ِشارك صحافة من وإلى المواطن    الآلاف فى ختام مولد السيد البدوى «شىء لله يا شيخ العرب»    وزارة العمل: حملات تفتيش مكثفة على 6192 منشأة خلال 16 يومًا    المحافظون فى الشارع لمتابعة التزام محطات الوقود و«المواقف» بالأسعار    الحكومة ترفع أسعار البنزين والسولار وتثبتها لمدة عام    انعقاد أولى جولات الحوار الاستراتيجى بين مصر والهند    مصرع طفل بعد هجوم كلب ضال في قرية دقدوقة بالبحيرة    سقوط 3 متهمين بالنصب على راغبي شراء الشقق السكنية    عاتبه على سوء سلوكه فقتله.. تشييع جثمان ضحية شقيقه بالدقهلية    مهرجان ل«الموسيقى العربية» ينطلق بصوت آمال ماهر    مين فين؟    تكريم منة شلبي فى افتتاح الدورة الثامنة من «الجونة السينمائى»    أحمد كريمة: مقتل عثمان بن عفان كان نتيجة «الفتنة السبئية» التي حرض عليها اليهودي بن سبأ    اعتراض لاعبي الدوري الإسباني على قرار إقامة مباراة برشلونة وفياريال في ميامي    مباراة ال6 أهداف.. التعادل يحسم مواجهة باريس سان جيرمان وستراسبورج    رئيس الاتحاد يشيد بأداء فرق السلة بعد تحقيق العلامة الكاملة في الدوري المرتبط    أسعار اللحوم فى أسيوط السبت 18102025    اسعار الفاكهة فى أسيوط السبت 18102025    «السياحة» تشارك في رعاية الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي 2025    تفاصيل ضبط طرفي مشاجرة داخل مقر أحد الأحزاب بالجيزة    تعرف على حالة الطقس في أسيوط السبت 18102025    اسعار الحديد فى أسيوط السبت 18102025    الجيش الإسرائيلي يعلن تسليم حماس جثة الرهينة للصليب الأحمر    ستارمر: بريطانيا ماضية في تعزيز دعمها لأوكرانيا لضمان أقوى موقف لكييف    أحمد زعيم يخطف الأنظار ب "مابكدبش".. عمل غنائي راقٍ يثبت نضجه الفني    نجوى إبراهيم تتصدر تريند جوجل بعد تعرضها لحادث خطير في أمريكا وإجرائها جراحة دقيقة تكشف تفاصيل حالتها الصحية    سفارة روسيا في بودابست: مستعدون للتعاون مع المجر لتنسيق لقاء بوتين وترامب    مواقيت الصلاه اليوم السبت 18اكتوبر 2025فى المنيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط السبت 19102025    قناة عبرية: ضباط أمريكيون سيقيمون مركز قيادة في غلاف غزة لقيادة قوات دولية    رئيس البنك الدولى: إعادة إعمار غزة أولوية وننسق مع شركاء المنطقة    زيادة تصل إلى 17 جنيها، تعريفة الركوب الجديدة لخطوط النقل الداخلية والخارجية ب 6 أكتوبر    قرار هام بشأن المتهم بقتل طفلته وتعذيب شقيقها بأطفيح    اليوم.. محاكمة 7 متهمين في قضية «داعش التجمع»    المحكمة الدستورية تشارك في أعمال الندوة الإقليمية بالمملكة الأردنية الهاشمية    الجيش الإسرائيلى يعلن تصفية عنصر من حزب الله في غارة جنوب لبنان    رياضة ½ الليل| مصر تتأهل للأولاد.. يد الأهلي تكتسح.. الغيابات تضرب الزمالك.. وزعزع أفضل لاعب    حكام مباريات الأحد في الدوري المصري الممتاز    20 لاعبا فى قائمة الإسماعيلى لمواجهة حرس الحدود بالدورى    إمام عاشور يذبح عجلاً قبل العودة لتدريبات الأهلى.. ويعلق :"هذا من فضل ربى"    حمزة نمرة لبرنامج معكم: الفن بالنسبة لي تعبير عن إحساسي    مارسيل