بعد أكثر من نصف قرن في خدمة الأزهر الشريف, تُوفي الشيخ محمد الراوي، عضو هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية, عن عمر يناهز 89 عاما. "الراوي" الذي وُلد في فبراير 1928، وعاش طيلة حياته يدافع عن عدة قضايا أهمها الوحدة العربية، ونشر الدين الإسلامي، والحفاظ عليه من مدخلات الحداثة، تُوفي صباح اليوم، الجمعة، ليخرج العالم الإسلامي كله ناعيًا الرجل، مذكرًا بدوره في نهضة الدين الإسلامي. التحق "الراوي"، بالأزهر الشريف بكلية أصول الدين، ثم تخرج فيها عام 1954، عمل بعد تخرجه مفتشًا بوزارة الأوقاف؛ حتى التحق بمجمع البحوث الإسلامية، والمكتب الفني بالمجمع, إلا أنه سافر إلى نيجريا؛ بسبب الشيخ محمد فرغلي. والذي لا يعلمه الكثير أن خال "الراوي" ووالد زوجته هو القيادي الإخواني الشيخ محمد فرغلي، والذي تم إعدامه ضمن قيادات جماعة الإخوان المسلمين؛ إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وتعلم "الراوي"، على يد الشيخ هاشم مرسي، بمحافظة أسيوط، واستطاع حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة, ويمكن القول إن "الراوي" ممن تفوقوا على أساتذتهم، فألف العديد من الكتب الدينية، وقدّم برامج تليفزيونية حققت نسب مشاهدة عالية؛ خاصة في شهر رمضان الكريم، أشهرها "كان خلقه القرآن"، على إذاعة القرآن الكريم، و"السيرة النبوية"، وغيرها من البرامج الدينية. لحية الشيخ البيضاء وعمامته الأزهرية وعلمه الغزير لم يتوقف عند العلوم الدينية، وإنما شهدت حياته العديد من المعارك السياسية, حيث حارب "الراوي" ضمن القوات المصرية في حرب فلسطين عام 1948, ما جعله يوجه نقدًا واسعًا للحكام العرب، مطالبًا بوحدة الأمة العربية، وإقامة العدل في بلاد المسلمين, كما وجه نقدًا واسعًا لمفتي الديار المصرية الأسبق، علي جمعة؛ بسبب تلفظه ضد دكتورة جامعية بألفاظ خارجة. كل هذه المواقف جعلت من الشيخ الجليل نبراسًا للعلم, وجهة للأزهر الشريف, فقيدًا مهمًا من الصعب أن تعوضه الأمة العربية والإسلامية؛ ما جعل الأزهر الشريف يلغي احتفالية تأسيسه ناعيًا "الرواي", ووصفه العديد من علماء الأزهر الشريف والمسلمين بأنه عاش حياته كلها لم يقبل الضيم.