يسعى النظام المتربع على رأس السلطة الآن، بكل ما أوتي من قوة، إلى فرض سطوته وهيمنته على جميع مؤسسات الدولة، وعدم إتاحة الفرصة لأحد لمعارضته أو توجيه النقد واللوم له، لذا لا يتورع عن استخدام جميع الحيل القانونية منها وغير القانونية، بل ربما وصل الأمر في كثير من الأحيان، إلى اللجوء للحيل غير الأخلاقية للوصول لمبتغاه. واتضح أن النظام، يعمل جاهدًا خلال الفترة الماضية، إلى قتل سمعة المعارضة، وتشويه صورة مرشحي الرئاسة أو من يفكرون في الترشح، وأيضا سعى إلى التضييق وحجب الصحف والمواقع المنتقدة لسياساته، إضافة إلى إغلاق الميادين في المناسبات وعدم إتاحة الفرصة للمواطنين للتجمع، وليس هذا فحسب، بل يبحث عن سبل تمكنه من السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي أو التخلص منها. وترصد "المصريون" أبرز من سعى النظام للتخلص منهم، وأيضًا من يحاول حجبهم عن المشهد العام، وهم: مرشحو الرئاسة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، بدأ النظام في استخدام وسائل الإعلام، الموالية له لتشويه سيرة الشخصيات المحتمل خوضها للسباق الرئاسي بصورة متعمدة، ونشر الشائعات التي تعمل بشكل مباشر على ضرب قاعدتهم الشعبية. ولم يكتف النظام بذلك، بل أوعز لبعض المحامين، أن يقدموا بلاغات واهية ضد هؤلاء المرشحين، لتحقيق نفس الغرض السابق، فمنهم من وجُهت إليه تهم تلقي تمويلات خارجية والتعاون مع بعض الدول، ومنهم من اتهم باستيلائه على أراضي الدولة، وآخرون تم إلصاق تهم تعاونهم مع جماعة الإخوان المسلمين، وذلك من أجل قتلهم معنويًا، وتشويه صورتهم. ولعل أبرز هؤلاء كان المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، والمحامي خالد علي، والفريق سامي عنان، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وغيرهم. المواقع والصحف المعارضة فمنذ اللحظة الأولى، يدرك النظام الحالي، أهمية وسائل الإعلام، بكل أشكالها سواء المرئية منها أو المسموعة أو المقروءة، وكذلك للدور الذي لعبته في تأليب المواطنين على جماعة الإخوان المسلمين، والذي انتهى بعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي؛ لذا سعى للتخلص منها بأشكال عدة. وعمل النظام منذ مجيئه، على السيطرة على وسائل الإعلام، والتضييق عليها وتكميم الأفواه، وانتهى به الأمر إلى حجب عدد كبير من المواقع الصحفية، بزعم دعمها للتطرف والإرهاب، وذلك دون وجود أدلة على هذا، أو حتى الإعلان عن الجهة التي قامت بالحجب، مما يشير إلى أن الأمر لا علاقة له بذلك السبب، بل تصفية حسابات، ومحاولة للتخلص من المعارضة. الميادين والمظاهرات وعلى الرغم من أن النظام يتغنى ليل نهار، بتمتعه بظهير شعبي لم يحظ به رئيس من قبل، إلا أنه لا تكاد تمر ذكرى لحدث هام، إلا وقام بغلق الميادين العامة، ومنع الاحتشاد والتجمع، مع تكثيف التواجد الأمني بالشوارع، ما يشير إلى أن تلك الميادين تؤرقه، لا سيما أنها عزلت رئيسيين سابقين. كما أنه لا يسمح لتجمع المواطنين بهذه الأماكن، بل ويتم القبض على المتواجدين بها في حالة سعيهم لتنظيم مظاهرة أو وقفة احتجاجية على قراراته. المعارضة من جانب آخر، يجتهد النظام في البحث عن سبل للتخلص من الشخصيات المعارضة، سواء المنتمية لأحزاب أو جماعات، أو حتى التي ليس لها علاقة بأحد، وتحركها فقط غيرتها على بلدها. إذ إنه في الفترة الماضية، تم إلقاء القبض على أعداد كبيرة من المعارضين، منهم من استمر حبسه احتياطيًا لسنوات، على الرغم من عدم دستورية ذلك، ومنهم من خرج بكفالة، ودون توجيه تهمة حقيقية له، والأسماء كثيرة لا يمكن حصرها. مواقع التواصل الاجتماعي أما مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يستطيع أي شخص من خلالها توجيه النقد للنظام، وإظهار ما يحاول النظام إخفاءه، فيعمل على التخلص منها، وذلك عن طريق تحريك بعض النواب، ليقدموا مشروع قانون لفرض رسوم عليها، وتشديد الرقابة، بحيث يتمكنون من الوصول للمعارضين بسهولة، ما يؤكد بشكل أو بآخر أنه غير راضٍ عنها. وفي هذا السياق، قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن حملات التشويه التي يقوم بها النظام سواء للمعارضين، أو مرشحي الرئاسة، يهدف من خلالها إلى ضرب قاعدتهم الانتخابية، مشيرًا إلى أنه أصبح يدرك أن شعبيته تآكلت بشكل ملحوظ؛ لذلك يسعى للتخلص ممن يحظون بتأييد شعبي حتى يوهم نفسه والمواطنين، بأنه مازال متصدرًا للمشهد السياسي ولا أحد ينافسه. وأوضح صادق، في تصريح ل"المصريون"، أنه في كثير من الأحيان لا تستحق تلك الشخصيات هذا الهجوم، نظرًا لأنهم لم يقوموا بما يلصقونه بهم، ومنهم من لا يتمتع بالشعبية التي ستمكنه من خوض سباق الانتخابات الرئاسية. وأضاف الخبير السياسي، أن النظام يدرك أهمية وسائل الإعلام ودورها الخطير؛ لذا يعمل على فرض سيطرته عليها بشتى الطرق، والأمر نفسه بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي. أما السفير معصوم مرزوق، القيادي بالتيار الشعبي، رأى أن ما يقوم به النظام ضد المعارضة ومرشحي الرئاسة المحتملين، وكذلك الممارسات الخاطئة التي يقوم بها تجاه الإعلام، دليل على خوف النظام، وفقدانه للمؤهلات التي تمكنه، وإقناعه بالإجراءات التي يقوم بها. وخلال تصريحه ل"المصريون"، أكد مرزوق، أن السلطة الواعية، هي من تقوم بإيجاد قنوات للاتصال بينها وبين المواطنين، للتعرف على مشكلاتهم والعمل على حلها، مشيرًا إلى أن "تقييد الحريات، وحجب المواقع الصحفية، والتضييق على حرية التعبير"، ستؤدي إلى انفجار الشعب في وجه النظام. وأكد أن خوف النظام والممارسات الخاطئة التي يقوم بها، ستعمل على كتم المواطنين لغيظهم، لكن سيترتب عليه في النهاية ما لا يُحمد عقباه.