مشروعات السيسي.. هل تحسم انتخابات الرئاسة لصالحه؟

مشروعات ضخمة يعتبرها مؤيدوه "إنجازات".. والمعارضون: "فنكوش"
"الإرهاب" رمانة الميزان أمام صناديق الاقتراع.. وشبح التدهور الاقتصادي يلقي بظلاله
محللون: استمرار غياب المرشحين هو الفيصل.. وشبكة الطرق هي الإنجاز الأوضح

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المُزمع عقدُها بعد نحوِ أقل من عامٍ، تتجه الأنظارُ نحو فرص نجاح الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي بولاية ثانية؛ ففي حين يرى البعض أنّه لن يحظى بالدعم الشعبي في الانتخابات المقبلة؛ بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية والتي تمس المواطن المصري في الصميم، يراهن عددٌ كبيرٌ من مؤيديه على المشروعات الضخمة التي أنجزها النظام في عهده، بحسب رؤية كل منهما.
وخلال فترة تولي السيسي الحكم في ال3 سنوات الماضية، دشن الرئيس عدة مشروعات قوية؛ أهمها قناة السويس الجديدة، والتي تم افتتاحها في 2014، كما تم العمل على زرع مليون ونصف المليون فدان، بالإضافة إلى العمل على تنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية مع حملة مكبرة لاستعادة أملاك الدولة من مغتصبيها، بالإضافة إلى عدد آخر من المشروعات الكبرى، والتي وصفها مؤيدو الرئيس ب"العملاقة"، مشيرين إلى أن ما حققه الرئيس خلال الأعوام الماضية من إنجازات سيتيح له الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة بكل سهولة.
على النقيض من مؤيدي الرئيس، يرى معارضوه أن كل المشروعات التي قام بها السيسي لا تتخطى أن تكون حبرًا على ورق، واصفين إياها ب"الفنكوش".
وفي ضوء ذلك، ترصد "المصريون" أهم المشروعات التي أقيمت خلال ال3 سنوات الماضية مع آراء المحللين حول جدية هذه المشروعات ومدى تأثيرها على المواطن الذي تستعد صناديق الاقتراع لضم صوته الانتخابي.

قناة السويس الجديدة
افتح الرئيس عبدالفتاح السيسي في 6 أغسطس 2015 قناة السويس الجديدة، وهي تفريعة جديدة لقناة السويس من الكيلو متر 61 إلى الكيلو متر 95 بطول 35 كم، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات المرة والبلاح بطول 37 كم ليصبح الطول الإجمالي للمشروع 72 كم من الكيلو متر 50 إلى الكيلو متر 122.
يهدف مشروع القناة الجديدة إلى تلافي المشكلات القديمة لقناة السويس من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد على 11 ساعة في منطقة البحيرات المرة، ويسمح باستيعاب قناة السويس للسفن العملاقة بغاطس 65 قدمًا بتكلفة بلغت 4 مليارات دولار، مما سيساهم في زيادة دخل القناة مستقبلاً، وتمت عمليات الحفر من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والتي استعانت ب17 شركة وطنية مدنية تعمل تحت إشرافها، بالإضافة إلى قناة السويس الجديدة يظهر مشروع تنمية محور قناة السويس وإنشاء مناطق صناعية ولوجستية؛ حيث يعمل المشروع على خلق كيانات، ومجتمعات عمرانية جديدة في المنطقة؛ لجذب كثافة سكانية؛ ولإعادة التمركز بمدن القناة، وسيناء، والاستعداد من جميع الوجوه للاستفادة من نمو حجم التجارة العالمية، خاصة في وجود كيانات اقتصادية عملاقة مثل الصين، ودول جنوب شرق آسيا، والهند، والتي من الممكن أن تغزو السوق الأوروبية والولايات المتحدة في الفترة المقبلة، والتي ستمر حتمًا من خلال قناة السويس وكانت تكلفة هذا المشروع نحو 50 مليار جنيه.

تنمية سيناء
اعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسي المشروع القومي لتنمية سيناء من أهم المشروعات على الإطلاق، وتبلغ تكلفته نحو 150 مليار جنيه، ويشمل إقامة مدن سكنية في سيناء، وتقوم القوات المسلحة بمشاركة العديد من الشركات الوطنية على إنشاء 77 ألفًا و237 وحدة سكنية في شبه جزيرة سيناء قبل نهاية العام الحالي.

المليون ونصف المليون فدان

المشروع القومي الثالث في خطة الرئيس عبدالفتاح السيسي، هو "المليون ونصف المليون فدان"، والذي يهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية لجمهورية مصر العربية وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة بهدف منع التكدس السكاني بالمناطق القديمة من الوجه البحري وصعيد مصر وتوزيع السكان، وتوفير فرص عمل آمنة ومستقرة، وتشجيع فرص الاستثمار وفرص التنمية بالمحافظات الجديدة بمساحة قدرها (1,5) مليون فدان القريبة من البنية الأساسية والمتوفر لها مصادر مياه جوفية.
ويتم تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل؛ المرحلتان الأولى والثانية تشملان مليون فدان بمناطق الفرافرة القديمة والجديدة بمحافظة الوادي الجديد، وامتداد الداخلة والمغرة وقرية الأمل وتوشكى وغرب المراشدة، وغرب كوم أمبو بمحافظة أسوان، والمراشدة بمحافظة قنا، وغرب المنيا بمحافظة المنيا، ومناطق امتداد جنوب شرق المنخفض بمحافظة الوادى الجديد، وشرق سيوة بمحافظة مطروح، أما المرحلة الثالثة تشمل منطقة الطور بجنوب سيناء وغرب المنيا وامتداد جنوب شرق المنخفض ومناطق أخرى.

