يكابر أصدقائى الذين لا يرون فى حصول شفيق على خمسة ملايين ونصف المليون صوت خطرًا، ولا حتى نذير خطر، ويعتقد الكثيرون خاصة مغتربين خارج الوطن، أن شفيق استفاد من تزوير مارسته أجهزة الدولة لصالحه، مع أن شهادات العيان تؤكد نزاهة وشفافية وروعة الانتخابات، كما أن معايشة للمقاهى والتجمعات، تصيبك بالدهشة لحجم الدعم الشعبى الحقيقى، وأكرر(الحقيقى) الملتف حول شفيق، وليس حبا فى الفريق ولا فى رؤاه، ولا دبابيس أكمام قميصه، بل انقلاب على كل قوى الثورة، التى تنافست رموزها وقياداتها ومعظم تياراتها، فى بناء حاجز من الفصل السياسى العنصري، وتشييد حائط من التعالى على بقية خلق الله، ودفع قطاعات كثيرة من الشعب إلى الاستقطاب باتجاه قوى تعادى الثورة والثوار. أريد أن أقول إنه – بإذن الله- سيخسر الفريق شفيق، ولكن أيضا من التخدير: عدم قولنا إن له فرصًا وأصواتًا ستزيد فى جولة الإعادة. الفريق شفيق، يملك قواعد الحزب الوطنى الخاملة، ويمتلك ضباطا طردتهم الثورة من أبهة مكاتبهم المكيفة، فغادروها، واحتفظوا لأنفسهم بمعلومات وخبرات، وضعوها طواعية بين يدى شفيق، بل الأدهى والأمر، والكارثة التى لن تفلح بإذن الله ولن تمر، هى أن بحوزة شفيق أكثر من أربعمائة شخص كانوا نوابًا ببرلمان ألفين وعشرة المنحل، وكثير منهم، وضعهم يشبه إلى حد كبير وضع (أبى بن سلول)، الذى تأهب لوضع تاج الإمارة فى دائرته الانتخابية، وعاش فى أحلام اليقظة، وحسابات الأراضى والسيطرة والأبهة، فإذا بتباشير الثورة تهب، فتخلع تاج الإمارة، من فوق رأسه الفارغ.. وهؤلاء ينفقون وسينفقون فى جولة الإعادة، ومنهم من له شعبية قبلية أو عائلية حقيقية، من الغفلة أن نغفلها أو نقلل ونهون منها. يبقى الأمل الكبير، واليقين الأكيد- بإذن رب العالمين- أن بمصر رجالا سيقفون بصدق لحب هذا الوطن، سينسون اختلافاتهم مع الإخوان، ويضعوا جانبا معاركهم مع الإخوان، وسيتصدون لكوابيس الأمس، وأول من أعلن ذلك هو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، الذى أعلن على الفور بمجرد تباشير النتيجة، أنه مع مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسى، كما أعلن السلفيون ذلك، وسيخوضون الإعادة خلف مرشح حزب الحرية والعدالة، بكل ما نبضة إخلاص. أما المدهش لى حقا، وسوف أكتب مقالا من خواطر تصريحاته، فهو المخرج خالد يوسف، فالرجل لك أن تختلف معه ومع أعماله، وأن تغضب وتنتقد بحدة، ولكن لا يسعك غير احترامه، حينما يعلن على الفور، أنه سيقف مع الدكتور مرسي، لأن خلافه مع الإخوان سياسى، أما خلافه مع شفيق فهو جنائى. أجل إن ذا يوما لمن يفتدى مصرا، هذا هو يوم لم يقدم مصر على نفسه، ويقدمها على مصالحه الضيقة، هذا يوم لمن لا ينظرون تحت أقدامهم، بل نظرتهم دائما إلى قدام. أما الإخوان المسلمون، فيجب أن يثبتوا خلال الأيام القليلة الفاصلة، أنهم الأخ الأكبر لكل التيارات، وأن يثبتوا أن عباءتهم تسع الجميع، وأن الكل شركاء فى المستقبل، كما الجميع شركاء فى المعركة، ولهذا حديث آخر.