ستكون مهمة الرئيس القادم لمصر أشبه بالمستحيل، ولن نشعر بأى تغيير، إن بقيت أوضاعنا الحياتية على هذا النحو، فلدينا رصيد ضخم من الأنانية، وإهمال الشأن العام، والكسل والتراخى، وهدر الوقت والموارد.. إلخ، وهذه أمور لا يصلحها قانون بقدر ما تصلحها رغبة قوية فى التغيير من أجل الوطن. الرئيس فرد، والفرد لا يملك وحده تغيير كل شىء، ولو كان فذاً أو عبقرياً، وفى حالتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية يبدو الأمر شاق للغاية ويتطلب عملاً مُتقنًا دءوبًا، وإرادة فولاذية لا يتسرب إليها وهن، وقدرة على التضحية والتحمل حتى يسترد الوطن عافيته وعنفوانه، وذلك لا يمكن تحقيقه إلا برغبة جمعية تبدأ من تأهيل الذات للاتساق مع المستجد الثورى الذى تجلى يوم 25 يناير. أزعم أن العبرة ليست فى روعة البرنامج ولا فخامة المشروع الذى يحمله الرئيس القادم لأن التنظير والتخطيط على الورق أمر لا صعوبة فيه، ولكن المعضلة التى لا يتكلم فيها أحد هى: كيف نهيئ المصريين فى المرحلة القادمة لتنفيذ ما ورد بهذا البرنامج أو ذاك، كلٌ فيما يخصه، بداية من العامل وحتى الوزير؟، لأنى أرى التركيز منصب على شخص الرئيس، وكأنه يملك عصا موسى، وما عليه إلا أن يشير بها إلى العُقد فتنفك فوراً، فذا مسلك سيشكل - فى رأيى - ضغطاً مُربكاً على الرئيس القادم أياً كان هو. إن النمط الفكرى السائد لدى مفكرينا ودوائر إعلامنا والذى يفضى إلى مَحْوَرة الإصلاح والتغيير حول شخص الرئيس فقط يجب أن يتغير، لأنه فكر أثبتت التجربة بواره وخسرانه، فعلاوة على أنه يمثل ضغطاً على شخص من يحكم، فإنه يشكل فى ذات الوقت دعوة خفية للتعالى والغرور بالسلطة تتشكل ملامحها باستتباب الأمر وثبات دعائم المقعد، وعليه وجب التحذير من الانزلاق إلى هذا الفخ الذى نذهب إليه طائعين ثم نعض بعد ذلك أصابع الندم. نحن أمام تاريخ جديد لمصر يجب أن يكون لكل مصرى فيه سطر أو كلمة أو حرف أو نقطة، فكلنا بجميع مستوياتنا وقدراتنا ومؤهلاتنا مسئولون عن نهضة هذا البلد، ولا عذر لمن يتقاعس أو يسوق الحجج، لأن الوطن يحتاج إلى كل جهد ويحتاج إلى كل بذل، ومهمة أهل الفكر والإعلام أن يشعروا الناس بأهمية أدوارهم فى المرحلة القادمة، وأن لا يسفهوا من أى دور مهما صَغُر، لأن كل الأدوار تقف على قدم الندية والمساواة فى المرحلة المقبلة.. هكذا تفعل اليابان وأمريكا وسواهما.. كل مواطن لديه العقيدة الراسخة بأنه شريك أصيل فى نهضة بلده، لذلك يفخر بدوره ويؤديه على أتم وجه. أملى أن ننتفض من على مقاعد المتفرجين بأن نكون « فاعل» لا «مفعول به»، فالفاعل يأتى دائماً فى المقدمة. [email protected]