراسة، دون تكبر أو تقليل من شأن الأمر. الرسالة الثالثة: أن المعركة ضد رئيس وزراء "موقعة الجمل" لا تحتمل الحسابات الخاطئة، أو التقليل من شأن القوتين التصويتتين اللتين حصلا عليهما المرشحان د. عبدالمنعم أبوالفتوح، وحمدين صباحى، بما يزيد على 8 ملايين صوت، وهى قوة يجب استمالتها لإنقاذ المنصب الرئاسى من رجل مبارك، والذى يخوض معركة الفلول الأخيرة متسلحًا بدعم عربى ودولى وإسرائيلى، وحشد مالى وإعلامى وأمنى، وترى فيه أجهزة أمنية واستخباراتية الأمل الأخير لإجهاض الثورة المصرية، وتبديد أجواء الربيع العربى. الاستماتة هنا تكتيك سياسى فى المقام الأول، وسلوك لا غبار عليه ما دام الأمر يستهدف مصلحة الوطن، فالأمر لا يحتمل تكبرًا من أحد، أو إقصاء لأحد، ويكفى أن يتذكر الجميع أن انقسام الإسلاميين بين 4 مرشحين "أبوإسماعيل، مرسى، أبوالفتوح، العوا"، هو السبب الرئيسى فى هذا الورطة التى وقعنا بها، وكان من الممكن حسم المعركة من الجولة الأولى إذا خلصت النوايا وتوحدت الصفوف، ونال الإسلاميون كتلة ال 18 مليون صوت التى نالها "الميزان والفانوس"، فى سباق البرلمان. أخيراً.. رسالة للجميع "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".