وبلغ إجمالى عدد الآبار بالمشروع 5114 بئرًا بتكلفة نحو 19.8 مليار جنيه، وإجمالي ما تم التعاقد عليه حتى 3 ديسمبر 2015 بلغ (1471) بئرًا بتكلفة نحو 2.3 مليار جنيه، وتم تنفيذ 658 بئرًا بنسبة 44.7%، وجارٍ تنفيذ 38 بئرًا بنسبة 2.6%، كما تم حفر 500 بئر بالفرافرة القديمة والجديدة والمغرة ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان (الوادى الجديد - مرسى مطروح ) بتكلفة 435 مليون جنيه.
هذا وقد طرحت شركة الريف المصري المشرفة على المشروع، في أكتوبر الماضي المرحلة الأولى منه للمستثمرين على مساحة 500 فدان في مناطق الفرافرة والعلمين وتوشكى، ومن المتوقع طرح المرحلة الثانية، بعد انتهاء شهر رمضان.

الطرق التنموية
المشروع القومي الرابع في عهد الرئيس السيسي يتمثل في الخطة القومية لشبكة الطرق التنموية، ويستهدف مشروع الشبكة القومية للطرق إقامة30 ألف كيلومتر، بتكلفة 100 مليار جنيه، حيث تبلغ تكلفة الكيلومتر طولي الواحد 15 مليون جنيه، و75% من تلك الطرق، في صعيد مصر، وسوف يضيف المشروع طرقًا جديدة بنحو 15% لشبكة الطرق السريعة البالغة 26 ألف كم، أبرزها مشروع إنشاء المرحلة الأولى من الطريق الدائري الأوسطي بطول 22 كم وتكلفة 536 مليون جنيه، ومشروع طريق الصعيد / البحر الأحمر قطاع (1) من الكيلو صفر سفاجا حتى الكيلو 30 بطول 30 كم وتكلفة 185 مليون جنيه، وطريق الصعيد / البحر الأحمر قطاع (2) من الكيلو 30 حتى الكيلو 80 بطول 50 كم وتكلفة 213 مليون جنيه، وطريق الصعيد / البحر الأحمر قطاع (4) من الكيلو 100 حتى الكيلو 180 بطول 80 كم وتكلفة 401 مليون جنيه، وطريق وادي النطرون – العلمين (القطاع الثالث) بطول 35 كمزدوج و10 كم مفرد بتكلفة 640 مليون جنيه، وطريق جنوب الفيوم / الواحات بطول 125 كم عدا قطاع الدير بتكلفة 557 مليون جنيه، وجارٍ تنفيذ الطريق الدائري الإقليمي من بنها حتى طريق الإسكندرية الصحراوي (القطاع الرابع) (15 كوبري ونفقًا) بطول 10 كم وتكلفة مليار جنيه، وجارٍ تنفيذ الطريق الدائري الإقليمي من بنها حتى طريق الإسكندرية الصحراوي (القطاع الخامس) ( 30 كوبرى ونفقًا) بطول 17 كم وتكلفة 1,9 مليار جنيه.

العاصمة الإدارية
من المشروعات الضخمة التي يتبناها الرئيس السيسي هو المشروع القومي للمدن الجديدة بتكلفة 150 مليار جنيه، وتعتبر العاصمة الإدارية الجديدة، من أهم أعمال هذا المشروع؛ حيث يتم العمل الآن على تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة على مساحة 10500 فدان والعاصمة الإدارية هو مشروع واسع النطاق أعلنه وزير الإسكان المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري يوم 13 مارس 2015 بهدف نقل كل الوزارات والسفارات هناك.

المليون وحدة سكنية

المشروع القومي للإسكان، والمعروف إعلاميًا (مشروع المليون وحدة سكنية)، بتكلفة 185 مليار جنيه، حيث يتم تنفيذ المشروع على مدار 5 أعوام في كل أنحاء الجمهورية، سواء داخل نطاق المحافظات أو في نطاق مدن المجتمعات العمرانية الجديدة، ويعد هذا المشروع الأضخم في تاريخ مصر المعاصر.
وحتى الآن تم الانتهاء من 500 ألف وحدة سكنية، تم الانتهاء من تنفيذ 220 ألف وحدة منها، بتكلفة 30 مليار جنيه، ويجرى تنفيذ 280 ألف وحدة أخرى، بتكلفة 42 مليار جنيه، و100 ألف وحدة تم تخصيصها من الوحدات التي تم الانتهاء.