خليفة: لا أدرى إلى أين سيقودنى ولعى بلعبة الموسيقى والكلمات.. لدى إيمان كامل بالذوق العام والموسيقى فعل تلقائى لا يقبل الخداع والتدليس.. محمود درويش حى يتحدى الموت وصوته يوحى لى متحدثا من العالم الآخر    أنغام تتألق بفستان أسود مطرز فى حفل قطر.. صور    تعرف على طاقم حكام مباريات الأحد فى الدورى الممتاز    محمد صلاح يتألق فى تدريبات ليفربول استعدادا لمانشستر يونايتد    بالم سيتي الإماراتي يتحرك لضم ماريو بالوتيللي    أخبار 24 ساعة.. وزارة التضامن تطلق المرحلة الرابعة من تدريبات برنامج مودة    نائب وزير الصحة تناقش "صحة المرأة والولادة" في المؤتمر الدولي ال39 بجامعة الإسكندرية (صور)    اللواء بحرى أركان حرب أيمن عادل الدالى: هدفنا إعداد مقاتلين قادرين على حماية الوطن بثقة وكفاءة    الإثنين، آخر مهلة لسداد اشتراكات المحامين حاملي كارنيه 2022    إسلام عفيفي يكتب: الطريق إلى مقعد جنيف    «الوطنية للانتخابات»: قاعدة بيانات محدثة للناخبين لتيسير عملية التصويت    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    ما هي صلاة النوافل وعددها ومواعيدها؟.. أمين الفتوى يجيب    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات في السرائر لا في الظواهر
نشر في المصريون يوم 20 - 06 - 2017

سبحان مَن يدبّر أمر الخلائق والعباد في عليائه ، لا يشغله شأن عن شأن ، و لا تعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ، قائم علي أمر كل شيء ، وكل شيء قائم به .. سبحانه وتعالي ، الرحمن الرحيم ، الحكيم اللطيف الخبير ، مصدر كل خير ، يسبغ علي عباده نعمه الظاهرة والباطنة ، منها مايعلمها العباد ، ومنها ما يخفي علي الكثير ، ولا يلحظها إلا أقل القليل .!
و ما أكثر ما تغيب عنا حكمة الحكيم في قدره وأفعاله ، فتغرنا الظواهر ، وتشغلنا عن التأمل فيما تحمل في طياتها من الآيات والسرائر..!
فكم من منح اغتر بها العباد ، واستُدرجوا بها من حيث لا يعلمون ، وكم من محن ضاق بها العباد ، فا نقلبت إلي منح وبركات ..!
ولله درّ مَن قال :
قد ينعم الله بالبلوي وإنْ عظمت ** ويبتلي الله بعض القوم بالنعم .!
• فقد يمرض الإنسان ، وتشتد عليه الآلام ، وتحيط به من كل مكان ، حتى يشفق عليه كل الأنام ، وما دروْا ما أعده له – مع صبره واحتسابه - اللطيف الخبير العلاّم من التكفير عن الخطايا والآثام ، حتى يلقاه في نعيم الجنان بعد ما وفاه أجره بغير حساب .! " .. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ " (الزمر, الآية :10)
وجاء في الحديث : عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) رواه البخاري برقم ( 5318 ) - واللفظ له - ، ومسلم برقم ( 2572 ) ، والبيهقى في " شعب الإيمان " برقم ( 9828)
وفي حديث آخر ، عن النبي صلي الله عليه وسلم ، قال:(ما يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة) أخرجه الترمذي في سننه.
• وقد يصح للإنسان بدنه ، ويُمد له في المال والجاه ، فينشغل بالنعمة ويُعرض عن ربه ومولاه ، ويقوده الغرور والطغيان ، حتي يلقي حتفه وهو سادر في الغي والنسيان ، ولا يري أمامه إلا البوار والخسران .! ..
" كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى*أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى " (العلق , الآيات : 6- .. "وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " (الحشر ,الآية: 19)
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" (المنافقون , الآية : 9)
• وقد يخطف الموت شابا من بين يدي والديه ، فيحزنان عليه ، ويملآن الدنيا حسرة عليه ، بيد أن المدقّق فيما يخلف الله عليهما – إذا حمدا واسترجعا – خيرا منه في الدنيا والآخرة ، يجعله يري المحنة منحا وبركات ...
".. وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ " (البقرة ، الآيات : 155-157)
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا مات ولد العبد قال الله عز وجل لملائكته : قبضتم ولد عبدي ، فيقولون نعم . فيقول قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون : نعم . فيقول ماذا قال عبدي ؟ فيقولون حمدك واسترجع . فيقول : ابنوا لعبدي بيتا في الجنّة ، وسمّوه بيت الحمد " ) رواه الترمذي بسنده عن أبي سنان)
وروى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنّة "
هذه منح المصيبة علي الوالدين ، أما علي الناس : فكم من غافل تنبه ، وكم من نائم استيقظ ، وكم من لاه تذكّر ، وكم من ضال اهتدي ، وكم من شارد عاد ، وكم وكم .. من الأسرار واللطائف التي لا يحيط بهما إلا اللطيف علام الغيوب والسرائر !
والقياس علي ماسبق من أمثلة في ضروب الحياة - بسرائها وضرائها - لا يُعد ولا يُحصي ، والعبرة بأن تشغلنا البواطن فنتأمل فيما وراءها من حكم وأسرار ، ولا تلهينا الظواهر ونغترُّ بها فلا نري ما في باطنها من الدرر والجواهر .
أما تري البحر تعلو فوقه جيف ** وتستقر بأقصي قاعه الدرر . !
تأمّل هذه القصة :
( كان لأحد الملوك وزير حكيم وكان الملك يقرّبه منه ويصطحبه معه في كل مكان ، وكان كلما أصاب الملك ما يكدره قال له الوزير "لعلّه خير" فيهدأ الملك.
وفي إحدى المرات قطع أصبع الملك فقال الوزير "لعلّه خير"
فغضب الملك غضباً شديداً وقال ما الخير في ذلك؟! وأمر بحبس الوزير . فقال الوزير الحكيم "لعلّه خير".
ومكث الوزير فترة طويلة في السجن.
وفي يوم خرج الملك للصيد وابتعد عن الحرّاس ليتعقب فريسته ، فمرّ على قوم يعبدون صنما فقبضوا عليه ليقدموه قرباناً للصنم ، ولكنهم تركوه بعد أن اكتشفوا أن قربانهم أصبعه مقطوع ..
فانطلق الملك فرحاً بعد أن أنقذه الله من الذبح تحت قدم تمثال لا ينفع ولا يضر ، وأول ما أمر به فور وصوله القصر أن أمر الحرّاس أن يأتوا بوزيره من السجن واعتذر له عما صنعه معه ، وقال أنه أدرك الآن الخير في قطع أصبعه ، وحمد الله تعالى على ذلك.
ولكنه سأله : عندما أمرت بسجنك قلت "لعلّه خير" فما الخير في ذلك؟
فأجابه الوزير أنه لو لم يسجنْه لَصاحَبَه فى الصيد ، فكان سيُقدَّم قرباناً بدلاً من الملك ، فكان في صنع الله كل الخير.!! )
ولعلّ ما تتجرّعه أمتنا – لحظة بعد الأخري - من السموم النّاقعات ، دواء لها ، يُوقظها من سباتها ، ويُصحّح مسارها ، ويجمع شتاتها ، ويعيدها إلي سالف عزّها وعظيم مجدها..!
جعلنا الله من أولي الأبصار الذين لا تشغلهم الظواهر عن التأمل في بواطن الأمور ، ومكامن الأسرار !
----------
باحث وكاتب في الفكر الإسلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.