الكهرباء
المشروع القومي للكهرباء، بتكلفة 500 مليار جنيه، حيث تعمل الدولة على تطوير الشبكة القومية للكهرباء لاستقبال القدرات الإضافية لها، وتطوير محطات التحكم، وهو مشروع يهدف إلى مضاعفة الإنتاج القومي من الكهرباء من نحو 27 ألف ميجا من الكهرباء إلى 54 ألفًا، وتم التعاون فيه مع شركات عالمية، مثل (شركة شل) وشركة سيمنز التي وردت لمصر أحدث محطات توليد الكهرباء.

تأشيرة الفوز بالانتخابات
يعتبر الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي، أن ما حققه الرئيس عبدالفتاح السيسي، من إنجازات، تتيح له الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة بكل سهولة، ويتفق معه الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة التجارة للبحوث الاقتصادية؛ حيث يرى أن هناك عددًا من المشروعات الكبرى سيأتي بالنفع الكبير على الاقتصاد المصري خلال فترة تولي الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي حكم مصر، ومن أهم هذه المشروعات، مشروع قناة السويس الجديد أو ازدواج القناة، وقد تم الترويج للمشروع باعتباره مشروع الوطن، وبالفعل تم طرحه للاكتتاب العام، وحصل المشروع عن نحو 68 مليار جنيه في أقل من عشرة أيام عمل، ولو تم طرحه للمصريين بالخارج لجمع على الأقل عشرات المليارات دولار.
ويضيف عبدالمطلب: "لكن للأسف فإن انخفاض أسعار البترول بنحو 50? أدى إلى تراجع عائدات القناة بعدما كان متوقعًا زيادتها، وأصبح نقد المشروع واعتباره إهدارًا للمال العام له مبررات، بل وأصبح له قبول إلى حد ما في الشارع المصري.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه رغم أن العمل يجرى بمشروع العاصمة الإدارية على قدم وساق إلا أن تأثيرها مازال بعيدًا عن اهتمام المواطن العادي، ويبقى الإنجاز الواضح والذي يتفق الجميع على أهميته هو شبكة الطرق التي تم تدشينها على مستوى الجمهورية؛ حيث يراها الكثيرون نقطة البداية للتنمية.
وعن تأثير هذه المشروعات على الانتخابات الرئاسية المقبلة يقول الخبير الاقتصادي الرئاسي، إن المسألة مختلفة، حيث إنه ورغم أن الفترة المتبقية للانتخابات الرئاسية بسيطة فإنه من الواضح عدم وجود مرشح منافس للرئيس عبدالفتاح السيسى فحتى الآن لم يظهر حزب فاعل فى الشارع المصري بالمعنى الحقيقى لكلمة فاعل وحتى على مستوى الشخصيات العامة، فالاتهام بأنهم كومبارس لا أكثر يلقى قبولاً عند غالبية المصريين، ولم تتمكن القيادات التقليدية في إقناع رجل الشارع المصري بأنهم يملكون برنامجًا قد يكون أفضل مما يملكه الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وتبقى النقطة الأهم أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يعتمد على مؤسسة لها فاعلية وقوة وتنظيم وهي الجيش، بينما لا يمتلك الآخرون أى سند أو مؤسسة أو ظهير شعبي أو حتى نسبة من التمثيل البرلماني.

متولي: مشروعات السيسي "فنكوش"

على النقيض يرى الدكتور خالد متولي، عضو حزب الدستور، أن المشروعات التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه الرئاسة وحتى هذه اللحظة كلها مشروعات إعلامية فقط وليس لها صلة بالواقع، مشيرًا إلى أنها "فنكوش".
ويضيف متولي أن أول هذه المشروعات والتي تم عمل حملة إعلامية كبيرة للترويج عن كونها أهم مشروعات القرن الجديد هي مشروع حفر قناة السويس الجديدة، وعلى الرغم من ذلك إلا أن كل المؤشرات تؤكد أن القناة الجديدة ليس لها أي فائدة مرجوة منها.
ويتابع: "العاصمة الإدارية الجديدة التي أعلن عنها لن نراها إلا من خلال الإعلام فقط وما تحقق منها جزء بسيط جدًا".
ويشير متولي إلى أن عدم تحقيق هذه المشروعات، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي السيئ كل هذه العوامل ستساهم بشكل كبير نحو فقد الرئيس عبدالفتاح السيسي لعدد كبير من مؤيديه خلال الانتخابات الرئاسية القادمة.
وعلى جانب آخر، يرى محللون أن كل ما تم من إنجازات في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي بعيدة كل البعد عن المواطن المصري البسيط الذي يكتوي بنار الغلاء والتفجيرات والأوضاع السيئة اقتصاديا وأمنيا، ما يشير إلى صعوبة أن تحسم هذه المشروعات المنافسة الانتخابية المقبلة كما يردد البعض، إلا أن تصاعد الأعمال الإرهابية وما تشهده المنطقة بشكل عام جراء أفعال الجماعات المتطرفة والإرهابية ربما يكون لها وزن كبير في حسابات المواطنين بينما هم يقفون أمام صناديق الاقتراع.